استمرار المظاهرات في بغداد.. وتشكيل لجنة عليا لإدارتها في البصرة

مئات الأرامل والأيتام يطالبون الحكومة بالالتفات إلى وضعهم

TT

في الوقت الذي استمرت فيه المظاهرات في أنحاء مختلفة من العاصمة العراقية بغداد أمس، أنهى المتظاهرون في محافظة واسط مظاهراتهم التي بدأت الأربعاء الماضي بعد تلقيهم وعودا من الحكومة بتلبية مطالبهم في غضون شهرين. وفي البصرة أعلن تشكيل لجنة شعبية لتنظيم المظاهرات يقودها شيوخ عشائر ورجال أعمال وسياسيون مستقلون.

وطبقا لمصدر في الشرطة، فإنه في الوقت الذي باتت فيه ساحتا التحرير في قلب بغداد والفردوس في شارع السعدون مكانا مفضلا لعشرات، وأحيانا مئات المتظاهرين يوميا في العاصمة، فإن مناطق أخرى انطلقت فيها مظاهرات مختلفة، ومنها الكاظمية والعبيدي وسبع أبكار.

وتظاهر مئات الأيتام والأرامل، أغلبهم ضحايا أعمال عنف وقعت في العراق خلال الأعوام الماضية، مطالبين الحكومة بإصدار تشريعات لتحسين أوضاعهم المعيشية والاجتماعية. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية نظمت المظاهرة منظمات إنسانية ومنظمات المجتمع المدني وجمعت مئات الأطفال والأرامل من مناطق متفرقة في بغداد والمناطق المحيطة بها في منطقة اليرموك (غرب).

وقالت سوسن إسماعيل، 44 عاما، مسؤولة عن تربية خمسة أطفال، فتاة وأربعة أولاد، أكبرهم 18 وأصغرهم عشر سنوات، وقتل زوجها بعد خطفه عام 2007: «أعيش من مساعدة تقدمها منظمة إنسانية وراتب شهري عن عملي في مكتبة، بما مجموعه 265 ألف دينار (نحو 212 دولارا)». وأضافت السيدة التي بدت شاحبة وترتدي ملابس سوداء «لكنني أدفع إيجارا لشقة، حيث أسكن مع أطفالي، قدره 300 ألف دينار (نحو 250 دولارا)». وتابعت «اسأل الحكومة، كيف لي أن أطعم أطفالي؟».

ويشير تقرير للأمم المتحدة لعام 2008 إلى وجود نحو مليون و140 ألف يتيم ونحو ثلاثة ملايين امرأة مسؤولة عن رعاية أسرتها، أغلبهن من الأرامل في العراق. ويوجد نحو 336 ألف طفل يتيم ونحو 871 ألف امرأة مسؤولة عن إعالة أسرتها في بغداد فقط، وفقا للتقرير.

وفي الكوت، أنهى المتظاهرون الذين نظموا واحدة من أكبر المظاهرات في العراق، التي أدت إلى إحراق أجزاء من مبنى المحافظة ومنزل المحافظ حملتهم بعد أن أعلنت الحكومة الاستجابة لمطالبهم في غضون شهرين في وقت لم تصدر فيه وزارة الداخلية شيئا بخصوص ذلك، مما يؤكد عدم الاستجابة للمطلب الأول للمتظاهرين بإقالة المحافظ لطيف حمد الطرفة الذي ينتمي إلى ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي.

وفي البصرة، جدد الأهالي هناك الطلب بإقالة المحافظ شلتاغ عبود، الذي ينتمي هو الآخر إلى ائتلاف دولة القانون، وهو ما باتت تعتبره أوساط مقربة من المالكي بأن التشديد على إسقاط المحافظين الذين ينتمون إلى «دولة القانون» في محافظات الوسط والجنوب إنما هو الصفحة الأولى من مخطط يستهدف إسقاط مسؤولي «دولة القانون» من منطلق فشلهم في إدارة الحكومات المحلية، وهو ما يعني بداية مرحلة تسييس المظاهرات. وفي البصرة ذاتها أعلن القيادي في اللجنة الشعبية لإدارة المظاهرات الشيخ محمد الزيداوي في مؤتمر صحافي عقده بالمدينة أن «اللجنة تطالب بحل مجلس محافظة البصرة وإقالة محافظها شلتاغ عبود، وإجراء انتخابات محلية مبكرة لتشكيل مجلس جديد وتعيين محافظ مستقل سياسيا»، لافتا إلى أن «اللجنة تؤكد على أهمية تغيير مديري الدوائر الخدمية وتوفير الخدمات الأساسية والحصة التموينية للمواطنين، وكذلك تحجيم البطالة ومكافحة الفساد الإداري، إضافة إلى حل وإعادة تشكيل هيئتي النزاهة والاستثمار».

من جهته، اتهم المالكي قوى، لم يسمها، بأنها لا تريد أن تسود الديمقراطية في البلاد، مطالبا الشباب بأن يقفوا في وجه كل من يحاول الخروج على القانون أو من يتمرد على الدولة أو على النظام، محملا إياهم مسؤولية نشر الثقافات المناهضة للعنف والقتل والإرهاب. وقال المالكي خلال حفل نظمته وزارة الشباب والرياضة بمناسبة ذكرى المولد النبوي إنه «يتحتم على الشباب الوقوف في وجه الذين يخرجون على القانون أو يتمردون على الدولة أو على النظام»، مؤكدا في الوقت نفسه أن على الشباب أن «يدركوا أن هناك قوى لا تريد للديمقراطية أن تستمر، ولا تريد شبابا حرا أو حريات». وبينما لم يكشف المالكي عن تلك القوى فإنه أكد أن «تلك القوى تأتي تحت عناوين ولافتات مشروعة وحقيقية ينبغي الالتفات لها، ولكنها لا تقصدها ولا يهمهم الشعب أو العراق، وإنما يقصدون أحداثا سياسية ربما تتعارض مع تطلعاتنا لبناء عراق مستقر فيه مساواة وقانون وعدالة وتداول سلمي للسلطة».