حراك في الهند من إلهام ثورتي مصر وتونس

سينغ يستبعد تكرار الانتفاضتين في بلده.. والصدى الأكبر في كشمير

TT

اعتبر رئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينغ، أن التطورات السياسية في مصر والأحداث التالية في أجزاء من العالم العربي لا يمكن أن تتكرر في الهند، بما في ذلك منطقة جامو وكشمير، حيث إن الهند دولة ديمقراطية يتمتع مواطنوها بحق تغيير الحكومات. وقال سينغ في مقابلة مع وسائل إعلام: «ما يحدث في منطقة الخليج أو غرب آسيا لا يمثل مصدر قلق بالنسبة لنا (لا يمكن أن تتكرر في الهند) لأن الهند دولة ديمقراطية فاعلة». وأشار سينغ إلى أن المواطنين في الهند يتمتعون بحق تغيير الحكومة، كما أن الهند بها وسائل إعلام حرة.

وتتوخى الهند الحذر في رد فعلها على ما يحدث في مصر، وقالت الهند إنها ترحب بـ«فجر الديمقراطية» في مصر، البلد الذي تتمتع الهند بعلاقات قوية وتقليدية معه، وشددت الهند على أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.

وتوجد أسباب كثيرة تقف وراء التحفظ الهندي، حيث إن الرئيس المصري المتنحي، حسني مبارك، لم يكن من الأصدقاء القريبين من الهند، وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية كانت العلاقات الهندية المصرية فاترة نوعا ما، وذلك وفقا لما أفاد به بعض المحللين. وخلال الأعوام القليلة الماضية، كانت الهند ومصر على طرفين متقابلين، بينما يتعلق بالاتفاق النووي والإصلاح الخاص بمجلس الأمن الدولي.

وفي عام 2009 تم البدء في عملية إعادة ضبط العلاقات، حيث أدى النمو الاقتصادي في الهند إلى زيادة ضخمة في الاستثمارات الهندية بمصر. ولكن، تأمل الهند أيضا أن لا تصل جماعة الإخوان المسلمين أو أي من التنظيمات ذوي التوجهات المتشددة إلى سدة الحكم في مصر.

ولكن نجاح الثورة المصرية بدأ يثير الساحة السياسية في كشمير الهندية، حيث بدأت مجموعات سياسية كثيرة في هذا الإقليم تطرح مقارنات بين الكفاحين المصري والكشميري. وجدير بالذكر أنه على مدار العقدين الماضيين شهدت منطقة كشمير صراعا عنيفا رغبة في الانفصال عن الحكم الهندي.

وقال زعيم «مؤتمر حرية» الانفصالي، سيد علي شاه غيلاني، إن «الثورة المصرية أكدت اعتقاد المواطنين في كشمير بأن النضال من أجل الحرية سيصل قريبا إلى نهايته المنطقية». كما قالت زعيمة الحزب الديمقراطي الشعبي، محبوبة مفتي، في مقابلة مع وسائل الإعلام: «توجد الكثير من أوجه الشبه بين مصر وكشمير، ويمكن أن يكون للثورة المصرية أثرها في كشمير أيضا. أحيي الشعب المصري، ويجب أيضا تقدير دور الجيش المصري. يبدو أنهم يحمون المواطنين، إذ لم يوجهوا اتهامات إلى المحتجين. وتقوم حكومتنا بعكس ذلك داخل كشمير حيث تفتري على مواطنيها».

وفي معرض المقارنة بين مصر وكشمير، أكدت أن «الشعب في مصر كان يقاتل من أجل الديمقراطية، ونحن نقاتل، على الرغم من الديمقراطية منذ 60 عاما». وأكد حزبها مجددا على طلبه بوحدة جامو وكشمير والمناطق الخاضعة للسيطرة الباكستانية. كما دعت إلى إنشاء ميدان تحرير في كشمير. وأعلنت محبوبة عن حملة في سريناغار من أجل عرض رؤية حزبها لجامو وكشمير تنعم بالسلام بعد فصل الشتاء في كشمير، قائلة إن الحملة مستلهمة من الأحداث في مصر.

