حمدين صباحي لـ«الشرق الأوسط»: لن يحصل أي تيار سياسي على أغلبية تمكنه من حكم مصر منفردا

قال إنه لا يفضل محاكمة مبارك أو طرده من مصر بشرط رد أموال الشعب

حمدين صباحي
TT

حمدين صباحي، النائب السابق بالبرلمان المصري ووكيل مؤسسي حزب الكرامة (تحت التأسيس)، شخص ذو توجه قومي، نجح خلال العقدين الماضيين أن تكون له كاريزما خاصة مكنته من الفوز بمقعد برلماني لعدة دورات حتى تم إسقاطه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، كما نجح في نيل ثقة وتقدير معظم القوى الوطنية والسياسية بما فيها التيار الإسلامي والتيار الليبرالي، بجانب استئثاره بدعم وتأييد قطاع عريض من الشباب.

قاد حمدين، الذي ما زال في بداية الخمسينات من عمره، بمساعدة الشباب حملة ليكون مرشحا شعبيا للرئاسة والنضال ضد إسقاط قيود الترشيح بالمادة 76 في الدستور في ظل نظام مبارك، بينما تحول في الثورة المصرية الحالية إلى «فرد» ضمن الثائرين.

خاض مع أعضاء حزب الكرامة نضالا منذ 14 عاما لنيل رخصة قانونية للحزب ولم يحصلوا عليها حتى الآن، بسبب قيود السلطة والنظام السابق على الرغم من صدور العديد من الأحكام القضائية لصالحهم. وفي ظل الأوضاع المصرية الحالية، هناك كثير من الإشكالات والتداخلات التي تحتاج لرؤى وحلول كل فصيل سياسي. ومن بين تلك الرؤى، كانت رؤية صباحي، الذي كان لنا معه هذا الحوار..

* ما موقفك من البيان الخامس للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وما جاء فيه؟

- البيان خطوة كبرى في طريق إنجاز أهداف الثورة وإثبات شرعيتها التي اقتضت إصدار دستور جديد، لكن هذا لا يغني عن كوننا في حاجة لحكومة انتقالية وطنية، تشكل من كفاءات مدنية أو عسكرية، تمثل الشراكة في الثورة بين المواطنين والشعب الذي قاد الثورة والجيش الذي انحاز لها، ونحتاج لمجلس رئاسي انتقالي يدخل فيه مشاركون من الشعب مع قيادة الجيش.

* لكن كيف تحفظ مدنية الدولة التي حرصت عليها الثورة في ظل وجود حاكم عسكري على رأس السلطة؟

- مدنية الدولة أمر مؤكد، تعهد به الجيش من أول بياناته، ووجود الجيش الآن مرحلة انتقالية، وحكمه من أجل أن يهيئ لدولة مدنية ديمقراطية، ونحتاج الإصلاح أولا بإصدار إعلان مبادئ الدستور التي يسير عليها المجلس الانتقالي، يحرص على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية، وهذا يتم عن طريق لجنة قانونية عبر مدنيين مستقلين بمشاركة القوات المسلحة، وعدة مراسيم لإلغاء حالة الطوارئ، وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، ولدينا مشروع قانون قدمه 100 نائب للبرلمان السابق يمكن الاستفادة منه، وقانون حرية إصدار الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، وتحرير الإعلام، وهذه حزمة تجعل الفترة الانتقالية ثرية، بجانب لجنة تأسيسية لإصدار دستور جديد.

* هل أنت مع محاكمة الرئيس السابق؟

- مبارك أصبح مواطنا مصريا عاديا، ونكتفي بسقوطه ونرفض أن يطارد، بشرط أن يسلم الأموال التي أخذها من دون وجه حق ويعفى من أي محاكمة، ويسري هذا فقط على مبارك دون عائلته أو أي من المقربين، لأنه من المؤسسة العسكرية، ويجب احترام المؤسسة التي أمنت الثورة ودافعت عنها وعن دوره في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

* وهل أنت مع مطالبات البعض برحيله خارج مصر؟

- باعتبار أنه مواطن مصري، فله أن يقرر إن كان يعيش خارج مصر أو داخلها، ولكن عفا الله عما سلف طالما سيرد الأموال التي ليس من حقه.

