البحرين: بدء الحوار بين ولي العهد والجماعات السياسية

المحتجون يعودون إلى دوار اللؤلؤة بعد أمر الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بسحب الجيش.. ومجلس التعاون يجدد تأكيد دعمه للبحرين

TT

قالت حكومة البحرين، أمس، إنها بدأت حوارا مع الجماعات المعارضة المطالبة بالإصلاح.

وقالت هيئة شؤون الإعلام في رسالة على موقع «تويتر» إن عملية حوار في البحرين قد بدأت بين ولي العهد والجماعات السياسية.

وانسحب الجيش وقوات الشرطة من شوارع المنامة، أمس، بناء على أمر من ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. وفور انسحابهم، عاد آلاف المتظاهرين إلى ميدان اللؤلؤة بعد أن كانت الشرطة قد فكت اعتصامهم قبل يومين بالقوة. وجاء أمر سحب القوات الأمنية بُعيد إعلان المعارضة البحرينية رفضها عرضا للحوار تقدم به الملك وولي عهده، وطالبت بدلا من ذلك باستقالة الحكومة وانسحاب الجيش من شوارع المنامة قبل أي حوار.

وأمر ولي عهد قوات الأمن بالانسحاب من مناطق التظاهر في المنامة، لا سيما ميدان اللؤلؤة، وطلب، في المقابل، من المتظاهرين التفرق تلبية لمبادرته من أجل الهدوء والحوار. ودعا أيضا إلى إعلان يوم للحداد العام على من قُتلوا. ووجه ولي العهد نداء نقلته وكالة الأنباء البحرينية بصفته نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «أمرا إلى جميع قوات الأمن بالانسحاب الفوري من مناطق التجمع». وطلب من «الموجودين في هذه المناطق المغادرة لتفادي الاصطدام بين قوات الأمن والمتجمهرين وذلك انطلاقا من مبادرة (ولي العهد) لضبط النفس والتهدئة والبدء في مرحلة جديدة من العمل الوطني تشارك فيها جميع الأطراف».

ودعا ولي عهد البحرين وسائل الإعلام كافة إلى ضرورة توخي الحيطة والحذر والالتزام بالموضوعية والدقة أثناء نقلها وتغطيتها لأحداث البحرين، انسجاما مع أمر الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، لعقد حوار وطني شامل مع كافة الأطراف.

وقال في كلمة له أمس بثتها وكالة أنباء البحرين، إن الدور البناء لوسائل الإعلام يقوم على الموضوعية وتجنب المبالغة كي لا تصبح الإثارة هي المادة الإعلامية.

كما طلب من كافة المؤسسات الرسمية في مملكة البحرين الانفتاح على وسائل الإعلام وتزويدها بالمعلومات الدقيقة.

وشدد على أن تعاون المواطنين تعاونا بناء وإيجابيا مع وسائل الإعلام والابتعاد ما أمكن عن الخلط بين ما هو حقيقي وواجب نقله كحق من حقوق الأفراد، وما هو عبارة عن مبالغات لا وجود لها في الواقع قد تسهم في التضليل والتشويش للرسالة الإعلامية.

من جانبه نوه الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبد الرحمن بن حمد العطية، بقرار العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بتكليف ولي العهد البحريني، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، بإجراء حوار وطني جاد وبناء مع جميع الأطراف، لتحقيق الآمال والتطلعات التي يصبو إليها مواطنو البحرين، معربا عن ثقته في أن يعيد الحوار الوطني الوئام والطمأنينة إلى البحرين، لتتواصل مسيرة التنمية والرخاء في ظل المشروع الإصلاحي الشامل للعاهل البحريني.

وجدد العطية التأكيد على دعم دول مجلس التعاون الكامل لمملكة البحرين، مستذكرا في هذا الشأن بيان المجلس الوزاري في دورته الاستثنائية الأخيرة، التي عقدت في مملكة البحرين يوم 17 فبراير (شباط) الحالي، الذي أكد عدم قبول تدخل أي طرف خارجي في شؤون مملكة البحرين، وأن الإخلال بأمنها واستقرارها يعد انتهاكا خطيرا لأمن واستقرار دول مجلس التعاون كافة، وانطلاقا من مبدأ الأمن الجماعي المتكامل والمتكافل، وأن أمن واستقرار دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ.

وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون عن ثقته في قدرة مملكة البحرين على تجاوز الظروف الطارئة بفضل حكمة القيادة والتفاف أهل البحرين.

