الكنيست يمرر قانونا يعاقب من يؤيدون مقاطعة إسرائيل

قال: لن نسمح لهم بجعل الدولة في العالم مثل أبارتايد جنوب أفريقيا

جندي اسرائيلي يحرس مدخل الحرم الابراهيمي الشريف في وسط مدينة الخليل، امس (ا ب)
TT

في محاولة إجرائية لمواجهة مقاطعة إسرائيل بسبب سياستها القمعية الاحتلالية ضد الشعب الفلسطيني، صادقت لجنة القانون والدستور في الكنيست، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يمنع قيام مواطنين إسرائيليين بحملات مقاطعة ضد دولتهم سواء كانت الحملة داخل إسرائيل أو خارجها. وينص القانون على أن أية جهة تقوم بالحملة أو تروج لها عن طريق المساهمة بها أو توفير معلومات لها تكون عرضة للمقاضاة واحتمال دفع تعويضات باهظة لمن تضرر من الحملة، حتى لو لم يثبت أن الضرر قد حدث فعلا.

جاء هذا القانون في إطار سلسلة قوانين يفرضها اليمين الإسرائيلي الحاكم لمكافحة نشاطات اليسار اليهودي والحركات العربية الوطنية في إسرائيل في الساحة الدولية، الهادفة للضغط على الحكومة لوقف سياستها التوسعية العدوانية. وبادر إلى هذا القانون 24 نائبا من اليمين المتطرف وكذلك من أحزاب وسط، مثل رئيسة كتلة «كديما» المعارض، داليا ايتسيك. وقال مقدم مشروع القانون، ديفيد روتم، من حزب «إسرائيل بيتنا»، إن القانون جاء ليحمي إسرائيل ومواطنيها من المقاطعة.

لكن عضو الكنيست من الليكود، ميري ريغف، التي شغلت في الماضي منصب الناطقة بلسان الجيش، كانت صريحة أكثر، فقالت إن «إسرائيل تواجه خطرا شديدا بأن تصبح مثل دولة الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، التي قاطعوها حتى سقطت». وادعت أن وراء مقاطعة إسرائيل هدفا خبيثا لسلبها شرعية الوجود. ولهذا، أقامت حركة برلمانية جماهيرية هدفها صد هذه الحملة والتعامل مع الإسرائيليين الذين يقودونها كخونة يحاسبهم القانون.

وتبين أن القانون يواجه معارضة حتى داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها. وحذرت أوساط من وزارتي الخارجية والقضاء والتجارة والصناعة وكذلك من اتحاد الصناعيين من تبعات سن قانون كهذا، لأنه أولا لن يوقف حملات المقاطعة المتنامية لإسرائيل في العالم. وثانيا، سيسيء إلى مكانة إسرائيل في أوروبا وغيرها من دول العالم. وقال الوزير السابق، أبيشاي برافرمان، إن هذا القانون يجعل إسرائيل دولة المستوطنات، لأنه يمنح أفكار المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية مجال السيطرة على السياسة الإسرائيلية.

وخلال جلسة اللجنة البرلمانية دار نقاش حاد، حاول خلاله رئيس لجنة القانون والدستور روتم، منع أعضاء الكنيست من طرح نقاشاتهم على بنود القانون وأصر على التصويت عليه. وبقي روتم على موقفه حتى بعد أن أعلن ممثلو وزارة الخارجية الإسرائيلية ووزارة القضاء ووزارة التجارة والصناعة وممثلو الصناعيين والتجار ومنظمات حقوق الإنسان معارضتهم للقانون بصيغته الحالية. وصوت لصالح القانون نواب الليكود و«إسرائيل بيتنا» وشاس، وانسحب نواب المعارضة من الجلسة احتجاجا على منعهم من طرح بدائل لبنود القانون. وبعد إقراره في اللجنة سيقدم القانون للهيئة العامة للكنيست للمصادقة عليه في القراءة الأولى.

وعارض القانون بشدة النواب العرب. فقال النائب جمال زحالقة من حزب التجمع إن القانون يتناقض والحق في حرية التعبير والحق في النشاط والتنظيم السياسي. وأضاف أن المقاطعة هي سلاح مشروع في النضال ضد الاحتلال والقمع والحصار وضد السياسات الكولونيالية والعنصرية. وأردف زحالقة بأن المقاطعة أثبتت نجاعتها في أماكن أخرى في العالم وساهمت في إنهاء نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا. وقال النائب دوف حنين من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة أإن القانون المذكور سيحول إسرائيل لكلمة مرادفة للاستيطان. وأضاف: «مشروع القانون يقترح مقاطعة مقاطعي المستوطنات. في الوقت الذي يقاطع العالم كله المستوطنات، نواب اليمين يقترحون مقاطعة العالم كله. وكل من يملك ذرة عقل يفهم أن إسرائيل التي تدعو لمقاطعة كل العالم هي ذاتها التي تقود حملة المقاطعة ضد نفسها». وأكد حنين أن هدف التقدم بالقانون المذكور هو إلغاء الخط الأخضر وقدرة المواطنين داخل إسرائيل على مقاطعة منتجات المستوطنات التي تعتبر في الأعراف الدولية كافة غير قانونية وغير أخلاقية. وقال إن القانون المذكور ذهب إلى أبعد الحدود حيث يعتبر أن أي نوع من مقاومة المستوطنات يعتبر دعوة لمقاطعتها وبالتالي سيتم محاكمة المناضلين بلا تمييز.

وأشار النائب حنين إلى قيام المستشارة القضائية للجنة القانون والدستور بالطلب من رئيس اللجنة، بإعطاء فرصة لأعضاء الكنيست وللجمهور الواسع لدراسة القانون وتداعياته على الدولة وتصحيحه، إلا أن روتم رفض اقتراحها واستمر في العمل على تمرير القانون كما هو.

وأكد النائب حنا سويد، رئيس كتلة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، أن هذا القانون ينضم إلى حزمة القوانين العنصرية التي تشرع في الكنيست أسبوعيا، ولكن المدهش أنه يتحدى العالم أجمع، ويتنكر لعدم قانونية الاحتلال والمستوطنات في كل دول العالم. وأضاف سويد أن الائتلاف الحاكم يعتبر كل من ينتقد سياسته عدوا، وهو بهذا يفضح سياسته العنصرية والعدوانية المغلفة بالديمقراطية، ومستمر في القضاء على الديمقراطية بخطوات أصبحت سريعة مؤخرا، فلا يكاد يمر أسبوع من دون تشريع قانون خطير، وبهذا أصبح كتاب القانون الإسرائيلي ينضح بالقوانين المناقضة تماما للديمقراطية. ونوه سويد بأن اقتراح القانون يناقض القانون الدولي الذي يعتبر المستوطنات غير قانونية، ولذا، لا يوجد أكثر شرعية من مقاطعة المستوطنات. ويحمل هذا القانون جانبا مخفيا لكبت حرية التعببير عن الرأي، وهذا الأمر لا يختلف عن العديد من الأنظمة الحالكة الآخذة في الزوال إقليميا ويبدو أن هذه الحكومة تريد سد الفراغ الدكتاتوري في المنطقة.