* هل هذا تتويج لشعار الثورة الذي تم إعلانه ?4الثورة البيضاء»؟

- بل تتويج للثورة النبيلة، فلم تكن ثورتنا بيضاء بشكل عام، لأن هناك أكثر من 300 شهيد سقطوا بعنف من جهات الأمن وآخرين، وكذلك أكثر من 4 آلاف مصاب، فالعفو تعبير عن نبل المصريين.

* بماذا تصف الثورة، وهل تصنفها فعلا على أنها ثورة الشباب فقط؟

- أدق وصف للثورة المصرية أنها «ثورة الوطنية الجامعة»، فهي جمعت الشباب الذين بادروا إليها وينتمون إلى كل الجهات والتيارات السياسية ومستقلين في الوقت ذاته، بجانب الشباب غير المنتمي سياسيا، ثم انضمت كل القوى من عمال وفلاحين وموظفين وأرباب حرف، وهو ما يعبر عن كل مكونات الطبقات الاجتماعية، ولم يكن هناك فرق طبقي ولا ديني بين المصريين في هذه اللحظة، وانحاز إليها الجيش، وهذه الملامح لبنية الثورة تجعلها ثورة الوطنية الجامعة.

* ما ضمان استمرار هذا الاندماج والحالة التي خلقتها الثورة؟

- الضمانة هو الشعب الذي استطاع بعبقريته أن ينجز هذا، وهو القوة العظمى الآن والوطنية الجامعة، مصر عرفت الثورة العظيمة في 1952، قادها الضباط الأحرار ونجحت بانضمام الشعب، وفي يناير (كانون الثاني) 2011 عرفت مصر ثورة قام بها المواطنون الأحرار ونجحت بتأييد الجيش وحمايته لها، لذلك لا بد من ضمان الحفاظ على هذه الشراكة التاريخية بين الشعب الذي قاد الثورة والجيش الذي أيدها.

* هل كان لديك ثقة بأن يحدث هذا بين الشعب والجيش؟

- كان لدي يقين في الشعب المصري أنه سيقوم يوما للتغيير، لكن كان عندي ترجيح للجيش، وفي الفترات الأخيرة وقبل الثورة كان هناك إشارات إلى أنه إذا الشعب تحرك فسوف ينضم الجيش إليه.

* الغالبية في داخل مصر وخارجها لم يكن لديهم أمل في أن يحدث تحرك منظم للشعب المصري ضد النظام، فهل كان لديك ذات الشعور؟

- أنا متصوف في محراب الشعب، وكان أصدقائي يطلقون علي أني رومانسي وحالم، لكن الجيش أدار موقفه بانحياز إيجابي فهو أحد مكونات الثورة.

* كثيرون يرون أن الإخوان المسلمين هم من قاد وحافظ على الثورة، وبالتالي هم أصحاب النصيب الأكبر في جني النتائج؟

- لا أوافق على هذا التخوف، لأن هذه فزاعة سقطت، كان يروج لها النظام السابق والإعلام الحكومي، والغرب اكتشف أيضا هذا، وثبت هذا خلال الأيام الماضية، وطوال فترة الحشد نجح «الإخوان» أن يكونوا جزءا من الثورة وليسوا قادة لشيء، بل انصهروا في الكل الذي لم يكن أحد يعلم لونا له، والدليل أن الشعب أراد لها أن تكون ثورة الوطنية الجامعة لا ثورة فصيل ما أيا كان حجمه أو دوره، والشعب حدد أنه يريد دولة مدنية ديمقراطية تعتمد على العدالة والمساواة.

