نصر الله يحذر من التعاون مع محكمة الحريري ويدعو إلى الاستعداد للسيطرة على الجليل.. ونتنياهو يستخف بالتهديدات

احتفال بذكرى «شهداء قادة المقاومة» حضره قائد خلية حزب الله الهارب من مصر

الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أثناء إلقائه خطابا في الاحتفال الذي أقيم أمس بمناسبة ذكرى «قادة المقاومة» الذين قتلتهم إسرائيل في لبنان (رويترز)
TT

شدد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، على أن حادثة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري، «كانت لها آثار خطيرة ومهمة على المنطقة، ولبنان ما زال يعيش تداعياتها»، لكنه أكد أن «المحكمة الدولية متجهة إلى التسييس»، محذرا من التعامل معها ومع قراراتها. وقال مخاطبا فريق «14 آذار»: «إذا أصررتم على إكمال موضوع المحكمة وما سيعلنه القرار الظني، فتصرفوا في ضوئه، ونحن سنتصرف بما نراه مناسبا على أساس التزوير»، وتوقف عندما ورد في خطابات احتفال البيال من موضوع السلاح، فسأل: «إذا كان السلاح موضوعا خلافيا، فما الداعي إلى الحوار؟»، داعيا هذا الفريق إلى أن «يتعظ مما حصل في مصر».

وردا على تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، بإمكان اجتياح لبنان، دعا نصر الله المقاتلين إلى «الاستعداد للسيطرة على منطقة الجليل عندما يطلب ذلك منهم».

واستخف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتهديدات نصر الله باحتلال الجليل، وبأن حلفاءه في حركة حماس يستطيعون احتلال مناطق في النقب (جنوب إسرائيل). وقال: «من يختبئ في خندق تحت الأرض عليه البقاء تحت الأرض». وأضاف نتنياهو، الذي كان يتكلم أمام مؤتمر عقد في القدس، أمس، لرؤساء المنظمات اليهودية الأميركية، أن «إسرائيل قوية وقادرة على الدفاع عن نفسها ولا نقترح على أحد أن يشكك في قوتنا العظمى في هذا المجال. إن وجهتنا هي نحو السلام مع جميع جيراننا، ولكن جيشنا قوي جدا وقادر على مواجهة الأعداء بكل قوة».

عبر نتنياهو بهذا التصريح عن الأجواء السائدة في قيادة الجيش الإسرائيلي التي استخفت بتهديد نصر الله وقالت إن الرجل بدأ يهذي، وإنه لا يملك من القوات العسكرية ما يستطيع احتلال الجليل. فليس لديه قوة مدرعات ولا طيران، وكل ما لديه هو المشاة والانتحاريون والصواريخ التي تطلق من بعيد.

وفي خطاب ألقاه عصر أمس، في احتفال أقامه الحزب في الضاحية الجنوبية، «إحياء للذكرى السنوية لقادته الشهداء»، الذي تميز بإطلالة وحضور قائد ما يعرف بـ«خلية حزب الله في مصر»، محمد يوسف منصور، المعروف بسامي شهاب، الذي كان مسجونا في مصر، ومحكوما عليه بمحاولة القيام بعمل عسكري وزعزعة أمن الدولة المصرية، واستطاع الفرار من السجن بالتزامن مع الاحتجاجات التي حصلت هناك، وقال نصر الله: «ما نحن قادمون إليه في لبنان هو الغزو الأميركي السياسي»، مشددا على أننا «نوافق على أن أي سلام واستقرار في لبنان وأي مكان في العالم شرطه الطبيعي تحقيق العدالة والسلام والاستقرار، وأن الظلم واغتصاب حقوق الآخرين لا يمكن أن يكون سلاما حقيقيا وسرعان ما يسقط».

أضاف: «المشكلة الأساسية في المنطقة لها وجهان متكاملان، الأول وجود الكيان الغاصب لفلسطين المحتلة، وهو إسرائيل والحركة الصهيونية التي بدأت الحرب على شعوب المنطقة وارتكبت المجازر وصادرت الممتلكات وطردت شعبا من أرضه، وهنا أتوجه إلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ووزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون، لأقول لهما إن العدالة تقتضي أن تعود الحقوق والأرض إلى أصحابها، وأيضا تقتضي أن يعود ملايين اللاجئين الفلسطينيين من الشتات إلى أرضهم، وتقتضي أن تعود المقدسات الإسلامية والمسيحية إلى أصحابها، وأن يقيم شعب فلسطين دولته على كامل أرضه من الأرض إلى النهر، أما الوجه الثاني للمشكلة فهي المنظومة الديكتاتورية التي قامت بحكم شعبها مشفوعة بنخب مالية ودينية ومهمتها حماية المصالح الأميركية في المنطقة وفي قلبها إسرائيل».

ولفت نصر الله إلى أن «إسرائيل كانت وما زالت هي المعيار، وبقدر ما يكون النظام أو النخبة أو المجموعة أو التيار السياسي أو أي من كان، أقرب إلى إسرائيل ومدافعا أكثر عن أمن وسلام إسرائيل يكون أقرب وأهم عند الإدارات الأميركية المتعاقبة».

