رئيس ديوان رئاسة كردستان: التغيير لن يحدث باستنساخ الثورات بل بحوار جدي

فؤاد حسين في ندوة: التعددية السياسية والمذهبية تمنع تأثر العراق بأحداث تونس ومصر

رئيس ديوان رئاسة كردستان فؤاد حسين يلقي بحثه («الشرق الأوسط»)
TT

في ندوة حضرها عدد من البرلمانيين وأساتذة الجامعات والنخبة المثقفة في كردستان عقدت بأربيل، كرس الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الإقليم بحثه لأحداث وتداعيات ثورتي تونس ومصر على المنطقة وتأثيراتهما الآنية والمستقبلية على الوضعين العراقي والكردستاني، وهو أول مسؤول كردي رفيع المستوى يبحث في نتائج أحداث المنطقة وتأثيراتها على الشارعين العراقي والكردي في خضم تصاعد المظاهرات الشعبية التي عمت مؤخرا بعض المدن العراقية.

واستهل حسين بحثه في الندوة بالإشارة إلى «أن الأحداث الأخيرة التي أشغلت المنطقة والثورات التي تجتاح دولها والتي بدأت من تونس لتنتقل إلى مصر ويمتد لهيبها الآن إلى البحرين واليمن وإيران، لها دلالات كثيرة ينبغي أن نبحثها ونتعمق بها، لأننا نحن أيضا جزء من هذه المنظومة الإقليمية نتأثر بأحداثها، وينبغي أن نهتم بها لعدة أسباب، من أهمها لنتعظ من دروسها، ونقارنها بأوضاعنا الداخلية، فمما لا شك فيه أن هناك البعض ممن يريدون استنساخ تلك الثورات، وهناك من يتكهن بتأثيراتها على بقية دول المنطقة، فالكل يدلي بدلوه في هذه الأحداث تقييما وتحليلا».

وعرج رئيس ديوان رئاسة كردستان على تداعيات وتأثيرات ما حدث في تونس ومصر على الوضعين العراقي والكردستاني، وقال «لن يكون لهذين الحدثين تأثير كبير على الوضع العراقي، لأن العراق ليس فيه حكومة مركزية إلا بالاسم، كما أنه ليس فيه قائد مركزي على عكس تونس ومصر اللتين حكمهما زين العابدين بن علي وحسني مبارك بحكم مركزي شديد كانت جميع الصلاحيات بيديهما، على عكس العراق الذي يتقاسم السلطة فيه عدد من القوميات والأحزاب والطوائف والمحافظات، لذلك عندما ثار شعبا تونس ومصر كان مطلبهما الأساسي هو رحيل بن علي ومبارك، أما في العراق فمن الذي يفترض به أن يغادر، أي من قادة العراق تنفجر الثورة ضده؟». وأضاف «هناك نقطة أخرى وهي أن العراق هو بالأساس مجتمع تعددي سياسي وقومي وطائفي وهذا واقع لا يمكن تجاوزه، ولذلك فليس بالضرورة إذا انتفض السنة أن يؤيدهم الشيعة، أو إذا انتفض العرب يؤيدهم الأكراد، ثم إن الدستور العراقي أقر النظام البرلماني بحيث إن أي قائد أو زعيم إذا لم ينجح في الانتخابات فلا يمكنه التحكم بالسلطة وهناك مدة دستورية لا يجوز تخطيها بالنسبة لمن يقود العراق طالما أن نظامه برلماني، إذن هذه التعددية تمنع تأثر العراق بأحداث تونس ومصر».

وحول التأثيرات على كردستان، قال حسين: «فيما يتعلق بكردستان هناك أيضا تعددية حزبية. صحيح أن هناك حزبين قويين، ولكن عندما نجتمع بالأحزاب نجد هناك 45 حزبا وهي تتمتع بالحريات السياسية والإعلامية تستطيع أن تتحدث وتنتقد.. هذه الأمور لم تكن في مصر فتنظيم (الإخوان) تأسس عام 1928 ولكنه كان محظورا. مشكلتنا في كردستان تنحصر بالفساد، ونحن نقر بوجوده، ولكن يجب أن نعالجه بالآليات القانونية، وإذا كانت لدى المعارضة برامج لمكافحة الفساد فيجب أن تتقدم بها لنتحاور بشأنها. كما لدينا مشكلة أخرى وهي أنه ليس في كردستان ثقافة الحوار، هناك حوار إعلامي ولكن للأسف على الصعيد السياسي هذا الحوار مفقود، ولا يمكن الإصلاح من دون الحوار، نحن نعتقد بأن حوار أطراف الحكومة والسلطة ليس كافيا، خصوصا داخل البرلمان أو الحكومة، ولكن يجب أن يكون هناك حوار بين الأحزاب، وبين اليسار واليمين والمثقفين ورجال الدين، بين الجيل القديم والجديد، هناك اجتماعات متواصلة بين الأحزاب، ولكن الحوار لا وجود له. ولكي ننجح في الإصلاحات يجب أن نتحاور. أما الأمراض السياسية التي نعاني منها اليوم فهي من إفرازات السنوات التي سبقت الانتفاضة عام 1991، منها ما يتعلق بتداعيات حرب العراق وإيران وحرب الكويت وحرب العراق مع كردستان والاقتتال الكردي الداخلي، هذه الحروب أحدثت أمراضا عبرت عن نفسها من خلال الفساد وسوء الإدارة وسوء التنظيم، وستعالج تلك الأمراض بمجملها بالإصلاحات وليس بالانقلابات، إذن الأحداث التي تجري حولنا يمكن أن تؤثر علينا إيجابيا إذا تعاملنا معها بشكل جيد، وقد تكون لها تأثيرات سلبية إذا ما حــــــــاولنا استنســـــاخها، وأعتقد بأننا سنخسر تجربتنا هذه في حال حاول البعض استنساخها وعدم الاستفادة من دروسها وعبرها، ومع ذلك أنا أتصور أن شعبنا بــــــــات واعيا ويقدر قيمة تجربته ولن يفرط بها، أما الذين يريدون الإصلاح فليأتوا كي نجلس للحوار ونعالج معا جميع المشكلات والمظاهر التي تهدد تجربتنا ومجتمعنا».