وفي رد فعل على تصريح محبوبة مفتي، بعث رئيس الحكومة الفيدرالية في جامو وكشمير، عمر عبد الله، برسالة على موقع «تويتر» قال فيها: «محبوبة مفتي تدعو الكشميريين إلى تكرار ما حدث في مصر. يبدو أنها ترغب في حكم الجيش أيضا، حيث إن حزبها في المعارضة حاليا». وأضاف عمر عبد الله: «مع الأمل بأن تجد مصر الحكومة التي تستحق، نستمر نحن في حياة تنعم بالسلم».وبسبب الخوف من أن يكون للاحتجاجات في مصر أثر داخل كشمير، وتثير احتجاجات مطالبة بالانفصال، تبقى الحكومة الهندية على أهبة الاستعداد. وعلى مدار 3 فصول صيف ماضية، شهدت كشمير احتجاجات واسعة وتسعى الحكومة إلى القيام بكل ما تستطيع من أجل منع تكرار ذلك في 2011.

وتتخذ الشرطة في جامو وكشمير إجراءات تحسبا لذلك. وتقول مصادر إن مسؤول الشرطة يراقب الوضع عن كثب. وناشد رئيس الشرطة الكشميرية عبر صفحته على موقع «فيس بوك» المواطنين بالتحلي بالهدوء. وقال: «لمن يطرحون مقارنات، فقد قام المصريون بالإطاحة بنظام استبدادي.. ولا توجد أنظمة استبدادية هنا. أرجو من الجميع المحافظة على السلام. ويوجد على الصفحة العشرات من التعليقات من جانب شباب محليين يناقشون هذا الأمر».

وبينما تقوم الحكومة الهندية بمتابعة موجات الاحتجاجات تجتاح غرب آسيا وشمال أفريقيا، حذرت هيئات استخباراتية من أن ذلك قد يكون له تأثيره في جامو وكشمير. وأشار إلى أن الأزمات في أوروبا الشرقية في نهاية الثمانينات من العقد الماضي كانت لها تأثيراتها في كشمير وأدت إلى احتجاجات واسعة وأفرزت أعمال التسلح في عام 1989.

ويقول بي رحمان، الذي كان يعمل لدى الاستخبارات الهندية، إن أزمات غرب آسيا ربما يكون لها أثر مماثل في جامو وكشمير. وقال: «لا يجب أن نقنع بوهم أن ذلك لا يمكن أن يحدث في كشمير». ويرى أنه من أجل تجنب ظهور ذلك في سريناغار يجب معالجة أسباب غضب المواطنين بأقصى قدر ممكن مع ضبط القوات الأمنية نفسها في تعاملها مع المحتجين، ويضيف: «نحتاج في الوقت الحالي إلى سياسيات تناسب رغبات المواطنين».

وقد ظهرت بالفعل دعوات لتنظيم احتجاجات في سريناغار على مواقع الشبكات الاجتماعية. ويقوم الشباب بصورة مستمرة برفع صور ومقاطع فيديو خاصة بالانتفاضتين في مصر وتونس. وجاء على صفحة «جبهة كشمير» على موقع «فيس بوك»: «حان وقت الاستعداد، عليكم تجهيز الأقنعة والأحذية والأوشحة. سننضم إلى الثورة العالمية قريبا!»، ويبلغ عدد أعضاء هذه الصفحة أكثر من 20000 عضو.

وقال الزعيم الروحي التبتي دالاي لاما، المنفي في الهند، إن الانتفاضتين الشعبيتين في مصر وتونس تعتمدان على نهج الاحتجاج غير العنيف الذي اعتنقه المهاتما غاندي، الزعيم الهندي خلال حركة استقلال الهند. وقال الزعيم الحائز على جائزة نوبل للسلام، والبالغ من العمر 75 عاما، خلال زيارة إلى العاصمة المالية الهندية، مومباي: «قبل أعوام عدة، من الفلبين إلى تشيلي، أحدثت حركة سلمية شعبية الكثير من التغيير. والآن حدث نفس الأمر في مصر وتونس، من دون إطلاق رصاصة واحدة من جانب المتظاهرين. وعليه؛ فإن الأمور تتغير، وأجدهم يتبعون مبدأ اللاعنف».