تونس: مظاهرات تطالب بالعلمنة وإدانات واسعة لاغتيال القس البولندي

الداخلية تتهم «إرهابيين» بقتل الراهب وتتوعدهم بـ«عقاب صارم»

TT

تظاهر آلاف التونسيين في العاصمة أمس مطالبين بإرساء نظام علماني في البلد، وذلك غداة اغتيال قس بولندي ذبحا. وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا إثر نداء عبر موقع «فيس بوك»: «نعم لدولة علمانية». وكتب على لافتات رفعها المتظاهرون الذين تجمعوا في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة، «أوقفوا الممارسات المتطرفة» و«العلمانية: حرية وتسامح». وقال مدون يدعى سفيان الشورابي: «لقد دعونا إلى هذه المظاهرة لإظهار أن تونس بلد متسامح يرفض التطرف ولتدعيم العلمانية في تونس في الممارسة والقانون». وأفادت وكالة «رويترز» بأن ما يصل إلى 15 ألفا تظاهروا أمس ضد الحركة الإسلامية في تونس ودعوا إلى التسامح الديني بعد يوم على اغتيال قس بولندي. وقال رضا غزي، 34 عاما: «هناك حاجة لأن نعيش معا والتسامح إزاء آراء الآخرين». وكان غزي بين محتجين حملوا لافتات ورددوا عبارات تقول إن الإرهاب ليس تونسيا وإن الدين مسألة شخصية. ونددت الحكومة التونسية، أمس، بقتل القس البولندي الذي عثر عليه مذبوحا قرب العاصمة، ودعت «كافة رجال الدين ومكونات المجتمع المدني» إلى التحرك «لتفادي تكرار مثل هذه الأفعال». وقالت وكالة الأنباء التونسية الحكومية «أدانت وزارة الشؤون الدينية مقتل القس البولندي مارك ماريوس روبنسكي بمنوبة (قرب العاصمة) واعتبرته عملا إجراميا داعية رجال الدين وجميع مكونات المجتمع المدني إلى استنكار مثل هذه الأعمال والتدخل لتجنب تكرارها». وأضافت أن الوزارة شددت في بيان على أن «تونس ظلت دائما موطنا للتعايش السلمي مؤكدة ضرورة تجسيم هذا المثل وروح الثورة الشعبية التونسية من خلال التمسك بالتقليد القاضي بإقرار مبدأ التعايش وحرية العبادة». وأكدت تمسكها بـ«مبدأ التعايش وحرية العبادة سواء كان ذلك على المستوى العقائدي أو على مستوى الممارسات»، معربة عن الأسف لوقوع مثل هذه الممارسات «في بلد يؤمن بمبدأ احترام الآخر وحق الاختلاف».

كما نددت حركة النهضة الإسلامية التونسية «بشدة» أمس بمقتل القس البولندي، ورأت أن اغتياله يشكل «مناورة لتحويل أنظار التونسيين عن أهداف الثورة التونسية». وقال القيادي في الحركة، علي العريض «ندين ما حدث ونندد بمن يقف وراءه. وندعو السلطات التونسية المعنية إلى كشف الملابسات الحقيقية لعملية القتل والعثور على من نفذها لإنارة الرأي العام».

وعثر على روبنسكي (34 عاما) مذبوحا بأيدي «متطرفين» أول من أمس في مرأب مدرسة دينية خاصة في ولاية منوبة حيث يعمل محاسبا، بحسب ما ذكر مصدر قريب من الداخلية التونسية. وكانت مصادر في المدرسة قالت إن القس تلقى رسالة تهديدية جاء فيها «سلمنا أموالك أيها المسيحي القذر وغادر». وأكد مارون لحام رئيس أساقفة تونس في تصريحات صحافية أن الضحية قد تلقى التهديد قبل تعرضه للقتل. وبدوره، قال خالد عبيد، مؤرخ بالمعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية، لـ«الشرق الأوسط» بعد حضوره عملية معاينة الجثة، إن طريقة ذبحه تثير الكثير من التساؤلات، مشيرا إلى أن الرجل إما قتل من قبل مجموعات تكفيرية أو من قبل مجموعات تسعى لبث الفوضى في المجتمع التونسي.

وكانت وزارة الداخلية التونسية اتهمت في بيان أصدرته أول من أمس «مجموعة من الإرهابيين الفاشيين ذوي الاتجاهات والمرجعيات المتطرفة» باغتيال الراهب البولندي وتوعدتهم «بعقاب صارم». ويعد روبنسكي أول قتيل من رجال الدين والأجانب في تونس منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي. واعتبرت وزارة الخارجية البولندية أن الجريمة «عمل فردي من طبيعة إجرامية ولا علاقة له بالأحداث الأخيرة في تونس»، دون أن تستبعد «أن يكون الاغتيال اقترف لدواع دينية». ويعيش في تونس نحو 20 ألف مسيحي أغلبهم من المستثمرين والدبلوماسيين الأجانب.