وكانت المعارضة قد رفضت عرض الحوار مقابل عودة الهدوء فورا، وطالبت بأن تسبق الحوار استقالة الحكومة وانسحاب الجيش من شوارع العاصمة. وقال خليل إبراهيم، رئيس كتلة جمعية الوفاق التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي في البلاد والمجموعة الرئيسية في المعارضة: «لا بد للحكومة أن تستقيل والجيش أن ينسحب من شوارع العاصمة حتى يتم التفكير في الحوار». واعتبر إبراهيم أن «هذا العرض للحوار ليس جديا»، مضيفا: «لا بد من خطوات تصحيحية جدية وصادقة مع الناس تتلاءم مع الوضع الحالي». وأضاف: «لا نرى لغة حوار، بل لغة الرصاص على الأرض»، مشيرا إلى أن الجيش أطلق النار على متظاهرين، مما أسفر عن سقوط «95 جريحا منهم 3 على الأقل في حالة موت سريري».

وحذر إبراهيم، الذي انسحبت كتلته من البرلمان، من أن «الوضع يتعقد وأخشى أن تفلت الأمور عن السيطرة». وتسيطر جمعية الوفاق على 18 مقعدا من أصل مقاعد مجلس النواب الأربعين.

من جانبه، اعتبر إبراهيم شريف، المسؤول في التحالف الوطني الديمقراطي «وعد» - يسار - أن مبادرة ولي العهد إيجابية، لكنها تتطلب تهيئة لأجواء الحوار. وقال شريف: «لا يمكن التحاور والسيوف مسلطة على رقابنا». واعتبر أن دعوة الحوار «خطوة إيجابية، لكنها تستوجب تهيئة الأجواء المناسبة للحوار». والإجراءات المطلوبة، بحسب شريف، هي «سحب المدرعات والقوات المسلحة وعودتها إلى الثكنات» و«حق التظاهر والاعتصام، بما ذلك العودة إلى ميدان اللؤلؤة» و«وقف الحملات الإعلامية التي تسهم في إذكاء فتنة طائفية». وتطالب المعارضة الشيعية، بـ«ملكية دستورية» تضمن أن تكون الحكومة منتخبة من الشعب. وتطالب خصوصا بتنحي رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الذي يشغل منصبه منذ 40 سنة. وقال شريف: «نحن نريد دولة ديمقراطية على أساس دستوري يفصل بين السلطات الثلاث ويجعل من الملك رمزا لهذه الدولة».

كان ولي العهد قد تعهد، أول من أمس، ببحث «أي مشكلات ضمن حوار جماعي في البحرين تشارك فيه جميع الأطراف». وقال: «أنا لا أفرق بين أي مواطن (...) لكن ما يحدث الآن غير مقبول (...) البحرين لم تكن في يوم دولة بوليسية»، مضيفا أن «البحرين أصبحت اليوم منقسمة، وهذا ما لا يمكن القبول به». وكلف الملك حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد «بالحوار مع جميع الأطراف والفئات في المملكة من دون استثناء وأعطيناه جميع الصلاحيات اللازمة لتحقيق الآمال والتطلعات التي يصبو إليها المواطنون الكرام بجميع أطيافهم». وناشد الملك، بحسب بيان قرأه التلفزيون الرسمي، الأطراف إلى «التعاون بمحبة وإخلاص» مع ولي العهد. وسبق إعلان انسحاب القوات الأمنية من الشوارع دعوة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين إلى الإضراب العام المفتوح اعتبارا من اليوم للمطالبة بالسماح بالتظاهر بحرية في المملكة. وأكد الاتحاد إدانته لما «تعرض له المتظاهرون». وأضاف أنه يدعو إلى «الإضراب العام اعتبارا من الأحد 20 فبراير (شباط) ما لم يتم سحب الجيش من الشوارع والسماح بحرية التظاهر السلمي من دون اعتداء من قوات الأمن». وأكد الاتحاد أن الإضراب سيراعي «استمرار العمل في الخدمات الأساسية من أجل الحفاظ على حياة المواطنين وصحتهم».

وفي ميدان اللؤلؤة، عاد المتظاهرون للتجمع وهم يحملون الأعلام، ولوح المحتجون بأيديهم مودعين رجال الشرطة المنسحبين، بحسب وكالة «رويترز». وقالت وكالة الصحافة الفرنسية من جهتها: إن المتظاهرين، وبينهم نساء، تمكنوا من اقتلاع الأسلاك الشائكة ومن الوصول إلى الميدان من دون مواجهات مع الشرطة، بينما بدأ بعض الشبان ينصبون الخيام لإعادة إحياء الاعتصام الذي انتهى بشكل دامٍ فجر الخميس بمقتل 4 أشخاص. وأضافت الوكالة أن المتظاهرين دخلوا إلى الدوار من 3 شوارع مؤدية إليه وسجل إطلاق لقنابل مسيلة للدموع في شارع واحد من الثلاثة. واستقبلت مستشفى السلمانية بعض المصابين بحالات اختناق بسبب الغازات المسيلة للدموع من دون تسجيل إصابات خطيرة، بحسب الوكالة نفسها.