صوت غربي نادر يعارض الانسحاب من أفغانستان

قائد بعثة الشرطة الأوروبية: الأفغان العاملون معنا متأكدون من أنهم سيتعرضون للقتل عندما نرحل

الجنرال جوكا سافولاينن
TT

في الوقت الذي تقوم فيه بعثة تدريب الشرطة التابعة للاتحاد الأوروبي بمهمتها في أفغانستان، انضم الجنرال جوكا سافولاينن قائد البعثة إلى عدد قليل من الأصوات المعارضة لقرار سحب قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) عام 2014.

وقال الجنرال سافولاينن في مقابلة معه في برلين، مشيرا إلى عشرات الأفغان العاملين ضمن البرنامج الذي تولى قيادته في يوليو (تموز) الماضي: «إنهم خائفون للغاية. فهم على يقين من أن أعناقهم ستنحر ما إن نغادر أفغانستان» خاصة بعدما شاهدوه في العراق من استهداف للشرطة والجيش في أعقاب الانسحاب الأميركي من العراق، وفي أفغانستان حيث قتل 1400 ضابط أمن أفغاني على يد المتمردين.

لكن الجنرال سافولاينن، الفنلندي الجنسية، أكد على أن تركيزه منصب في الوقت الراهن على ما يمكن أن يتمكن فريقه الصغير، المؤلف من 350 فردا من العسكريين الدوليين، إضافة إلى السكان المحليين، من تحقيقه بنهاية عام 2013 عندما ينتهي تفويض الاتحاد الأوروبي بتدريب قوات الشرطة الأفغانية.

ويضطلع الجنرال سافولاينن بتطوير استراتيجية شرطية قومية تشمل وضع برنامج تدريبي معياري للشرطة في الشارع ومستويات أكثر تقدما من العمل الشرطي. فعلى على الصعيد العملي يقوم الاتحاد الأوروبي بإنشاء فرقة لمكافحة الجريمة ووحدة تحقيق جنائي وإدارة للاستخبارات للتعامل مع قضايا الفساد وحقوق الإنسان والعرق في أفغانستان. كما يحاول الاتحاد الأوروبي أيضا تعزيز دور وكلاء النيابة في المقاطعات، كي يتمكنوا، عندما تقدم الشرطة شكوى، من التعامل معها بكفاءة، وأن يتمتعوا باستقلالية سياسية تمكنهم من متابعة مثل هذه القضايا.

عندما بدأ الاتحاد الأوروبي تدريب الشرطة الأفغانية قبل 3 أعوام، كان المجندون يتقاضون 50 دولارا شهريا، وكانوا هدفا سهلا لطالبان والمتمردين الذين كانوا يمنحونهم 20 دولارا إذا ما تركوا الشرطة وانضموا إليهم.

ويحصل منتسبو الشرطة في الوقت الراهن على 170 دولارا شهريا والذي يعتبر راتبا جيدا بالنسبة للأوضاع المعيشية في أفغانستان. أما رواتب المدعين العامين فهي قضية حساسة أخرى.

وعندما سئل سافولاينن: هل تستطيع أن تخمن رواتب المدعين العامين في المقاطعات؟ أجاب: بين 70 و80 دولارا. ورفضت وزارة الداخلية التي تملك روابط قوية بالأقاليم زيادة رواتبهم على الإطلاق.

ويرى الجنرال سافولاينن، الذي شغل منصب نائب رئيس شرطة حرس الحدود والسواحل الفنلندية قبل تولي رئاسة مهمة الاتحاد الأوروبي، أنه قادر على القيام بمهمته عبر مزيد من الجنود، لكن التمويل سيئ، فهو مجبر على العمل وفق ميزانية بقيمة 73.8 مليون دولار في الفترة من مايو (أيار) 2010 إلى مايو 2011.

ويرى دبلوماسيون غربيون في كابل أن غياب الدعم العسكري والمالي السياسي لمهمة شرطة الاتحاد الأوروبي يقوض ما يقول الاتحاد إنه قد يفيد فيما يسميه عمليات إدارة الأزمات.

وعندما تأسست شرطة الاتحاد الأوروبي في أفغانستان عام 2007، انطلاقا من الفزع بضرورة قيام الاتحاد بشيء ما نظرا للدور السيئ الذي قامت به ألمانيا في تدريب الشرطة هناك، كادت البيروقراطية أن تئد المشروع في مهده.

وقد شهدت مفوضية الاتحاد الأوروبي خلافا بين أعضائها حول كيفية تعيين ضباط هذه المهمة ودفع رواتبهم، ومن ثم كانت بعض الأغراض الأساسية مثل العربات المدرعة والأدوات المكتبية محل تأخيرات أيضا. وعندئذ فشل الأعضاء، على الرغم من دعمهم للمهمة، في إرسال الـ400 شخص الذين التزموا بهم إلى كابل، وقال الجنرال سافولاينن: «تم التغلب على مشكلة النقص في المعدات لكننا لا نملك العدد الكافي من الأفراد». وكان هناك قرار سابق من الاتحاد الأوروبي بدعم تدريب 134 ألف رجل شرطة. وكان الجنرال سافولاينن، الذي لم يكن متواجدا في أفغانستان في ذلك الوقت لأنه كان يقسم وقته بين وزارة الداخلية في فنلندا وبروكسل، شاهدا على ما كان يجري على الأرض. وهو يقول عن ذلك: «كانت هناك ازدواجية في الرأي وغياب في التنسيق وغياب معايير مشتركة لتدريب الشرطة». وأضاف سافولاينن يوم الجمعة مشيرا إلى موافقة وزارة الداخلية الأفغانية وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي العام الماضي على إعادة هيكلة برنامج التدريب ككل: «التنسيق أفضل كثيرا». ويجري تدريب القوات الأمنية في الوقت الراهن، لكن سافولاينن غير مقتنع بأن الوقت ملائم للانسحاب، ومن ثم فإنه «لا يزال أمامنا الكثير للقيام به خلال تلك الفترة القصيرة».

وكان على من سبقوه التأقلم مع برامج تدريبية مختلفة للدول الأعضاء، إضافة إلى البعثة التدريبية الخاصة بالولايات المتحدة ومطالب الحكومة الأفغانية ناهيك عن ذكر المنظمات غير الحكومة، والتي تمتلك كل منها فكرة مختلفة حول إنشاء قوة الشرطة. فالأميركيون على سبيل المثال طرحوا برنامجا تدريبيا لمدة 8 أسابيع للتدريب على أساسيات العمل الشرطي، أما ألمانيا التي كانت مسؤولة عن البرنامج حتى عام 2007 فقد وضعت مجنديها في برنامج تدريبي أكاديمي للغاية لا يرتبط بالأوضاع التي تشهدها أفغانستان. وجدد سافولاينن تأكيده أن «التنسيق أفضل كثيرا»، مشيرا بذلك إلى اتفاق وزارة الداخلية الأفغانية وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي العام الماضي لإعادة هيكلة برنامج التدريب. وأبدى عدم قناعته بأن الوقت ملائم للانسحاب.

* خدمة «نيويورك تايمز»