طرابلس ما زالت بمنأى عن المظاهرات الاحتجاجية

وسط شعور المحتجين أن حركتهم ستبقى بلا تأثير ما لم ينضم إليهم سكان العاصمة

TT

ما زالت العاصمة الليبية، طرابلس، بمنأى عن المظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها مختلف المدن الليبية للمطالبة بالتغيير والإصلاح وإجبار الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي على التنحي عن الحكم على غرار ما حدث في تونس ومصر.

وقال شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أمس، من شوارع مختلفة في طرابلس، إن المدينة لم تنضم بعد إلى هذه المسيرات الاحتجاجية التي سقط فيها عشرات القتلى والجرحى، حيث لم تلق الدعوة إلى «يوم الغضب» أي تجاوب، خلافا لما حدث في مدن تقع في شرق البلاد. ولا يبدو سكان طرابلس، التي تعتبر أهم المدن الليبية وعاصمة المال والسلطة والحكم، أنهم يميلون للانخراط في مظاهرات محتملة ضد النظام.

وتوجد معظم السفارات والبعثات الدبلوماسية، كما يوجد ممثلو مختلف وسائل الإعلام العالمية، على قلتهم، في طرابلس باعتبارها العاصمة الإدارية لليبيا، حيث يقع أيضا مقر إقامة القذافي في ثكنة باب العزيزية العسكرية، التي كانت عرضة لهجوم الطائرات الأميركية عام 1986.

وباستثناء محاولات خجولة شهدتها بعض شوارع المدينة، فقد احتل أنصار القذافي العاصمة، حيث تجمع المئات منهم في الساحة الخضراء بوسط المدينة، وظلوا حتى ساعة متأخرة من الليل.

وعلى وقع الأهازيج والأبواق وحلقات الرقص في الساحة الخضراء التي أضاءت سماءها الألعاب النارية ظهر القذافي وسط الجموع في ساعة مبكرة من صباح أمس، على شاشة التلفزيون الرسمي.

وقال ناشط ليبي في صفحة «القضاء على الفساد» بموقع الـ«فيس بوك»، موجها خطابه إلى شباب طرابلس: «كلنا نشاهد ماذا حدث في بنغازي والبيضاء ودرنة والزنتان. هل هم ليبيون ونحن لا؟ هل نحن عايشين في كرامة وهم عايشين في ذل؟».

وقال ناشط آخر: «وينكم يا طرابلسية وينكم.. حبسوكم وضربوكم ومفيش نخوة، انتفضوا ولا تخافوا كلنا ليبين رافضين الظلم». وطرحت صفحة مدينة طرابلس على الـ«فيس بوك» استفتاء على أعضائها من سكان المدينة تسألهم عما إذا كانوا مع أو ضد المظاهرات السلمية، ليظهر بجلاء انقسام حاد في الرأي بين من شاركوا في الرد على هذا السؤال.

وبينما قال عامر سعيد، الذي قدم نفسه على أنه ابن لضابط سابق في الجيش الليبي، شارك في ثورة عام 1969، لقناة فضائية عربية، أمس، إن المنطقة الشرقية في ليبيا باتت فعليا خارج سيطرة النظام الليبي، وأنها استقلت - على حد تعبيره - بعد اقتحام مراكز الأمن وانضمام عناصر الأمن إلى المتظاهرين، فإنه لم يفوت الفرصة دون أن يوجه نداء إلى سكان طرابلس للانضمام إلى المتظاهرين.

ويتابع سكان طرابلس وسط حالة من الذهول، الأنباء المتواترة عن سقوط قتلى وجرحى في المواجهات التي شهدتها مدن اجدابيا، وبنغازي، والبيضاء، والزنتان، وطبرق.. وكلها موجودة في شرق ليبيا.

ويشعر المحتجون في شرق البلاد أن مظاهراتهم الدامية ضد نظام الحكم ستبقى بلا تأثير حقيقي ما لم ينضم إليهم سكان العاصمة، حيث تعج مختلف الصفحات الليبية على الـ«فيس بوك» و«تويتر» بالمئات من الرسائل القريبة من الاستغاثات التي تحث سكان طرابلس على التمرد على الحكم. ويقول سكان في مدينة بنغازي إن مدينتهم عانت أكثر من أي مدينة أخرى في ليبيا من تجاهل النظام الليبي لتردي أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، بينما بدا أنه بمثابة عقاب جماعي على ترديد سكان المدينة هتافات جماعية مناوئة للنظام، ولأحد أبناء العقيد القذافي، على خلفية مباراة لكرة القدم قبل نحو 10 سنوات.

ويحتفظ القذافي بقوة عسكرية وأمنية ضاربة في طرابلس التي تحولت، أمس، إلى ثكنة عسكرية بعد قطع الطرق المؤدي إليها وانتشار الدبابات والآليات العسكرية على مشارفها.