سياسيون مصريون قلقون من مشاركة «إخواني» في لجنة تعديل الدستور

جماعة «الإخوان» تؤكد أن اختياره جاء لصفته الوطنية وليس لعضويته بالجماعة

TT

رغم التوافق على شخص المستشار طارق البشري الذي ترأس عمل اللجنة المكلفة من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بتعديل مواد بالدستور بما يضمن «إقامة ديمقراطية وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة»، فإن تشكيل اللجنة في مجملها أثار تحفظات قوى سياسية في البلاد، خاصة مع مشاركة قيادي بجماعة الإخوان المسلمين في أعمالها.

وعبرت قوى سياسية عن شكوكها حول دور «الإخوان» في المرحلة المقبلة، وقال أمين اسكندر وكيل مؤسسي حزب الكرامة إن معلومات وصلته تفيد بأن اتصالا تم بين قيادات في الجيش وجماعة الإخوان المسلمين للمشاركة في أعمال اللجنة، مشيرا إلى أن الجماعة اختارت القيادي صبحي صالح النائب السابق عن الجماعة في البرلمان للمشاركة في أعمال اللجنة، واصفا مشاركته بـ«المؤشر المزعج».

ونفت جماعة الإخوان المسلمين صحة هذه الأنباء، مؤكدة أن الاتصال بصالح جاء بعيدا عن مؤسساتها وأن اختياره لهذه المهمة جاء بصفته الوطنية وليس باعتباره عضوا في الجماعة. وأشارت مصادر بالجماعة إلى أن مكتب الإرشاد لن يلتقي بصالح خلال فترة عمل اللجنة، مؤكدة أن أعمال اللجنة الدستورية ومداولاتها سرية.

وأضاف إسكندر أنه رغم التقدير الذي يحظى به المستشار طارق البشري والإجماع الوطني على شخصه، فإن التكليفات الصادرة للجنة التي وصف إسكندر عملها بـ«عملية ترقيع للدستور»، هو أمر «غير مبشر، يستلزم مواصلة النضال»، على حد قوله.

وتساءل إسكندر: «لماذا العجلة في إجراء تعديلات دستورية لنقل السلطة، لسنا قلقين من الوقت، كان الأجدى أن يتم تشكيل مجلس رئاسي يضم مدنيين محل إجماع وطني ويعمل المجلس على انتخاب جمعية تأسيسية مهمتها وضع دستور جديد للبلاد». وتابع: «هناك 40 مادة في الدستور تتعلق بسلطات رئيس الجمهورية تحتاج لإعادة نظر وتعديل جذري، كما تحتاج قوانين إنشاء الأحزاب للتعديل، وحزمة أخرى من الإصلاحات كتنقية الجداول الانتخابية».

يتفق الناشط اليساري أحمد بهاء شعبان عضو الجمعية الوطنية للتغيير مع إسكندر حول شخص البشري، حيث قال: «لا أحدد يشكك في نزاهة اللجنة، خاصة أن على رأسها طارق البشري»، لكنه يتساءل: «لماذا صبحي صالح (القيادي الإخواني) هنا مربط الفرس». يتابع شعبان: «تم تغييب باقي التيارات السياسية التي لعبت دورا مهما للتحضير والمشاركة في ثورة 25 يناير تماما كجماعة الإخوان.. تيارات سياسية معنية ربما أكثر بالدولة المدنية».

وأكد شعبان على أن الهواجس التي طافت في أذهان القوى السياسية بعد إعلان تشكيل اللجنة مشروعة، موضحا أن «التاريخ أثبت غير مرة أن جماعة (الإخوان) في اللحظات الفاصلة عملت على تحقيق مصالحها على حساب المصلحة الوطنية العليا».

وأشار شعبان إلى أنه من بين القوى التي شاركت في الثورة كانت الجماعة هي الفصيل الوحيد الذي قفز إلى طاولة الحوار مع عمر سليمان نائب الرئيس قبل تخلي مبارك عن الحكم، وقد تراجعت حينما اكتشفت أن المطروح أقل بكثير من رغبات الشعب المصري. وأضاف بقوله: «أخشى أن تكون مشاركة الجماعة في اللجنة دلالة على أنها قامت بترتيبات ما مع السلطة القائمة»، معربا عن اعتقاده بأن الجماعة في هذه الحالة ستكون الخاسر الأكبر.

ما يدور في الغرف المغلقة بحزب الوفد بشأن تحفظات قياداته على لجنة تعديل الدستور لا يختلف كثيرا، وقالت مصادر بالحزب إن هناك استياء كبيرا ينتاب القيادات الوفدية من الطابع الإسلامي الواضح الذي يصبغ اللجنة في شكلها الحالي. وأضافت أن الوفد يسعى الآن لتنظيم مؤتمر وطني جامع بمشاركة الأحزاب والنقابات المهنية والعمالية لوضع تصور للتعديلات المطلوبة. وأشارت المصادر إلى أن المشكلة لم تعد في المواد التي يفترض أن تخضع للتعديل وإنما في ماهية هذا التعديل الذي يرسم مستقبل البلاد خلال لحظة مفصلية.

وقال القيادي في الحزب ياسر حسان عضو الهيئة الوفدية العليا إن «الحزب يطالب بتعديل المادة 76 من الدستور بحيث تسمح لكل حزب بطرح مرشح واحد للانتخابات الرئاسية على أن يتم حل الأحزاب التي لا تحصل على 1% على الأقل في الانتخابات البرلمانية»، مشيرا إلى ضرورة وضع قيود على المرشحين المستقلين؛ منها إلزامه بالحصول على تأييد 50 ألف شخص من 15 محافظة على الأقل.

وفي غضون ذلك، أكدت لجنة تعديل الدستور حرصها على الانتهاء من أعمالها خلال المدة المقررة لها والمحددة بعشرة أيام، مشيرة إلى أنها ستواصل اجتماعاتها بصورة يومية لحين الانتهاء من التعديلات الدستورية المقترحة كافة.

وقال المستشار طارق البشري نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، رئيس اللجنة في تصريح له في ختام الاجتماع الأول للجنة بمقر وزارة العدل الذي استغرق قرابة 4 ساعات، إن اللجنة تداولت خلال اجتماعها بحضور كل أعضائها في المواد الدستورية الست المطروحة للتعديل وهي المواد 76 المتعلقة بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، و77 المتعلقة بمدة تولي رئيس الجمهورية مهام الرئاسة، و88 المتعلقة بالإشراف القضائي على الانتخابات، والمادة 93 المتعلقة بالفصل في صحة العضوية بمجلس الشعب، والمادة 189 المتعلقة بآليات تعديل الدستور.. إلى جانب المادة 179 المقترح إلغاؤها من مواد الدستور بصورة كلية التي تتعلق بحق رئيس الجمهورية في إحالة أية جريمة من جرائم الإرهاب إلى أي جهة قضائية منصوص عليها في القانون والدستور.

وأشار المستشار البشري إلى أن اللجنة سوف تبحث أيضا في تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، ومجلسي الشعب والشورى في ما يتعلق بالانتخابات البرلمانية.

وكان القرار الصادر بتشكيل اللجنة قد أسند إليها مهمة إجراء تلك التعديلات الدستورية وكل ما يتصل بها من مواد ترى اللجنة ضرورة تعديلها لضمان ديمقراطية ونزاهة انتخابات رئاسة الجمهورية ومجلسي الشعب والشورى.

وتضم اللجنة في عضويتها عددا من كبار المستشارين القضائيين الحاليين والسابقين وأساتذة القانون الدستوري في الجامعات المصرية.