السلطات التونسية ترفع حظر التجول وتمدد العمل بحالة الطوارئ

وزير الثقافة يعلن استرجاع أكثر من 130 قطعة أثرية مسروقة

TT

لا تزال الحكومة الانتقالية في تونس تواجه تحديات متنوعة، فهي مطالبة بضمان الأمن وإرجاع الطمأنينة للمواطنين، بعد أسابيع من أعمال سلب ونهب وتخريب، وفي نفس الوقت هي مطالبة بالتشاور مع كل الأطراف السياسية سواء المشاركة في الحكومة على غرار حركة التجديد والحزب الديمقراطي التقدمي، أو تلك المطالبة بإسقاطها على غرار جبهة «14 يناير»، التي يتزعمها حزب العمال الشيوعي التونسي بقيادة حمة الهمامي.

وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية التونسية رفع حظر التجول بداية من يوم أمس، فيما قررت تمديد العمل بإجراءات حالة الطوارئ بداية من يوم أمس دون أن تحدد تاريخا للرفع الكلي لها، وهو ما يؤكد تواصل التهديدات الأمنية في الكثير من مناطق البلاد.

وقال بيان صادر عن وزارة الداخلية إنه «في إطار الالتزام باليقظة للحيلولة دون كل ما من شأنه أن يخل بأمن البلاد أو ينال من النظام العام وسلامة المواطنين وحماية الممتلكات العمومية والخاصة، تقرر التمديد في العمل بإجراءات حالة الطوارئ بداية من اليوم (أمس) إلى أن يصدر ما يخالف ذلك». وأضاف البيان أن «منع تجول الأشخاص والعربات تم رفعه عن كامل تراب الجمهورية».

وفي سياق ذلك، أعلنت وزارة الداخلية أن فرقة مشتركة تتكون من الحرس والجيش، تمكنت بولاية زغوان (60 كلم عن العاصمة التونسية) من اعتقال عصابة خطيرة تتكون من أربعة عناصر، وذلك إثر عملية مطاردة تواصلت خلال يوم الاثنين.

وأفاد مصدر من إدارة الأبحاث التابعة للحرس الوطني في زغوان بأن العصابة كانت مسلحة بسكاكين وسيوف، وأن أحد عناصرها فر من السجن وارتكب جريمة قتل خلال الثورة.

وبموازاة ذلك، أعلن عز الدين باش شاوش، وزير الثقافة التونسي، أنه تم استرجاع أكثر من 130 قطعة أثرية، ووقع حجز بعض هذه القطع في منازل فخمة في سكرة وسيدي بوسعيد والحمامات، بعد أن تم استغلالها في أعمدة الجدران، وحاشية المسابح، موضحا أن هذه الآثار المنهوبة تخضع حاليا لحماية قوات الجيش ورجال الأمن الداخلي، إلى حين اتخاذ التدابير اللازمة لاقتلاعها من الأماكن المذكورة بطريقة علمية دون إلحاق ضرر بها.

وأفاد الوزير باش شاوش، في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية، بأن المحافظة على المعالم الأثرية، واسترداد ما نهب من آثار وتحف وتماثيل هو من أبرز أولويات الحكومة الانتقالية باعتبار أن التراث المادي مكسب وطني لا ينبغي المساس به أو توظيفه في مجالات غير مشروعة.

وذكر باش شاوش أنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المساحات الأثرية التي تعرضت لتعسف بعض الأفراد في النظام السابق، ملاحظا أن وزارة الثقافة تعمل بالتنسيق مع وزارة الداخلية وقوات الجيش للحفاظ على المواقع الأثرية، مشيرا إلى أهمية دور المواطنين في إعلام السلطات المختصة عن أي نوع من عمليات السطو أو النهب لهذه المواقع على غرار ما حدث في مستودع الموقع الأثري «بجاما زامة ريدجا» في منطقة سليانة حيث تصدى المواطنون بمعية الجيش لعناصر حاولت سرقة محتويات هذا الموقع الأثري.