* ما تقييمك لمستقبل «الإخوان» في ظل الظروف الجديدة؟

- الإخوان اكتسبوا ميزة وفقدوا عيبا، فكسبوا العمل العلني وانتهى عهد الحظر عليهم، وفقدوا ميزة الاضطهاد التي كان الشعب يتعاطف معهم بسببها لأنهم مضطهدين من النظام، أثق بأن الشعب المصري سيكون عادلا في منح صوته ولن يعطي لفصيل معين، وصندوق الانتخاب في مصر لن يعطى لأحد بذاته، وسيأخذ «الإخوان» حجمهم الطبيعي، وأعتقد أن كل القوى الوطنية ستأخذ بحجم ما ساهمت في الثورة أو كما سوف تساهم في الفترة المقبلة. كما أن «الإخوان» ليسوا الأغلبية التي تمكنهم من حكم البلاد منفردا.

* «الإخوان» أعلنوا أنهم لن يتقدموا للرئاسة ولا يريدون أغلبية برلمانية، فهل تصدق هذا؟

- بعيدا عن التصديق الشخصي، فأنا عندي ثقة بالناس أنها لن تعطي أحدا «شيكا على بياض» مرة أخرى، ولن تعود عهود الاضطهاد والانفراد بالحكم مرة أخرى، ولكن هنا أسجل أني أثق بتعهدات «الإخوان»، وسيأخذون بحجم ما يقدمونه من مصالح للشعب، والضمان في النهاية هو قوة الشعب، لهذا عندما تم الهتاف في ميدان التحرير «لا دينية ولا عسكرية.. مدنية ديمقراطية»، كان هذا رسالة قوية لـ«الإخوان» والجيش بأن الشعب يريد أن يحقق إرادته وضمانة في الشعب الذي عادت له ثقته بنفسه ولن يسلم ثورته لأي طرف منفردا.

* قبل الثورة، لم تكن تزيد نسبة التصويت في الانتخابات عن 25%، فهل ترى بعد الثورة أن الأمر سيتغير؟

- بالتأكيد ستشهد إقبالا لم تشهده دولة في العالم من قبل، لأنها ستكون في ظل قوانين جديدة وإشراف قضائي، والدليل ظهر من مشاركة الملايين المصريين في الثورة وكل بطريقته، وجميعهم سيترجمون فرحتهم بالانتصار من خلال إحساسه بقيمة صوته الانتخابي وحرصه عليه.

* كنت مرشحا شعبيا محتملا للرئاسة وقت أن كانت قيود الدستور تمنعك من الترشيح، فهل ننتظر أن نراك مرشحا في أول انتخابات رئاسية؟

- بعد أن فتح الشعب الباب تحولت من مرشح شعبي للرئاسة خلال الأسابيع الماضية لجندي تحت قيادة الشعب، والترشيح رهن الحوار، ولكنه وارد بعد إعادة التداول مع حملات الدعم والقوى الوطنية والشباب الجديد، وربما الشباب يختارون أفضل مني من بينهم.

* من هي الشخصية التي لو ترشحت للرئاسة سيحجم صباحي عن الترشيح؟

- لا أتحدث عن شخصيات، بل عن مواصفات نريدها في مرشح الرئاسة، والرئيس القادم يجب أن يعبر عن أحلام المصريين الذين صنعوا هذه الثورة، وهي تتركز في ثلاث قضايا رئيسية، هي ديمقراطية حقيقية تكفل نصيبا عادلا في السلطة بأن يتمتع كل مواطن بصوت متساوٍ، وصندوق الانتخاب في جميع الهيئات بداية من اتحاد الطلاب حتى الرئاسة، وتوزيع عادل للثروة يعيد توزيع الثورة ويسترد الثروات التي نهبت، وأن يقوم بتنمية حقيقية وإعادة توزيع عائد التنمية لانتشال الفقراء من فقرهم، واستقلال وطني يحقق الكرامة لمصر ويمكنها من استعادة مكانتها التي أهدرها النظام السابق. الآن، كل مصري في الخارج رفع رأسه بعد الثورة ولا بد الحفاظ على أن تظل مرفوعة، ولدي تأكيد أن هناك من المصريين من هم بالآلاف يستطيعون أن يحققوا هذا، والشعب هو الذي يأتي به يحاسبه ويمدد له فترة أخرى فقط أو يسقطه.

