تونس: العفو العام عن السجناء السياسيين يدخل حيز التنفيذ.. و30 ألفا سيستفيدون منه

ترقب مسيرة مليونية ضد الحكومة المؤقتة.. ومشاورات لتشكيل «مجلس لحماية الثورة»

TT

دخل العفو العام عن المساجين السياسيين في تونس حيز التنفيذ، أمس، بعد صدور مرسوم بذلك من الرئيس المؤقت للبلاد فؤاد المبزع. وقالت وكالة الأنباء التونسية إن الرئيس الانتقالي وقع المرسوم المتعلق بالعفو العام الذي سيشمل كل الذين سجنوا أو تمت ملاحقتهم على أساس جرائم تتعلق بالحق العام بسبب نشاطهم السياسي أو النقابي. وكانت أول حكومة انتقالية تبنت مشروع قانون العفو العام عن السجناء السياسيين في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي بعد ستة أيام من سقوط نظام بن علي. وقدرت منظمات حقوقية محلية أن يستفيد من قانون العفو العام نحو 30 ألف تونسي. وقد نص القانون الجديد على مجموعة من آليات العودة للعمل بالنسبة للذين شملهم العفو وأرسى مبدأ التعويض بالنسبة لكل من شملهم هذا العفو العام.

والأربعاء الماضي، أعلن وزير العدل الأزهر قروي الشابي أنه تم الإفراج بشروط عن ثلاثة آلاف سجين. ويومها، تظاهر نحو 200 شخص قد تظاهروا أمام وزارة العدل للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم المعتقلين وتطبيق العفو العام. وقال المحامي سمير بن عمر إنه لا يزال ما بين 300 و500 معتقل سياسي في السجون.

في غضون ذلك، دعت مجموعة من القوى السياسية على رأسها قوى «جبهة 14 يناير» السياسية والأطراف المنادية بتكوين مجلس وطني لحماية الثورة، إلى مسيرة مليونية اليوم الأحد بوسط العاصمة وصولا إلى ساحة الحكومة بالقصبة المكان الذي عرف هجوما على آخر المعتصمين من المناطق الداخلية والمنادين بحل الحكومة المؤقتة. وكانت مجموعة مكونة من 28 حزبا ومنظمة بينها الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة النهضة وحزب العمال الشيوعي، قد دعت إلى إسقاط الحكومة الحالية وتكوين مجلس تأسيسي ومجلس وطني لحماية الثورة تكون له سلطة تقريرية، وهو الذي يتولى إعداد التشريعات المتعلقة بالفترة الانتقالية والمصادقة عليها. كما يراقب أعمال الحكومة المؤقتة ويعيد النظر في تشكيل اللجان المختصة إلى غير ذلك من المهام السياسية.

لكن الحزب الديمقراطي التقدمي، (معارض سابق لنظام بن علي ورشح أحمد نجيب الشابي لتولي حقيبة وزارية في الحكومة المؤقتة)، سارع إلى رفض ما سماه «كل أشكال الوصاية على ثورة الشعب التونسي»، مضيفا أنه «لا يرى أي مشروعية أو مسوغ لتنصيب هيئة تمنح لنفسها صلاحيات برلمان ورقابة على السلطة التنفيذية خارج أي تفويض من الشعب». لكنه عاد وأيد تشكيل هيئة سياسية واسعة تضم كل الأحزاب والمنظمات الوطنية لإبداء الرأي والتشاور مع الحكومة في كل ما يهم العملية السياسية في هذه المرحلة الانتقالية.

وكان فؤاد المبزع قد التقى أمس قيادات من اتحاد الشغل والمحامين والقضاة وتناولت المحادثات كيفية تأسيس المجلس الوطني لحماية الثورة، ومن المنتظر أن يتم الحسم في الأمر يوم غد الاثنين. وقال حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي التونسي المنادي بتشكيل المجلس: «إن هذا المجلس الذي لن يعوض الحكومة وإنما لضمان الانتقال الديمقراطي ولمراقبة أداء الحكومة حتى لا تسقط في مسائل تضرب مكاسب الثورة». ومن المنتظر أن يعرض الرئيس المؤقت المبزع مقترح إنشاء مجلس حماية الثورة على أعضاء الحكومة المؤقتة.

وتواصل الحكومة المؤقتة في تونس من جهتها، حشد الدعم الدولي لإنجاح المؤتمر الدولي حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية المزمع تنظيمه نهاية مارس (آذار) القادم. وأبدت عدة أطراف دولية استعدادها للمشاركة في المؤتمر وعبرت كل من فرنسا وبلدان الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة وكندا وإيطاليا وألمانيا واليابان والإمارات العربية المتحدة إلى حد الآن عن دعمها للمؤتمر واستعدادها لمساعدة تونس على إنجاح مرحلة الانتقال الديمقراطي. وسيعكف هذا المؤتمر على بحث الإصلاحات الكبرى التي يتعين إدخالها على المستويين السياسي والاقتصادي من أجل إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي وبناء منظومة تنموية جديدة تستجيب للاحتياجات الجديدة للتونسيين وانتظاراتهم فضلا عن حشد الدعم المالي الدولي لمشاريع الإصلاح والتنمية في تونس.

ويحتاج الاقتصاد التونسي خلال الفترة الانتقالية لمشاريع تنموية تستوعب آلاف العاطلين عن العمل، إلا أن المؤتمر الذي أعلنت الحكومة المؤقتة عن تنظيمه يلاقي رفضا لانعقاده في تونس من قبل بعض الأطراف السياسية. فقد عبر الاتحاد الديمقراطي الوحدوي (قومي عربي) عن رفضه لهذا المؤتمر معتبرا أن «الإصلاح السياسي شأن داخلي مرتبط بالسيادة الوطنية والإرادة الحرة للشعب بعيدا عن إملاءات الجهات المانحة». ودعا الشعب التونسي إلى رفض هذه المبادرة التي قال إنها «مهينة» لإرادته وثورته المجيدة وكفاءة نخبه وقواه الحية. واعتبر مبادرة الحكومة المؤقتة «تجسيدا للاستمرار في نهج التبعية الاقتصادية لمركز رأس المال العالمي والخيارات الجاهزة للبنك الدولي وسائر مؤسسات النهب العالمي لثروات الشعوب» كما جاء في بيان وزعه على وسائل الإعلام. وعلى أثر تصريحات عبد الفتاح عمر رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد، خلال ندوة عقدت أول من أمس، وأكد فيها تسلم أربعة مسؤولين في أحزاب سياسة خمسين ألف دينار تونسي (قرابة 35 ألف دولار) نقدا لكل واحد منهم من بقايا التبرعات للحملة الرئاسية لسنة 2009، أصدر أمس، كل من محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، والمنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري، والمنجي الخماسي الأمين العام لحزب الخضر للتقدم، بيانا مشتركا نفوا فيه أي علاقة تربطهم بهذا الموضوع واعتبروا أن تصريح رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد يعتبر «حلقة جديدة من مسلسل الحرب الإعلامية التي تشنها أطراف متنفذة في المشهد الراهن لإقصاء أحزابهم وإثارة الشبهات حولها لدى الرأي العام»، كما استغربوا صمت اللجنة إزاء الملفات الكبرى للفساد التي قالوا إنه يعلمها الخاص والعام.