إلى ذلك، استنكرت وزارة الداخلية أمس أيضا قيام «متشددين» بالتظاهر أمام بعض المعالم الدينية وإطلاقهم شعارات «معادية للأديان» والتحريض على «العنف والعنصرية».

وجاء في بيان، أوردته وكالة الأنباء التونسية، أن وزارة الداخلية «تستنكر بشدة تعمد بعض المتشددين ودعاة التطرف، التظاهر أمام بعض المعالم الدينية ورفع شعارات معادية للأديان والتحريض على العنف والعنصرية والتمييز».

وأضاف البيان ذاته، أن هؤلاء «ليس لهم من غاية سوى النيل من قيم النظام الجمهوري المرتكز على احترام الحريات والمعتقدات والتسامح والتعايش السلمي بين كافة الأطياف وضمان ممارسة الحقوق المدنية».

وشددت الوزارة على أنها «لن تدخر أي جهد للحفاظ على هذه القيم والتصدي لكل من يحاول التحريض على العنف أو إثارة الفتنة بين أفراد الشعب التونسي والمساس بصفو الأمن العام».

وكانت مصادر متطابقة قد تحدثت عن قيام عدد من الأشخاص يوم السبت الماضي بالتظاهر أمام الكنيس اليهودي بالعاصمة التونسية.

يذكر أن الطائفة اليهودية في تونس يقدر عدد أفرادها بنحو 1500 فرد.

ومن جهة أخرى، ذكر بيان صادر عن وزير الداخلية، فرحات الراجحي، أن رئيس الجمهورية المؤقت، فؤاد المبزع، قرر تعيين ثلاثة ولاة جدد في قفصة وسليانة وبنزرت، وهم على التوالي: توفيق خلف الله، والصادق السعيداني، ومحمد حفظي مرابط. وتأتي هذه التعيينات لملء المناصب الثلاثة التي كانت شاغرة. وكان سكان هذه الولايات قد رفضوا الولاة الذين تم تعيينهم في الآونة الأخيرة مما اضطرهم إلى الانسحاب تحت وقع الاحتجاجات المطالبة بتغييرهم للاشتباه في ارتباطهم بحزب التجمع الحاكم سابقا.

على صعيد آخر، لم تبد الحكومة المؤقتة أي موقف إزاء اتفاق 28 حزبا ومنظمة تونسية حول تشكيل مجلس وطني لحماية الثورة يشمل هيئات ومنظمات وطنية لها ثقلها السياسي والاجتماعي مثل الاتحاد العام التونسي للشغل، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للمحامين، وحركة النهضة، وجمعية القضاة التونسيين، ومنظمة حرية وإنصاف.

ويريد القائمون على هذه المبادرة أن يكون المجلس ذا سلطة تقريرية، ويتولى إعداد التشريعات المتعلقة بالفترة الانتقالية، والمصادقة عليها، إضافة إلى مراقبة أعمال الحكومة المؤقتة، وإعادة النظر في تشكيل اللجان المختصة.

وجعلت هذه الصلاحيات، ذات الأهمية، الحزب الديمقراطي التقدمي، الذي رشح أحمد نجيب الشابي لتولي حقيبة وزارية في الحكومة المؤقتة، يسارع إلى رفض ما سماه «كل أشكال الوصاية على ثورة الشعب التونسي»، مضيفا أنه «لا يرى أي مشروعية أو مسوغ لتنصيب هيئة تمنح لنفسها صلاحيات برلمانية ورقابية على السلطة التنفيذية خارج أي تفويض من الشعب».

وقال الحزب في بيان له إنه شارك في كل اللقاءات والمشاورات التي سبقت هذا الإعلان، وأيد تشكيل هيئة سياسية واسعة تضم كل الأحزاب والمنظمات الوطنية لإبداء الرأي والتشاور مع الحكومة في كل ما يهم العملية السياسية في هذه المرحلة الانتقالية، بيد أنه «فوجئ بإصدار هذا الإعلان دون الرجوع للتشاور مجددا رغم ما أبداه من تحفظات واعتراضات»، مؤكدا «رفضه القطعي للأسلوب المنافي لروح وقواعد العمل المشترك»، على حد تعبيره.