* ما شكل النظام الذي تحتاجه مصر، هل هو الرئاسي القائم أم البرلماني في الفترة المقبلة؟

- النظام البرلماني الأفضل لمصر، وليس بالضرورة أن يكون مثيلا للأنظمة الأخرى، والأقرب هو النموذج الفرنسي الذي يقلص صلاحيات للرئيس وينقل غالبية الصلاحيات لرئيس الوزراء، وأعتقد أن أي حكومة الفترة القادمة ستكون حكومة ائتلاف وطني، ولن يحظي حزب واحد بأغلبية مطلقة.

* قلت من قبل إن الجيش شريك للشعب في الثورة، فهل يكون له شراكة أيضا في الحكم؟

- نعم، من خلال وضع دستوري للقوات المسلحة، ليكون لها دور دفاعي عن الوطن وصيانة الدستور وحماية الدولة المدنية الديمقراطية، أي أقرب للنموذج التركي ولكن على الطريقة المصرية دون تكرار أو نقل نماذج أخرى.

* ما موقفك من عمرو موسي وأحمد زويل ومحمد البرادعي؟

- كلها شخصيات لها احترامها، وأي مصري كان له دور في الفترة الماضية نرحب به ونشجعه على أن يستكمل هذا الدور، ومصر مفتوحة لكل من يخدم الشعب، والشعب هو الذي يحكم على تاريخهم، وإلى أي مدى يحققون لهم طموحاتهم.

* تم دعوتك للحوار مع اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية ضمن القوى الوطنية الأخرى.. فلماذا رفضت؟

- لم أرفض الحوار من حيث المبدأ، ودعيت فعلا مرتين ولكني اشترطت شرطين لم يتحققا، إجماع وطني على الحوار ولا أكون منفردا، والثاني أن يحصل المتحاورون على تفويض من المعتصمين في ميدان التحرير، باعتبار أن الموجودين في الميدان أصحاب الحق الأول في تقرير الموقف، وتشاورت مع عدد من الشركاء السياسيين، وأنا ضد التخوين في الحوار، لكن هناك من شارك لعرض وجهة النظر ويعبر عن موقف وطني حقيقي، ولكن هناك من يسيء للحوار من ممثلي الأحزاب. ولم تتحقق أي نتيجة، ولم يكن له أي تأثير، ولم تعط الثورة تفويضا لأحد ولم يدع أحد أنه يمثل من في الميدان، وكثير ممن شاركوا خصم من رصيدهم.

* الاحتجاجات والاعتصامات الحالية في جميع المؤسسات والشركات في مختلف المحافظات، هل لها علاقة بالثورة؟ وما مستقبل ذلك؟

