لهب الثورة يطال فاروق حسني وزير الثقافة السابق

بلاغ للنائب العام يتضمن 400 مستند يطالب بمنعه من السفر والتحفظ على أمواله

جندي مصري يعيد طفلا إلى والده، بعد ان التقط معه صورة تذكارية فوق مدرعة (رويترز)
TT

كشف بلاغ تقدم به متخصصون في شؤون الآثار ومسؤولون بهيئة الآثار المصرية للنائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود، ضد وزير الثقافة السابق فاروق حسني، عن وقائع «يشيب لها الولدان» - على حد وصف أحد المحامين المصاحبين لمقدمي البلاغ - تثبت إهدار مئات الملايين في إسناد عمليات مشبوهة وسرقة تراث الآثار المصرية والتعامل مع عدد من أعضاء عصابات المافيا ليقوموا بالإشراف على عمليات ترميم الآثار المصرية، مما أدى إلى فقدان مصر لعشرات الآلاف من القطع الأثرية وضياع مئات الملايين عليها.

كما كشف مقدمو البلاغ وهم: علي عبد الحليم القماش، الباحث المتخصص في شؤون الآثار. والدكتور عبد الرحمن العايدي، والدكتور نور الدين عبد الصمد، المسؤولان بالمجلس المصري الأعلى للآثار عن تضخم ثروة الوزير السابق للثقافة، وحددوا ممتلكاته وقصوره وأماكنها وقيمتها بالمستندات.

وبلغ مجموع المستندات المقدمة والمرفقة بالبلاغ الذي حمل رقم 1024 لسنة 2011 بالمكتب الفني للنائب العام 400 مستند تم وضعها في 28 حافظة مستندات، وعدد 3 كتب وثقت لجميع سرقات الآثار في عهد فاروق حسني، وعدد 2 «سي دي» (أسطوانة مدمجة).

ونسب البلاغ - الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه - إلى الوزير السابق أنه قد رفض في واقعة غير مسبوقة استرداد عشرة آلاف قطعة أثرية مصرية قامت سيدة ألمانية بالإبلاغ عن اكتشاف وجودها في متحف خاص كامل بألمانيا في غضون عام 2006، حيث قامت الجهات القضائية بمخاطبة شرطة الآثار وقتها للتأكد من صحة بلاغ السيدة الألمانية، التي أكدت تحرياتها صحة البلاغ وأن كل هذه القطع من الآثار الفرعونية وبها آلاف القطع من الذهب الخالص، وأنها من الآثار المصرية التي تمت سرقتها منذ عام 1999 (في عهد الوزير أيضا). وعلى الرغم من ذلك لم يقُم الوزير بالعمل على مخاطبة السلطات الألمانية لاسترداد هذه الكنوز الثمينة المسروقة من تراث مصر، والتي لا تقدر بثمن، بل إن السيدة الألمانية التي أبلغت عن الواقعة وحددت عنوان وجود الآثار المسروقة قد حضرت إلى مصر لمقابلة المسؤولين بوزارة الثقافة، إلا أنهم رفضوا مقابلتها بتعليمات من فاروق حسني. وضاعت على مصر هذه الثروة الأثرية النادرة التي سرقت من مصر وتم تهريبها في عهد الوزير، وحينما سنحت الفرصة لاستردادها رفض. وهو أمر مريب وصفه البلاغ بالتواطؤ الجلي لنهب كنوز مصر الأثرية.

وكشف البلاغ عن قيام الوزير السابق للثقافة بالتعاقد مع ستة أفراد أجانب يحملون الجنسية الإيطالية للقيام بالإشراف على الكثير من عمليات الترميم والترويج للآثار المصرية في غضون عام 2000، حينما أعلن الوزير عن عزمه إنشاء أكبر متحف مصري يضم كل الآثار المصرية بمنطقة ميدان الرماية بالجيزة. وقد كشفت الصدفة وحدها عن هوية الأشخاص الستة الذين احتفى الوزير بهم وكرمهم وقدمهم للصحافة المصرية على أنهم خبراء في التسويق للآثار المصرية، وما هم إلا أعضاء نافذون بالمافيا الدولية الإيطالية، وذلك عندما نشرت الصحف الإيطالية أسماءهم وأنهم مطلوبون للعدالة هناك بتهم تتعلق بالاستيلاء على مليارات الدولارات من عدد من الدول، التي تقدم ممثلوها ببلاغات ضدهم، بعد قيامهم بعمل مشروعات وهمية في هذه الدول. الغريب أن مصر كانت الدولة الوحيدة التي لم تتقدم بأية بلاغات ضد أعضاء عصابة المافيا الإيطالية.

ومن بين التهم الكثيرة نسب البلاغ أيضا إلى الوزارة تقاعسها عن تحصيل مئات الملايين من الدولارات قيمة سماح الوزارة لجهات أجنبية بالحصول على عشرات الآلاف من القطع الأثرية النادرة لعمل معارض في الخارج. وتبين أن الوزارة لا تقوم بالتعاقد مع دول أو هيئات رسمية، بل مع شركات خاصة مجهولة، والتي قامت بدورها بعدم السداد بعد الانتهاء من المعارض، وتعللت الوزارة بأنها لم تعثر لهذه الشركات على عنوان لتحصل منها قيمة حصولها على الآثار المصرية لعرضها في معارض دولية، واعتبرت الوزارة هذه الديون، التي تبلغ وفقا للبلاغ مئات الملايين من الدولارات، في حكم الديون المعدومة.

وطالب مقدمو البلاغ بالتحفظ على أموال وممتلكات الوزير السابق فاروق حسني ومنعه من السفر لحين الانتهاء من التحقيقات في الوقائع المنسوبة إليه والمدعمة بمئات المستندات الرسمية المرفقة به. وقد أمر المستشار النائب العام بالبدء فورا في التحقيقات في وقائع الانحرافات وإهدار المال العام وتضخم الثروة بطرق غير مشروعة، المنسوبة إلى الوزير السابق، حيث تم تكليف أحد معاوني النائب العام بالبدء في التحقيق حيث من المنتظر مثول فاروق حسني أمام جهات التحقيق خلال ساعات لاستجوابه في ما نسب إليه.