أوباما يحاول حتى اللحظة الأخيرة إقناع عباس بالتراجع عن طرح مشروع الاستيطان للتصويت

المالكي لـ«الشرق الأوسط»: الرئيس قال له إن أي تراجع سيفقدنا المصداقية في الشارع الفلسطيني

متظاهر فلسطيني يتحدى جنودا اسرائيليين خلال احتجاجات ضد جدار الفصل في قرية بلعين، امس (أ ف ب)
TT

كما كان متوقعا، فقد لجأت الولايات المتحدة، مجددا إلى استخدام حق النقض «الفيتو» لإسقاط مشروع قرار فلسطيني عربي يدين ممارسات دولة الاحتلال إسرائيل لا سيما الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، في مجلس الأمن الدولي.

وبهذا، تكون الولايات المتحدة قد استخدمت «الفيتنو» ما لا يقل عن 42 مرة لإفشال قرارات عربية تدين إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، منها 33 تتعلق مباشرة بالقضية الفلسطينية والبقية بالأراضي العربية المحتلة.

ويدين القرار البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، ويعتبره غير شرعي وغير قانوني ويطالب بوقفه، لأنه يشكل عقبة في طريق استئناف عملية السلام في المنطقة. وتبرر واشنطن موقفها هذا بأنها ليست ضد نص المشروع القرار الذي حرص فيه الفلسطينيون والعرب، كما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، على استخدام التعابير التي نطقت بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وكذلك المتحدثون باسم الإدارة، في وصف النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، بل ضد إقحام مجلس الأمن في عملية السلام، الأمر الذي قد يزيد من تعقيدات الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية التي توقفت بعد ثلاثة أسابيع من استئنافها في واشنطن مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، بسبب الإصرار الإسرائيلي على المضي قدما في البناء الاستيطاني. وصوت إلى جانب مشروع القرار الذي تقدمت به المجموعتان العربية والإسلامية، بعد تأجيل دام أكثر من شهرين، في محاولة لإقناع الولايات المتحدة بعدم استخدام الفيتو والاكتفاء بالامتناع عن التصويت على الأقل - 14 من أصل 15 عدد أعضاء مجلس الأمن الذي تترأس دورته لهذا الشهر جمهورية البوسنة والهرسك، كما يحظى بتأييد 130 دولة عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وحاولت الولايات المتحدة حتى اللحظة الأخيرة، حمل الدول العربية عامة والسلطة الفلسطينية على وجه الخصوص، على التراجع عن قرارها طرح مشروع القرار على التصويت، لكن الجانب الفلسطيني ممثلا بالرئيس أبو مازن، والمجموعة العربية في الأمم المتحدة رفضوا العدول عن ذلك.

فقد اتصلت كلينتون أمس هاتفيا بالرئيس أبو مازن، حسب ما قالته مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، وكررت عليه ما طلبه منه الرئيس باراك أوباما في مكالمة هاتفية الليلة قبل الماضية، استمرت قرابة 50 دقيقة حسب ما ذكر وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي. وفشلت كلينتون كما فشل أوباما في إقناع أبو مازن بتغيير موقفه. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة: «إن الرئيس عباس أكد (لكلينتون) أن اجتماعا مشتركا بين اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة فتح، سيعقد اليوم (أمس)، لبحث المواضيع التي تم الحديث فيها أمس مع الرئيس أوباما». وأضاف أن الموقف الفلسطيني والعربي بشأن المشروع المقدم لمجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية لا تغير فيه. أما المالكي، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن أوباما اتصل بالرئيس مساء أمس، وعلى الرغم من أن المحادثة تطرقت إلى ما حدث في مصر وتونس والمظاهرات في دول عربية أخرى، لكن القسط الأكبر من المحادثة تركز على محاولة أوباما إقناع أبو مازن بالعدول عن طرح مشروع القرار على مجلس الأمن.

وحسب المالكي، فقد رد أبو مازن على أوباما بالقول إن الوضع أصبح الآن متأخرا جدا، والموضوع مطروح للتصويت غدا (اليوم) «وإن أي تراجع من طرفنا سيفقدنا المصداقية ليس فقط، أمام الـ130 دولة التي منحتنا دعمها لمشروع القرار، بل مع الشارع الفلسطيني والعربي، ونحن لا نريد أن نجد أنفسنا في ظل الأوضاع التي تسود المنطقة، في حالة اشتباك مع الشارع الفلسطيني». وأضاف المالكي أن أوباما أكد على الصفقة التي عرضتها واشنطن على العربي مقابل عدم طرح مشروع القرار على التصويت. وعن ماهية هذه الصفقة، قال إن الأميركيين اقترحوا عبر مندوبتهم لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، استصدار بيان من رئيس مجلس الأمن (غير ملزم) إضافة إلى ترتيب زيارة لأعضاء مجلس الأمن الـ15 لزيارة الأراضي الفلسطينية وهو اقتراح روسي، للوقوف على مجريات الأمور والنشاط الاستيطاني هناك، وثالثا أن يشمل بيان اللجنة الرباعية القادم إشارة إلى حدود عام 1967.

وقال المالكي إن أوباما يدرك جيدا أن استخدام الفيتو سيؤثر سلبا على الوضع الأميركي في الشارع العربي، خاصة في هذه الأيام التي يتسم بها الشارع بالتهيج والثورة، وهذا من شأنه أن يلحق الضرر بمصالحهم بشكل عام. وأضاف أن ما قام به أوباما هو مجرد محاولة أخيرة، لكن الرئيس أبو مازن أكد أنه لا يستطيع بأي حال من الأحوال تغيير الموقف الفلسطيني أو التراجع عنه.

وتابع المالكي القول إن أبو مازن عقد اجتماعا موسعا للقيادة الفلسطينية ضم أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وكذلك اللجنة المركزية لحركة فتح وقادة فصائل منظمة التحرير، وذلك لاتخاذ موقف موحد في مواجهة أي من تداعيات الغضب الأميركي من الموقف الفلسطيني الحازم. وتوقع المالكي أن يؤثر الموقف الفلسطيني سلبا على العلاقة مع واشنطن. لذا، فإن من الضروري أن يكون هناك إجماع وموقف فلسطيني في هذا الصدد. ورفض المالكي الخوض في تفاصيل الإجراءات العقابية التي قد تتخذها واشنطن على الإصرار الفلسطيني على التصويت. وقال إن من السابق لأوانه الحديث عن أي شيء في الوقت الحاضر.