الهدوء يعود إلى السليمانية.. والمعارضة تحتج على مهاجمة مقارها في أربيل ودهوك

بارزاني يحذر من «فتنة» ويطالب الحكومة بتعقب القائمين وراءها

مقر حركة «التغيير» الكردية المعارضة في أربيل بعد تدميره الليلة قبل الماضية («الشرق الأوسط»)
TT

عاشت السليمانية، أمس، يوما هادئا شابه الحذر والترقب، خصوصا مع نزول قوات أمنية مكثفة إلى الشوارع، والتي سدت جانبا من شارع (سالم) الرئيسي الذي يقع فيه مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني الذي تعرض أول من أمس لهجوم مسلح ردت عليه قوات حماية المقر مما أسفر عن سقوط قتيلين وعدد كبير من الجرحى.

وفي أربيل وردا على هجوم المتظاهرين على مقر الفرع الرابع للحزب الديمقراطي في السليمانية وصدور تصريحات تتهم الحركة بالوقوف وراء المظاهرة، قام أنصار من حزب بارزاني في وقت متأخر من مساء أول من أمس بهجوم على مقر حركة التغيير الرئيسي في عاصمة الإقليم وأحرقوه بالكامل، وفي قضاء سوران هاجم أنصار الحزب مقرا آخر للحركة هناك وأحرقوه، وفي مدينة دهوك هجم أنصار الحزب على مقر آخر للحركة ونهبوا كل ما فيه. وزار محافظ أربيل نوزاد هادي إلى مقر حركة التغيير في أربيل بعد نجاح الإطفائيين في السيطرة على النيران المندلعة فيه وأدان بشدة تلك الهجمات، متهما جهات غوغائية بالاندساس بين الجماهير والإقدام على تلك الفعلة بإحراق المقر.

في غضون ذلك، أكد مصدر خاص بـ«الشرق الأوسط» أن القوات الأمنية طلبت من أصحاب المحلات التجارية الواقعة على شارع مولوي الرئيسي بمدينة السليمانية إغلاق محلاتهم تحسبا من هجمات الغوغائيين ونهبها إلى حين استتباب الوضع الأمني بالكامل في المدينة.

وعلى صعيد التنديدات الرسمية والشعبية، فقد أصدرت حركة التغيير والاتحاد الإسلامي بيانا مشتركا أدانا فيه العنف الذي تحولت إليه مظاهرة الخميس، داعين إلى ضبط النفس والتعاون مع الأجهزة الأمنية للسيطرة على الوضع، وأعقبها بيان من الجماعة الإسلامية في كردستان التي أدانت بدورها أعمال العنف التي رافقت المظاهرة، وانضم إليها كل من اتحاد علماء مسلمي كردستان واللجنة العليا للفتوى التي طلبت من الجماهير الكف عن أعمال العنف، داعين أئمة وخطباء المساجد إلى تكريس خطب الجمعة لحث المواطنين على الهدوء والحذر من مخططات الأعداء المتربصين بأمن واستقرار إقليم كردستان.

من جهتها، دعت 57 منظمة مدنية وشخصية سياسية وثقافية وأكاديمية في كردستان في بيان لها الحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير إلى الجلوس على طاولة مفاوضات لإنهاء الصراع الدائر حاليا بين المعارضة والسلطة لتفويت الفرصة على الأعداء الذين يستغلون تطورات الأحداث في المنطقة لإفشال التجربة الديمقراطية في الإقليم. ودعا البيان إلى الإسراع بإجراء الإصلاحات الضرورية المطلوبة في كردستان والاستماع إلى المتظاهرين للوقوف على مطالبهم ومشكلاتهم والإسراع بتلبيتها.

وكان عشرات الآلاف من أنصار حركة التغيير قد تجمعوا صباح أمس أمام المكتب الرئيسي للحركة في السليمانية للتعبير عن احتجاجهم تجاه الهجمات على مقرات الحركة في عدد من المدن الكردستانية وإحراقها. وقال بيان للحركة إن قيادة الحركة تدعو أنصارها إلى العودة لمنازلهم وعدم التجمع بهذه الكثافة خوفا من استغلالها من قبل بعض الأطراف المعادية، والسعي للتهدئة لتفويت الفرصة على المندسين. واتهمت الحركة أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني بالهجوم على مقرها في أربيل وقالت: «منذ الساعة الثانية عصرا طوقت قوات أمنية مقر الحركة بأربيل، ولكن في حدود الساعة الخامسة نزل عدد من العناصر في سيارات رباعية الدفع بنوافذ سوداء ودخلوا إلى المقر وأحرقوا المولدات الكهربائية وكسروا جميع محتويات المقر، وإن نفس السيناريو قد تكرر في سوران ودهوك، ونحن في الحركة نحذر السلطة من مثل هذه السيناريوهات التي عفا عليها الزمن، وندعوها إلى الاستماع إلى مطالب الجماهير واحترام إرادتهم، وأن تتعظ السلطة من دروس تونس ومصر وتتعامل بروح من المسؤولية مع الأحداث الجارية».

وكان رئيس الإقليم مسعود بارزاني قد أصدر نداء من مقر وجوده في أوروبا إلى الشعب الكردستاني قال فيه: «من الواضح أن أعداء شعب كردستان لا يزالون يحاولون خلق الفتنة والفوضى». ودعا حكومة الإقليم إلى أن «تباشر فورا تشكيل لجنة تحقيقية من أجل المتابعة وتعقب المجرمين والذين يقفون وراء خلق هذه الفتنة».

وكانت أنباء قد تحدثت عن هجوم متظاهرين في العاصمة البريطانية لندن على مقر ممثلية حكومة إقليم كردستان واحتلاله، لكن مديرة مكتب الممثلية بيان سامي عبد الرحمن نفت في اتصال مع «الشرق الأوسط» تعرض المكتب للاحتلال. وقالت: «تناقلت بعض وسائل الأعلام المحلية والدولية نبأ تعرض مكتب ممثليتنا لهجوم من المتظاهرين والاستيلاء عليه، وهذه الأنباء عارية عن الصحة، حيث إن الممثلية تزاول أعمالها اليومية بخدمة الجالية الكردية في بريطانيا بشكل طبيعي، وإن أحدا من المتظاهرين لم يدخل إلى مبنى المكتب».