باريس تفرض رقابة مشددة على العمليات المالية المصرية بما فيها العائدة للرئيس مبارك

الاتحاد الأوروبي يدرس طلبا بتجميد أرصدة عدد من كبار المسؤولين المصريين السابقين

جنديان مصريان وسط مدرعتين أمام نصب الجندي المجهول في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

استجابت باريس للطلب الرسمي الذي تقدمت به وزارة الخارجية المصرية من أجل تجميد الموجودات المالية لعدد من المسؤولين المصريين السابقين، من غير أن يكون بينهم اسم الرئيس المصري السابق حسني مبارك أو أي من أفراد عائلته. وبحسب باريس، فإن اللائحة المقدمة من مصر تقل أسماؤها عن عشرة أسماء وعلى الأرجح سبعة أسماء. وقالت الخارجية الفرنسية أمس إن باريس «ستعالج» و«تستجيب» للطلب المصري، وإن ذلك سيتم في إطار «التعاون» مع السلطات المصرية الجديدة. فضلا عن ذلك، تريد فرنسا أن يتم التعاطي مع الموضوع في إطار جماعي أوروبي. ولهذا الغرض، فقد تقدم ممثل فرنسا لدى الاتحاد الأوروبي بطلب لمناقشة الملف خلال اجتماع الممثلين الأوروبيين في العاصمة البلجيكية أمس من أجل اتخاذ قرار جماعي بشأنه.

وقامت باريس، على الصعيد الفرنسي المحض، بتحريك هيئة مكافحة تبييض الأموال التابعة لوزارة الاقتصاد والمال، التي أصدرت أمس بيانا قالت فيه إنها أصدرت تعميما للمصارف الفرنسية أو العاملة في فرنسا للتنبيه لأية حركة أموال «مشبوهة» عائدة لمصريين. وبحسب ما نقلته تقارير إخبارية عن مسؤولين في الهيئة المذكورة، فإن التعميم يتناول الرئيس المصري السابق وعائلته كما يتناول عددا من كبار المسؤولين والموظفين المصريين السابقين. وبذلك، تكون باريس أول بلد داخل الاتحاد الأوروبي فرض «حراسة» على الأموال العائدة للرئيس المصري السابق أو لأفراد عائلته بانتظار أن يتخذ الاتحاد المذكور القرارات اللازمة بهذا الخصوص. وكانت سويسرا سبقت فرنسا باتخاذ قرار مماثل. غير أن سويسرا ليست عضوا في الاتحاد.

وجاء في البيان الصادر عن هيئة مكافحة تبييض الأموال أنه «بالنظر للأحداث الأخيرة التي حصلت في مصر، فإن جميع العاملين في الحقل المصرفي مدعوون إلى التزام اليقظة الشديدة واتخاذ إجراءات التحوط» في ما خص الموجودات المصرية. ودعت الهيئة المصارف إلى إخطارها «فورا» بكل عملية مالية «مشبوهة» تتم في مؤسساتها. وفسرت الهيئة ما تعنيه في البيان المنشور على موقعها على الإنترنت، بأن المقصود سحب مبالغ نقدية ضخمة أو شراء معادن ثمينة أو تحويلات مالية كبرى.

ويكمل الإجراء الفرنسي مستلزمات الطلب الرسمي المصري لا يتناول سوى بضعة أسماء بينما تدبير هيئة مكافحة تبييض الأموال عام وشامل.

غير أن باريس لم تظهر العجلة نفسها التي أظهرتها عقب خلع الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، حيث اتخذت تدابير مالية «احترازية» فورية وفي الليلة نفسها التي غادر فيها الرئيس التونسي بلاده إلى جدة. ولم تتوافر لـ«الشرق الأوسط» تفسيرات مقنعة لهذا التأخر علما أن الناطق باسم وزارة الخارجية قال أمس إن الحكومة الفرنسية لم تتوان أو تتأخر في الرد، مشددا على الحاجة إلى «رد أوروبي» جماعي على الطلب المصري.

على صعيد آخر، أعلنت المجموعة السياحية الفرنسية (كلوب ميد) الناشطة في مصر وتونس والمغرب، أنها ستعيد فتح مراكزها في مصر بداية الشهر القادم في خليج العقبة والبحر الأحمر «بغض النظر عما تنصح به وزارة الخارجية» الفرنسية. وكانت المجموعة نفسها أعلنت قبل يومين عن إعادة فتح «قريتها» الاستجمامية في جزيرة جربا التونسية.

من ناحية اخرى بدأ الاتحاد الأوروبي أمس دراسة تجميد أرصدة عدد من كبار المسؤولين المصريين السابقين، بناء على طلب من وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.

وقالت كاثرين آشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن «الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تلقت طلبا من وزير الخارجية المصري الاثنين من أجل تجميد أرصدة بعض كبار مسؤولي النظام السابق! لكن ليس الرئيس السابق حسني مبارك وعائلته»، في حين قررت فرنسا حتى الآن وضعها تحت الرقابة في انتظار صدور قرار رسمي. وقال مصدر دبلوماسي إنهم سبعة أشخاص منهم خمسة نواب واثنان من المقربين منهم، ويمكن الكشف عن أسماء أخرى.

وفي واشنطن، أعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن الحكومة المصرية قدمت إلى الولايات المتحدة الطلب نفسه الذي قدمته إلى الدول الأوروبية لتجميد أرصدة مسؤولين سابقين، عملوا مع الرئيس السابق حسني مبارك. وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، إن الطلب لا يشمل مبارك نفسه.

وفي برلين، قالت مصادر حكومية ألمانية إن مصر طلبت من ألمانيا تجميد حسابات خاصة بشخصيات بارزة في النظام المصري السابق.

وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله، على هامش اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في بروكسل: «أرسلت الحكومة المصرية طلبا بتجميد الأرصدة إلى العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ولنا أيضا»، مضيفا «نبحث الأمر وسنتخذ قرارا في غضون فترة زمنية قصيرة».

وفي زيورخ، قال سياسيون سويسريون بعد أن جمدت الحكومة أصولا للرئيس المصري السابق حسني مبارك إنه يجب على سويسرا أن تشدد قوانين مكافحة غسل الأموال بما يجعل بنوكها لا تقبل أموالا نهبها «حكام طغاة».

وقالت سوزان لوتنجر أوبرهولتزر، وهي نائبة برلمانية من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، إنها تريد دراسة مقترحات لتغيير القانون بحيث يتعين على الزعماء الأجانب الراغبين في استخدام الخدمات المصرفية في سويسرا إثبات أن أموالهم نظيفة.

وكانت سويسرا قد أصدرت بالفعل قرارا بتجميد الأصول المحتملة لمبارك لتكون بذلك سباقة على الاتحاد الأوروبي في اتخاذ مثل هذا الإجراء كما فعلت مع الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الشهر الماضي.

وتضاربت التقارير بشأن ثروة الرئيس المصري السابق وأسرته، حيث قالت تقارير إنها تتراوح بين 40 و70 مليار دولار، في حين قالت أخرى إنها نحو 5 مليارات دولار.