انتقادات دولية وإدانات عربية للموقف الأميركي.. وترحيب وشكر من إسرائيل

مصر تعتبر الفيتو مخيبا للآمال.. وتطالب بالنظر بجدية في «حق النقض» وفرنسا والاتحاد الأوروبي يأسفان وبريطانيا تدعو للعودة للمفاوضات

TT

باستثناء الموقف الإسرائيلي الذي كان مرحبا وشاكرا للجميل، تراوحت ردود الفعل العربية والدولية بين الإدانة والتعبير عن الأسف لاستخدام الولايات المتحدة الليلة قبل الماضية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية ويعتبره غير شرعي وعقبة في طريق السلام.

ففي القاهرة أعربت الأمانة العامة للجامعة العربية عن إدانتها الشديدة للفيتو الأميركي. وقال السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة: «هذه خطوة أميركية مستهجنة، وغير مبررة، وتصب في تشجيع المعتدي الإسرائيلي على انتهاك قرارات الشرعية الدولية، التي تعتبر الاستيطان والأعمال أحادية الجانب أمورا غير مشروعة». وأضاف صبيح: «استخدام الفيتو يظهر مدى الإجحاف الذي تمارسه الولايات المتحدة بحق القضية الفلسطينية، ويثبت أن سياستها تقوم على أساس الكيل بمكيالين».

وتساءل كيف تتحدث واشنطن عن بذل مساع جادة لإحلال السلام وهي تدعم الاستيطان بهذا الشكل، مع أن استمراره يؤدي إلى تعذر تطبيق حل الدولتين.

وانتقد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في مصر بشدة الفيتو الأميركي، ووصف الموقف الأميركي بأنه «مخيب لآمال الجماهير، ليس فقط الفلسطينية والعربية بل أيضا على المستوى الدولي وبالذات في كافة الدول المتبنية لمشروع القرار». وقال إن الفيتو الأميركي «الذي يتناقض مع الموقف الأميركي المعلن الرافض لسياسة الاستيطان سيلحق المزيد من الضرر بمصداقية الولايات المتحدة على الجانب العربي كوسيط في جهود تحقيق السلام»، وأشار إلى أن التصويت الأميركي، ومهما قيل «سيتم النظر إليه باعتباره تشجيعا لإسرائيل على الاستمرار في سياسة الاستيطان والتهرب من الالتزامات التي تفرضها قرارات الشرعية الدولية وأسس تحقيق السلام».

وانتقد المتحدث كذلك المنطق الذي بررت به الولايات المتحدة تصويتها، على أن تبني القرار كان سيشجع الأطراف على البقاء خارج المفاوضات واعتبره منطقا مغلوطا، وقال إنه وعلى العكس فإن «استخدام الولايات المتحدة حق النقض لإجهاض القرار من شأنه أن يقلل بشكل كبير من إمكانية عودة الطرفين إلى المفاوضات».

وقال إن قيام الإدارة الأميركية «بالحيلولة دون تناول مجلس الأمن الدولي باعتباره الجهاز الأساسي المعني بحفظ الأمن والسلم في العالم، موضوع الاستيطان وأثره المدمر على فرص تحقيق السلام القائم على حل الدولتين هو أمر يكرس انعدام الديمقراطية على المستوى الدولي نتيجة تمتع بعض الدول بمثل هذه المزايا المتوارثة من حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وهو ما يستوجب مجددا النظر في هذا الأمر بجدية من جانب العضوية العامة للأمم المتحدة».

وشكرت إسرائيل الرئيس الأميركي باراك أوباما ودعت الفلسطينيين إلى الاستئناف الفوري للمفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة. وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن «إسرائيل تقدر كثيرا قرار الرئيس أوباما بفرض الفيتو على قرار مجلس الأمن». ورأى نتنياهو أن القرار الأميركي «يثبت أن الطريق الوحيد إلى السلام يمر عبر مفاوضات مباشرة وليس من خلال قرارات منظمات دولية».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية يغال بالمور قد أعلن في بيان سابق أن «المفاوضات المباشرة لطالما كانت ولا تزال السبيل الوحيد لتسوية النزاع بين الطرفين»، مضيفا أن «الطريق قصير بين رام الله والقدس.. وكل ما يتعين على الفلسطينيين القيام به هو العودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة».

وأعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون عن أسفها لعدم «التوصل إلى إجماع» في مجلس الأمن الدولي. وأشارت «بأسف إلى أنه لم يكن من الممكن التوصل إلى إجماع على القرار حول المستوطنات» دون أن تذكر صراحة الولايات المتحدة التي مارست حق الفيتو ضد مشروع القرار. وقالت أشتون إن «موقف الاتحاد الأوروبي حول المستوطنات بما في ذلك في القدس الشرقية واضح.. إنها غير شرعية في نظر القانون الدولي وتشكل عقبة في وجه السلام وتهدد حل الدولتين». وتابعت: «نحن بحاجة الآن إلى بذل كل ما هو ممكن من أجل استئناف المفاوضات بشكل عاجل بين الطرفين».

وأسفت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال آليو - ماري لعدم توصل مجلس الأمن إلى اتفاق، قائلة: «إنني متأسفة لذلك». وأكدت آليو - ماري على الموقف الفرنسي الذي يعتبر الاستيطان «غير شرعي بنظر القانون الدولي ويجب وقفه». ودعت للعودة منذ الآن إلى المفاوضات المباشرة.

ودعت بريطانيا للعودة إلى طاولة المفاوضات. وقال وزير الخارجية ويليام هيغ: «أدعو الطرفين لاستئناف المفاوضات المباشرة في أسرع وقت ممكن للتوصل إلى حل بدولتين على أساس ثوابت واضحة». وأشار هيغ إلى أن بريطانيا صوتت لصالح مشروع القرار الذي يؤكد أن المستوطنات تشكل «عقبة في وجه السلام». وقال: «عرضت بشكل واضح مخاوفي الجدية بشأن المأزق الحالي في عملية السلام في الشرق الأوسط». وأضاف: «ينبغي ألا ندع الأحداث الجارية في المنطقة بصورة عامة تبعدنا عن العمل في اتجاه حل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني».

وأدانت منظمة المؤتمر الإسلامي أمس، الفيتو الأميركي، واعتبرته على لسان أمينها العام البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلي تشجيعا «لإسرائيل على الاستمرار في انتهاكاتها». وأوضح أوغلي أن الفيتو «يزيد من تعقيد الأمور في المنطقة، ويشجع إسرائيل على التهرب من التزاماتها الدولية واستحقاقات عملية السلام التي توقفت بسبب أنشطتها الاستيطانية، ويوجه ضربة قاصمة لمصداقية الجهود الدولية الرامية لاستئناف هذه العملية».

وشدد على أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية «يجب أن يتوقف، وأن يكون محل إدانة دولية باعتباره غير شرعي، ويشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي، ويقوض فرص إقامة الدولة الفلسطينية، ويحول دون التوصل إلى حل يقوم على أساس الدولتين».