- هذا تعبير عن جوهر الثورة، فهي لم تكن وليده يوم 25 يناير، ولكن من تراكم عمل وطني حثيث، جزء من ملامحه حركات الاحتجاج الاجتماعي وليس السياسي فقط، مثل «كفاية» في 2004 التي كان شعارها «لا للتمديد ولا للتوريث»، وهو جزء تم إنجازه في أول أيام الثورة، ثم حركات المطالبة بأجر عادل ونصيب عادل للثروة، ومنها احتجاجات المحلة في أبريل (نيسان) 2008. وهذا الصعود والتراكم هيئ للثورة ولم يكن أن تقوم من دون أن تهيئ المسرح باحتجاجات شملت العمال والموظفين والسياسيين والقضاة والمهنيين، والآن ما يطلبه المصريون هو الديمقراطية والعيش الكريم ومطالبة كل فرد «بحقه في ثروة وفلوس البلد»، وسيتنامى هذا وأي دستور أو سلطة أو رئيس أو أي حكومة أو برلمانيين جدد ما لم يلتفتوا إلى أن «الخبز مع الكرامة» هو شعار الثورة، والمصريين جميعا سيفقدون أماكنهم، وإذا التفتوا فقط للديمقراطية السياسية فستكون ديمقراطية عرجاء، فلن تحقق الثورة أهدافها إلا بإعطاء الخبز والحقوق الاجتماعية والاقتصادية مع الكرامة والديمقراطية السياسية، وما نراه الآن من احتجاجات سيتكاثر وكل من يريد حقه سيبحث عنه.

* هل سيكون لذلك تأثير سلبي في الاستثمار وجذب رؤوس الأموال الخارجية أو تأثير على الميزانية الداخلية؟

لا، مصر بها إمكانية استرداد عافيتها، والثورة قامت «بسد ماسورة النهب المنظم» بالقضاء على العلاقة الآثمة والزواج غير الشرعي بين السلطة والثروة، وانتهى الحلف الذي نهب الثروة المصرية خلال عشر سنوات، وستكون هناك سلطة جديدة تركز على النهضة لا النهب.

* برأيك، لماذا هب المصريون الآن، وما العوامل التي عجلت بالنهاية ومن السبب؟

- العوامل أولا كثيرة ومتراكمة منذ عقود، لكن من عجل بها النهب المنظم والتحالف غير الشرعي الذي بدأ في السنوات العشر الأخيرة، التي شهدت سلطة جديدة تختلف عن السلطة التقليدية، كانت ضد الشعب لكنها لم تكن متجبرة إلى هذا النحو الذي ظهر العقد الأخير، ولم تكن السرقة بتخطيط منظم في كل مؤسسات الدولة تقريبا وفي ذات التوقيت بالصورة التي شهدتها السنوات الأخيرة.. ثم كانت إقالة عز وجمال مبارك ومن معهم، كان إيذانا بانهيار الصراع داخل الدولة بمطالب الشعب الذي حسمه لصالح النظام القديم مبدئيا، والشعب الذكي أكمل حتى أسقط الفريقين والرئيس.

* البعض يقول إن مصر انتهت اقتصاديا بعد حالات النهب المنظم الذي تعرضت له وهربت منها الاستثمارات العربية، خاصة بسبب طريقة الإدارة؟

- لا ننكر أن هذا كان في السابق.. لكن مع سد بالوعة النهب، الاقتصاد المصري كفيل أن يسترد عافيته، وهذه الثورة ضمن ما استردته قيمة مصر وكرامة المصريين في قلب وطننا العربي، الآن يمكن أن تتدفق استثمارات عربية على مصر لأنها آمنة من نهب المؤسسات التي كانت تضع إتاوات ورسوما غير شرعية على كل مستثمر قادم، كما أنها آمنة بضمانة الشعب. ونطلق نداء باسم الثورة لكل مستثمر عربي أن مصر تسترد عافيتها، وها نحن نطلب الاستثمارات والأموال العربية، فلن يخرج لهم قطاع الطرق مرة أخرى أمثال أحمد عز وجمال مبارك وشلتهم.

* هل هناك تخوف من أن يعود أصحاب رأس المال لما كان عليه الوضع السابق؟

- انتهي دور رجل الأعمال الشرير، ونحن الآن نحتاج رجل الأعمال الشريف، وحان الوقت لظهور الرأسمالي الوطني وليس الوكيل والطفيلي، فكما سيتم غسل جهاز الشرطة ليعود ليخدم الشعب، فلا بد من إعادة غسل مفهوم رجل الأعمال لأنهما أكثر ما دمر البلد وكان لهم بالغ الأثر، فنحن في حاجة لرأس المال الشريف الذي يساهم في صنع تنمية حقيقية وتوزيع عادل للثروة.

