أبو مازن: الدبلوماسية حققت انتصارا حقيقيا.. ولا نسعى إلى مقاطعة أميركا

عريقات لـ «الشرق الأوسط»: ندرس وضع السلطة ومصير المفاوضات.. وإسرائيل لن تأسف لرحيل عباس

المندوب الفلسطيني في الامم المتحدة رياض منصور يلقي كلمته امام مجلس الامن الدولي قبل التصويت على مشروع قرار ضد الاستيطان الليلة قبل الماضية (أ ف ب)
TT

قال الرئيس محمود عباس (أبو مازن) إن الدبلوماسية الفلسطينية حققت انتصارا حقيقيا بعد تصويت 14 دولة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار يدين الاستيطان في الأرض الفلسطينية، ويعتبره غير شرعي، رغم استخدام واشنطن حق النقض (الفيتو). وأضاف خلال لقائه أعضاء المجلس الأكاديمي الفلسطيني، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، أمس، أن القيادة تعرضت لضغوط كبيرة على مدى يومين متتاليين، «لكن حرصنا على مصالح الشعب الفلسطيني كان أكبر من كل هذه الضغوط».

وأوضح أبو مازن: «لا نسعى إلى مقاطعة الإدارة الأميركية، وليس من مصلحتنا مقاطعة أحد، لأننا لسنا عدميين، بل نريد المحافظة على مصالحنا وحقوقنا المشروعة بموجب القانون الدولي».

وأضاف أن قرار التوجه إلى مجلس الأمن اتخذ قبل 3 شهور، وتم التحاور بشأنه مع الإدارة الأميركية ومع مختلف الأطراف الدولية التي أعلنت مساندتها لتوجهنا، لكن الإدارة الأميركية أعلنت عن تحفظها وطالبت القيادة بالتراجع عنه.

من جانبه دعا رئيس دائرة المفاوضات المستقيل في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إلى إعادة النظر في الوضع الفلسطيني وإجراء تقييم شامل للسلطة، ومصير المفاوضات، بعد «الفيتو» الأميركي.

وقال عريقات لـ«الشرق الأوسط»: «يجب إجراء إعادة تقييم شاملة. السلطة ولدت لتنقل الشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، وإسرائيل تمنع ذلك.. من دون ولاية للسلطة لا يمكن الاستمرار».

وأضاف: «أنا لا أدعو إلى حل السلطة الآن، لكنني أطلب إعادة تقييم كاملة وشاملة».

وأكد عريقات أن الخطوة التالية التي سيلجأ إليها الفلسطينيون هي التوجه «إلى الأمم المتحدة ومحكمة لاهاي.. لن نقف عند هذا (الفيتو) غير المفهوم وغير المبرر الذي يشجع إسرائيل على مزيد من الاستيطان.. سنتمسك بحقنا في التوجه إلى هذه المؤسسات الدولية».

وأثار «الفيتو» الأميركي الأول في عهد الرئيس باراك أوباما، استنكارا فلسطينيا شديدا. وهددت السلطة بأنها ستعيد النظر في كل العملية التفاوضية، بينما دعت حركة فتح إلى مسيرات غضب موجهة ضد الإدارة الأميركية، يوم الجمعة المقبل، بعدما سيرت مسيرات لدعم أبو مازن في وجه الضغوط الأميركية قبل ساعات من الذهاب إلى مجلس الأمن.

وجاء «الفيتو» الأميركي بعد أن أصرت السلطة على الذهاب إلى مجلس الأمن، قائلة إن حرية الفلسطينيين ليست للمساومة، وذلك رغم الضغوط الأميركية التي مورست عليها لثنيها عن ذلك، ورغم أن أوباما شخصيا هدد أبو مازن بقطع المساعدات عن السلطة.

ووصل الغضب ذروته بإعلان أمين سر اللجنة التنفيذية، ياسر عبد ربه، أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطا في العملية السلمية، مؤكدا أن القيادة ستعيد النظر في عملية المفاوضات مع إسرائيل، وأضاف: «سنتابع العمل في مجلس الأمن والجمعية العمومية والكفاح السلمي على الأرض، ولن يعرقل (الفيتو) الأميركي النضال الوطني الفلسطيني من أجل حريته ونيل حقوقه الوطنية».

ولم يأت موقف حركة حماس مختلفا عن السلطة، إذ وصفت الحركة الموقف الأميركي، بأنه «تصرف غير أخلاقي واستهتار بالمجتمع الدولي عامة، وبحقوق شعبنا خاصة»، غير أنها اعتبرته كذلك «صفعة لسلطة فريق أوسلو التي تعلق الآمال على دور الوسيط الأميركي». وأضافت الحركة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن هذا التصرف «يؤكد حقيقة انحياز الإدارة الأميركية الفاضح للاحتلال، والداعم لسياسة الاستيطان والعدوان على شعبنا على الرغم من ادعائها كذبا معارضتها له».

ودعت الحركة الرئيس الفلسطيني إلى «التوقف عن بيع الأوهام لشعبنا الفلسطيني ومحاولة خداعه بعملية تسوية فاشلة، والانسحاب النهائي من ما يسمى عملية التسوية السياسية، ووقف المراهنة على الإدارة الأميركية المنحازة، ووقف أشكال التنسيق الأمني كافة مع العدو الصهيوني، والانحياز لخيار المقاومة الذي يجمع عليه شعبنا الفلسطيني». وشدد فوزي برهوم، المتحدث باسم حماس، على أن الإدارة الأميركية لم تكن في يوم من الأيام نزيهة في رعايتها لأي مشاريع تسوية أو عملية سلام.

إلى ذلك، هاجمت إسرائيل بشدة أبو مازن، ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر في مكتب نتنياهو قولها إن الإدارة الأميركية اتخذت قرارها باستخدام «الفيتو» ضد القرار الفلسطيني في ظل إدراكها بأن الجانب الفلسطيني يماطل ولا يرغب في تحقيق السلام. وأضافت المصادر أنه «رغم المحاولات الأخيرة للرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته، لإقناع عباس بالتراجع عن عرض القرار للتصويت، فإن الأخير رفض، وهذا عزز الرؤية المتبلورة حديثا في واشنطن التي ساعدت تل أبيب في تكوينها حول أنه لا يريد السلام وغير قادر على تحقيقه».

وقالت المصادر إن إسرائيل «لن تأسف كثيرا على رحيل عباس الذي يمثل جيلا قديما متمسكا بأوهام تتعلق بقضايا أساسية، ولا يمكن لإسرائيل أن تتنازل فيها، كقضايا الأمن واللاجئين والقدس».