وأكد نصر الله أن «الخاسر الأكبر من التطورات والتحولات في المنطقة هي الولايات المتحدة الأميركية التي تسعى إلى تقليل الخسائر، وأن كل من ربط مصيره ومستقبله بالأميركيين هو خاسر مما جرى»، وتطرق إلى موضوع المواجهة مع إسرائيل ردا على تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، فرأى أنه «إذا فرضت الحرب على لبنان قد تطلب المقاومة من مجاهديها السيطرة على الجليل». وفي موضوع اغتيال القائد الأمني والعسكري في الحزب، عماد مغنية، أوضح الأمين العام لحزب الله أن «الخوف ما زال يقلقهم»، وتوجه إلى القادة الإسرائيليين بالقول: «أؤكد لكم أن القرار (الانتقام لمقتل مغنية) ما زال موجودا وسينفذ في الوقت المناسب، وأقول للقادة الصهاينة حيثما ذهبتم في العالم وفي أي زمان يجب دائما أن تتحسسوا رؤوسكم لأن دم مغنية لن يذهب هدرا».

أما في الوضع اللبناني، فأشار نصر الله إلى أنه «لدينا استحقاقات مهمة في الفترة المقبلة، عنوانها سلاح المقاومة، وما استمعنا إليه من خطب (في البيال في ذكرى اغتيال رفيق الحريري) يثبت أن ما تبقى من قوى (14 آذار) مصمم على العودة إلى نغمة السلاح، وهو لم يترك هذه النغمة، وقيل إن هذا موضوع خلاف وطني وهذا صحيح، وكونه موضوع خلاف وطني قبل عام 1982، ولكن بعد الـ1982 هناك خلاف وطني حول موضوع السلاح، ولكن السلاح تفصيل، لأن الخلاف هو حول خيار المقاومة، وهذا ليس فيه أي إدانة للمقاومة بل فيه إدانة للذين طعنوا المقاومة، وهذا فيه عيب عليهم». وقال متسائلا: «إذا كان موقفكم من السلاح منتهيا فهل من داع للحوار؟».

وجدد نصر الله التأكيد أن العدالة شرط للاستقرار، مشيرا إلى أنه «بعد كل هذه السنين هل مسار التحقيق الدولي والمحكمة يوصل إلى الحقيقة والعدالة؟»، معتبرا أن «التحقيق الدولي أخذ اتجاها من اليوم الأول وظُلم من خلاله كثيرون في هذا المسار ومنذ مدة أخذوه إلى مسار آخر، فهل التسريبات وتجنب الفرضيات الأخرى والحكم قبل التحقيق يؤدي إلى الحقيقة؟»، وخاطب فريق «14 آذار» قائلا: «أنتم ضيعتم هذه الفرصة، نحن قلنا على طاولة الحوار إننا مع مبدأ المحكمة الدولية، وذلك ليس اقتناعا بها ونزاهتها بل مراعاة للجو اللبناني.. ولكن قلنا أيضا إن قواعد المحكمة وقانونها يجب أن يكون للنقاش والكل يعرف كيف تم تهريبه، وكان معروفا من اليوم الأول أن المحكمة متجهة إلى التسييس، وإذا أردتم اليوم الإكمال في المحكمة فأنتم أحرار، وإذا كان ما سيعلنه القرار الظني أو المحاكمات الغيابية هو الحقيقة فتصرفوا على ضوئه، ونحن سنتصرف على أساس ما نراه مناسبا على أساس التزوير، ولكن هذا لا يؤدي إلى الحقيقة».

وحول ما اعترف به فريق «14 آذار» من أخطاء، اعتبر أن «ما تعرض له الفريق الآخر حول أخطائه، لم تكن هي الأخطاء الحقيقية، فهم يشتبهون في أن هذه هي الأخطاء، ولكن بسبب ما تعرض له المشروع الكبير في المنطقة البعض يشعر بأن شيئا ما أصابه، فهم كانوا جزءا من إدارة جورج بوش وصاحبهم جون بولتون. وكان هذا الفريق جزءا من مشروع هاجم على المنطقة، والكل يعلم علاقته بجون بولتون وجيفري فيلتمان، وعلاقته بنظام حسني مبارك المخلوع، وهناك فريق يتداعى نتيجة تداعي هذه الإدارة والمنظومة الأميركية. وأنا أدعوهم إلى إجراء مراجعة وإعادة قراءة للتطورات». وردا على قول رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، بأنه سيعود إلى الجذور، قال نصر الله: «نكتشف اليوم الذي رهن مصير لبنان بمصير السياسات الأميركية في المنطقة، وارتكب أخطاء كبيرة أكبرها الاستقواء بمجلس الأمن وأميركا والغرب والاتحاد الأوروبي، والذهاب إلى التحريض على حكومة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، نجيب ميقاتي، ويقول إن هذه الحكومة هي حكومة حزب الله، ولو كانت كذلك لتشكلت في يومين». واختتم «إن أصل المواجهة هو الاستقواء بالظلم وأنا أشعر بوهن الفريق الآخر لأنه يكذب، وهم يعرفون أن هذه الحكومة ليست حكومة حزب الله، وهذا ما يعرفه السفراء، والرئيس ميقاتي يملك قراره ويقول إن هذا الأمر يناسب وهذا غير مناسب، وعندما تأتي وتقول إن حزب الله يشكل حكومة، هذا ظلم كبير».