دول آسيا الوسطى تخضع الإنترنت لرقابة مشددة

مستعينة بأجهزة الشرطة وتشديد القوانين ورفع تعرفة الخدمة

TT

لم تنتظر الأنظمة الاستبدادية في آسيا الوسطى الثورتين المصرية والتونسية لمراقبة الوصول إلى المواقع التي يمكن أن تشجع على المظاهرات، فوسائل الإعلام المستقلة والمدونات وشبكات التواصل الاجتماعي تخضع لرقابة مشددة. فأوزبكستان تستعين بأجهزة الشرطة لمراقبة مستخدمي الإنترنت، وتفرض تركمانستان تعرفة باهظة على استخدام الشبكة العنكبوتية، أما في كازاخستان فإن القانون يحد كثيرا من نشاط أصحاب المدونات. وقد اضطر التركمان إلى انتظار عام 2008 للتمكن من الاستفادة من الإنترنت في منازلهم، ولكن بأسعار خيالية: فتكلفة الاشتراك عبر الاتصال السريع الذي تحتكره الدولة تبلغ 7 آلاف دولار في الشهر. وتخضع الإنترنت لقيود قاسية أيضا، فالـ«يوتيوب» والـ«فيس بوك» و«تويتر»، وقواعد المدونات مثل «لايف جورنال»، غير متاحة، على غرار مواقع المعارضة. ويسمح بمقاهي الإنترنت منذ فبراير (شباط) 2007 لكن يتعين على مرتاديها إبراز بطاقة هوية.

ولم تتطرق وسائل الإعلام الرسمية في تركمانستان وأوزبكستان، إلى الثورتين المصرية والتونسية اللتين اضطلع خلالهما الإنترنت بدور حاسم على صعيد التعبئة الجماهيرية، حسبما لاحظت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير نشرته حول الموضوع أمس. ووجهت الولايات المتحدة في هذا الإطار تحذيرا إلى بلدان آسيا الوسطى الأربعاء الماضي. وقال روبرت بلايك مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، خلال زيارة إلى تركمانستان، إن «من المهم أن يستفيد قادة البلدان التي تخضع فيها مجتمعاتهم للرقابة من الدروس المستقاة من ثورتي تونس ومصر».

ويبدو أن أوزبكستان تتجه لتجاهل هذه الرسالة، فقد فرض هذا البلد الذي يحكمه منذ أكثر من 20 عاما الرئيس إسلام كريمكوف، رقابة لصيقة على مستخدمي الإنترنت منذ مستهل عام 2000 بعد ثورتي أوكرانيا وجورجيا. وتستطيع الدولة فصل أي مشترك عن الشبكة في أي لحظة إذا اعتبرت أن نشاطه على الإنترنت يشكل خطرا عليها.

ويوجه مشغل منتدى «اربوز. كوم» الذي يتخذ من الخارج مقرا وينتقد النظام الأوزبكي، تحذيرا إلى زواره الذين يجازفون بتعريض أنفسهم للاعتقال، كما يقول. ويقول: «يجب ألا تدخلوا أبدا وفي أي ظرف إلى المنتدى عندما تكونون في أوزبكستان. أريد أن أضمن سلامتكم، لذلك أشجعكم على أن تأخذوا رسالتي على محمل الجد». وفي مقاهي الإنترنت، تدعو لافتات من جهة أخرى إلى «الامتناع عن زيارة مواقع معادية للدستور ومتطرفة أو خلاعية». أما موظفو المقهى، فيدققون مسبقا في الوثائق التي ينقلها الزبائن على مفاتيح «يو إس بي». وقال المدافع عن حقوق الإنسان سورات أكراموف: «على رغم وجود تكنولوجيات اتصال جديدة، ما زالت أوزبكستان معزولة إلى حد كبير عن العالم الخارجي».

وتصنف منظمة «مراسلون بلا حدود» غير الحكومية تركمانستان وأوزبكستان بين البلدان الـ12 «المعادية للإنترنت» مع كوريا الشمالية خصوصا.

وفي كازاخستان الذي يحكمها منذ 1989 نور سلطان نزارباييف، اشتدت الرقابة في 2009 بعد أن صنف كل موقع على الإنترنت بأنه وسيلة إعلامية. وقالت إيرينا مدنيكوفا المسؤولة في هيئة «من أجل إنترنت حرة» الكازاخستانية إن «كل موقع يعتبر بصورة تلقائية وسيلة إعلامية، وعليه بالتالي أن يسجل في وزارة العدل، وحتى المدونات». وبالإضافة إلى وسائل الإعلام المعارضة (صحيفة «رسبوبليكا» وتلفزيون كاي بلاس - تي في نت)، التي تقفل بصورة منتظمة، فإن قواعد مدونات (لايف جورنال) و(بلوغ سبوت) و(كاي يو بي إنفو)، غير متاحة في كازاخستان». وأعربت مدنيكوفا عن الأسف بقولها: «نرصد باستمرار ضغوطا على المنشورات (الكازاخستانية) المستقلة على شبكة الإنترنت، والتي لا يتوافر منها سوى عشرة».