* أنت من أنصار إلغاء اتفاقية «كامب ديفيد».. فهل سقطت بسقوط النظام؟ - لا، لأن الجيش أعلن احترامه للاتفاقيات الموقعة مع أطراف خارجية ومنها «كامب ديفيد» إلى أن تراجع كثير من الاتفاقيات في ظل الحكومة القادمة والبرلمان، الذي سيفتح ملفات كثيرة ومعاهدات خارجية فلا يوجد معاهدة أبدية، ولكن الشعب هو صاحب القرار وستتعرض «كامب ديفيد» خاصة للمراجعة.

* كيف ترى طريقة التعامل أو الموقف الرسمي من إسرائيل؟

- من المؤكد أن علاقتنا بإسرائيل قد بدأت في التغير فعليا، لأن مصر التي استردت كرامتها لن تعامل إسرائيل كمصر التي كانت خاضعة للهيمنة الأميركية أو مكبلة بـ«كامب ديفيد»، حتى لو لم تلغ «كامب ديفيد»، ومن المؤكد أن أي نظام قادم لن يأتي لشن حرب على إسرائيل فلا يوجد أحد ينوي للحرب لأن الشعب المصري يريد أن يستمتع بثمار ثورته الحالية، ليس في الحرب ضد إسرائيل، بل بالحرب ضد الفقر والفساد وانهيار التعليم وغياب العدالة، ويؤمن للمصريين حقهم في العيش الكريم والحق العادل من الثورة والديمقراطية، ولكن من المؤكد لن نحاصر غزة ولا نستجدي إسرائيل كما كان، ولن يستمر مد الغاز لإسرائيل كما كان، ولن يبقى موقف مصر من القضية الفلسطينية كما كان.

* هل ما رأيناه من حالة فرح في العالم العربي بنجاح الثورة المصرية له مدلوله وله نتائجه مستقبلا، وما تأثير نجاح الثورة المصرية على العالم العربي؟

- نحيي أولا الثورة التونسية التي كانت عاملا مهما في الثورة المصرية، ومصر هي قلب العالم العربي والقائد الطبيعي له بالجغرافيا والتاريخ والواقع، وإذا صح القلب صح الجسد والعكس، فالاعتلال العربي على مدار العقود الماضية كان بسبب اعتلال مصر، وعندما تصعد مصر يعني هذا صعودا لأمتها العربية، وسنري نتائجه قريبا جدا، لأن الجميع يعرف قدر مصر، التي تسترد الآن قيمتها التي أضاعها نظام مبارك، وتسترد دورها الذي تراجعت عنه أفريقيا وعربيا وعالميا ولقباها الشائع «مصر أم الدنيا».

* الموقف الأميركي البعض يراه أنه السبب في إسقاط النظام وأنه كان مرجحا للثورة المصرية؟

- أميركا طوال عمرها شعب صديق وإدارة معادية، والموقف الأميركي الشعبي جيد وينمو بالإيجاب تجاه مصر، لم يساعدنا أحد ولكننا ساعدنا أنفسنا، فكل المواقف الخارجية كانت ثانوية، والموقف الحقيقي والمؤثر هو موقف الشعب المصري، فالإدارة الأميركية كغيرها من القوى الغربية لعبت لمصالحها المعتادة ولم تكن تريد إغضاب الشعب المصري ولم تكن تريد إغضاب النظام، ونحن الآن ليس بصدد تقييم مواقف بقدر ما نريد من علاقات مستقبلية تضمن الصداقة بين الشعب المصري والخارج، والتعامل بندية من دون تبعية والحفاظ على السيادة الوطنية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وعلى التوازن ولا تكون مصر أداة لتحقيق مصالح دول أخرى على حساب المصالح المصرية أو العربية.