الوسيط الدولي إلى دارفور لـ «الشرق الأوسط»: يجب ألا نفاوض في الدوحة إلى ما لا نهاية

جبريل باسوليه: البيئة اليوم مناسبة لتحقيق الاختراق

TT

قال جبريل باسوليه، الوسيط الدولي والأفريقي في نزاع دارفور، إنه «حان الوقت» لتجلس الحكومة السودانية والحركات الدارفورية المسلحة على طاولة المفاوضات في الدوحة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل وتام يضمن الاستقرار ويضع حدا لهذا النزاع الدامي في هذه المنطقة التي تعيش حربا واضطرابات منذ عام 2003.

وفي حديث خص به «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده مؤخرا في العاصمة الفرنسية، اعتبر باسوليه أن الظروف «باتت مهيأة» لتحقيق الاختراق الموعود، معتمدا على توافر «مجموعة عناصر» تهيئ ما يراه «البيئة المناسبة» داخليا وإقليميا ودوليا. وبحسب المبعوث الدولي، فإن النهاية «السعيدة» لاستفتاء الجنوب والطريقة السلمية التي تم بها واعتراف الحكومة السودانية بنتائجه، كل ذلك «نزع الشكوك» التي كانت تنتاب الطرفين الحكومي والمتمردين من نيات الطرف الآخر. وبرأيه، فإن مرحلة الانتظار والترقب التي التزمها الطرفان قد انتهت، وثمة «فسحة سياسية جديدة» قد فتحت بوجه المفاوضات، خصوصا أن حركة العدل والمساواة التي يتزعمها خليل إبراهيم «مستعدة» للعودة إلى طاولة المفاوضات وأن اتفاقها مع حركة التحرير والعدالة على تقديم اقتراحات مشتركة في مفاوضات الدوحة من شأنه «توفير الثقل المطلوب» للطرف الدارفوري من أجل التوصل إلى اتفاق سلام تتبناه حركات لها وزنها التمثيلي بين الحركات المسلحة، فضلا عن أن باسوليه يعتبر أن تطورا حصل على موقف عبد الواحد نور، قائد أحد أجنحة جيش تحرير السودان الذي ترك فرنسا ويفاوض كوادر حركته في احتمال الانضمام للمفاوضات. ولا يريد باسوليه، وزير خارجية بوركينا فاسو السابق، أن تطول المفاوضات إلى «ما لا نهاية»، بل يأمل في نتائج قريبة بفضل البيئة الإقليمية المساعدة. ويربط المبعوث الدولي إمكانية توجيه الدعوة إلى ميني مناوي، زعيم الجناح الآخر في جيش تحرير السودان، للانضمام إلى المفاوضات بموقف الحكومة السودانية التي ترى أن ميني مناوي وقع على اتفاقية إسلام في أبوجا في عام 2006 وبالتالي لا فائدة من انضمامه إليها مجددا، علما بأن الأخير أعلن قبل أشهر انسحابه منها. ويبين هذا الوضع حاجة الحركات الدارفورية المسلحة ومعها الوساطات الدولية إلى موقف موحد للمتمردين، ما من شأنه «تسهيل» مهمة الوساطة الدولية التي أخذت ترى أن الأمور «طالت أكثر مما ينبغي». وفي هذا الصدد، يقول باسوليه، إن المهم في محادثات الدوحة القادمة هو التوصل إلى «إطار» للتفاوض، أي إلى مقترحات تكون هي أساس للحل عبر التوفيق بين مواقف الطرفين المتنازعين.

ويرى الوسيط الدولي - الأفريقي أن «مشكلة المشكلات» تتمثل في مطالبة الحركات المسلحة بإعادة تشكيل منطقة دارفور الموزعة على ثلاث محافظات حاليا في منطقة واحدة وإقامة حكومة محلية لها صلاحياتها الموسعة وتضم في صفوفها ممثلي الحركات المتمردة. والحال أن الحكومة السودانية ترفض هذا المطلب لأنه «لم يعد ممكنا العودة إلى الوراء» أي إلى الصيغة التي كان معمولا بها سابقا لمنطقة دارفور الموحدة. ومن الحلول الممكنة، وفق باسوليه، اللجوء إلى الاستفتاء. غير أن المشكلة ستطرح عندها بشكل آخر وهو متى توقيته؟ هل في المرحلة الانتقالية أم في مرحلة أخرى، وما هي شروط تحقيقه؟

إزاء هذا الوضع المعقد، يرى المبعوث الأفريقي - الدولي أنه «يتعين أن نعرف كيف نضع حدا للمفاوضات حتى لا يتكرر في الدوحة ما حصل في أبوجا»، حيث لم يكن لاتفاق السلام أي تأثير على مسار الأمور ميدانيا وبالتالي كان من غير فائدة. ويقترح باسوليه أن تعمد الوساطة الدولية إلى طرح أفكارها ومقترحاتها وأن تضعها على الطاولة أمام المتفاوضين، وأن تطلب من الأسرة الدولية الدعم اللازم وتحميل الأطراف مسؤولياتها من أجل الخروج من حال المراوحة، ولكي لا يدوم النزاع الدارفوري إلى ما لا نهاية. ويبدو الوسيط الدولي، هذه المرة، متفائلا بتحقيق شيء ما وهمه الأول الاستفادة من الفرصة المتوفرة اليوم. لكن هل حسابات الأطراف ستتطابق مع حسابات المبعوث الدولي؟ هذا ما ستكشفه المفاوضات سريعا في جولتها المقبلة في العاصمة القطرية.