محاكمة برلسكوني في 6 أبريل بتهمتين قد تكلفانه السجن 15 عاما

متحدث باسم حزبه: اليسار المهزوم انتخابيا يحاول استخدام القضاء ضد رئيس الوزراء لكنه سيفشل

برلسكوني أثناء وصوله داخل سيارة إلى مقر إقامته في كاتانيا جنوب إيطاليا أمس (إ.ب.أ)
TT

تبدأ محاكمة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، اعتبارا من السادس من أبريل (نيسان) المقبل في ميلانو، بتهمة إقامة علاقة جنسية مع قاصر، واستغلال منصبه للإفراج عنها عند توقيفها، حسب ما أفادت مصادر قضائية أمس. فقد قررت القاضية كريستينا دي سنسو بدء «محاكمة فورية» بحق برلسكوني، وهو إجراء قضائي مستعجل ينص عليه القانون الجزائي الإيطالي في حال وجود «إثبات واضح». وبذلك قبلت القاضية طلبا قدمته النيابة العامة في التاسع من فبراير (شباط) الماضي بهذا المعنى. وستبدأ الجلسة الأولى في هذه القضية التي ستتولاها ثلاث قاضيات، في السادس من أبريل. وتعد هذه أخطر قضية دعائية تواجه برلسكوني، وقد تؤدي في حال الإدانة إلى صدور حكم بسجنه ثلاث سنوات بتهمة الدعارة، و12 سنة بتهمة استغلال منصبه. ونقلت قناة «سكاي تي جي 24» عن محامي برلسكوني قوله: «لم نكن ننتظر شيئا آخر». ولم يعقد برلسكوني مؤتمرا صحافيا كان مقررا في كاتانيا (جنوبا) وعاد إلى روما. وقال دانييلي كابيتزوني المتحدث باسم حزب شعب الحرية الذي يتزعمه برلسكوني «ليس هناك جريمة ولا ضحية، بل محاكمة أطلقت منذ أسابيع في الإعلام». وأضاف «من الواضح أن اليسار المهزوم في الانتخابات والبرلمان يحاول استخدام القضاء» ضد رئيس الحكومة «لكنه سيفشل» في مسعاه. ورئيس الوزراء متهم بإقامة علاقة جنسية مقابل مال مع مغربية قاصر تدعى كريمة المحروق ملقبة بروبي، بين فبراير ومايو (أيار) 2010 واستغلال منصبه للإفراج عنها بعد توقيفها ليل 27 إلى 28 مايو بتهمة السرقة. ونفى كل من برلسكوني وروبي إقامة أي علاقة جنسية وأقرت روبي فقط بأنها شاركت في سهرات عشاء «عادية تماما ومتعقلة».

من جهة أخرى، أعلن أحد محامي برلسكوني القاضي نيكولو غيديني، النائب عن حزب شعب الحرية، أنه سيحتج على صلاحية محكمة ميلانو خلال تصويت في مجلس النواب، حيث يتمتع الائتلاف الحاكم بالغالبية. ويقول غيديني: إن فضيحة روبي من صلاحية «محكمة الوزراء»، وهي مجموعة قضاة يفترض أن تشكل في ميلانو لمحاكمة رئيس الوزراء لجنحة ارتكبها أثناء مهامه. ولن يضطر الملياردير لحضور محاكمته، لكن منذ أن عدلت المحكمة الدستورية جزئيا في 13 يناير (كانون الثاني) الماضي قانونا يمنحه حصانة قضائية لـ18 شهرا، سيضطر في كل مرة إلى تقديم «سبب مشروع» لعدم حضوره الجلسات. يشار إلى أن برلسكوني، المولود عام 1936 في ميلانو، عمل لفترة، قبل دخوله عالم السياسة، مغنيا في علب الليل وعلى السفن المتخصصة في رحلات الترفيه. وفي نهاية الخمسينات كان يبيع مكانس كهربائية، ونال في 1961 شهادة في الحقوق، وجمع ثروته من العقارات عبر بناء مجمعات سكنية قرب مسقط رأسه. وعبر تجهيز هذه المساكن بالقنوات التلفزيونية المشفرة، وضع اللبنة الثانية في ثروته.. الإمبراطورية التلفزيونية «ميدياسيت» التي تدخل قنواتها الثلاث اليوم منازل جميع الإيطاليين.

لكن هذا النجاح لم يتحقق من دون اتصالات كثيفة بعالم السياسة والمال، خصوصا حين وطد برلسكوني علاقته ببيتينو كراكسي، رئيس المجلس الاشتراكي في الثمانينات، الذي أصبح مرشده قبل فضيحة عام 1993 التي اضطرته للرحيل إلى تونس حيث توفي. وعلى غرار أي ثري إيطالي ارتبط اسمه بنادي كرة قدم ووقع اختياره على نادي ميلان الذي أنقذه عام 1986 من الإفلاس وجعله أحد أبرز النوادي في أوروبا. ونجح برلسكوني في أن يحتل طوال 10 سنوات المرتبة الأولى لأصحاب الثروات الكبرى في إيطاليا، قبل أن تؤثر عليه تقلبات البورصة، لكنه لا يزال يحتل المراتب الخمس الأولى. ودخل برلسكوني في 1994 المعترك السياسي، وخلال أسابيع شكل حزب فورتسا إيطاليا. وبعد أن تحالف مع الفاشيين الجدد في الحركة الاجتماعية الإيطالية بزعامة جان فرانكو فيني والشعبويين في رابطة الشمال التي يتزعمها أومبرتو بوسي، فاز برلسكوني في الانتخابات التشريعية في عام 1994. وانهارت حكومته بعد سبعة أشهر مع انسحاب حلفائه منها. وفي 2001 تولي مجددا منصب رئاسة الحكومة حتى عام 2006. وبعد خمس سنوات في السلطة هزم في الانتخابات التشريعية على يد خصمه اليساري رومانو برودي، الذي لم ينجح في الحفاظ على وحدة ائتلافه، مما سمح لبرلسكوني بالعودة إلى سدة الحكم في 2008. وتعد الفضيحة الجنسية الحالية المرتبطة بروبي، الثالثة من نوعها التي يتورط فيها برلسكوني بعد فضيحتي نويمي (مايو 2009) القاصر التي كلفته علاقته بها طلب طلاق من زوجته، وإداريو (يونيو/ حزيران 2009) المومس التي روت تفاصيل ليلة قضتها معه. وستضاف قضية روبي إلى ثلاث دعاوى أخرى ضد برلسكوني (تعرف بقضايا ميلز وميدياست وميدياترايد) التي ستستأنف بين أواخر فبراير ومطلع مارس (آذار) المقبل. وبعدما ألمت به وعكة صحية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 خضع برلسكوني في ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام لعملية لوضع جهاز ينظم ضربات القلب في الولايات المتحدة. كما أجريت له في 1997 عملية جراحية بعد إصابته بسرطان البروستاتا. وفي أواخر عام 2009، ألقى مختل عقليا مجسما لكاتدرائية ميلانو على وجه برلسكوني، فأصيب بكسر في الأنف والأسنان. وتزوج برلسكوني مرتين وله خمسة أولاد وعدد من الأحفاد.