الأمن الجزائري يمنع مجددا مسيرة للمعارضة تطالب بالتغيير

بوتفليقة يعد لحزمة إصلاحات بينها اعتماد أحزاب ووقف احتكار الدولة للإعلام

TT

عجز نشطاء تنسيقية التغيير والديمقراطية في الجزائر عن تنظيم مسيرة بالعاصمة أمس لسببين: أولهما قلة عدد المتظاهرين الذي لم يتجاوز 250، حسب مراقبين محايدين، وثانيا كثرة تعداد قوات مكافحة الشغب التي تجاوزت 30 ألفا، بحسب الداعين إلى «مسيرة التغيير». ونظم مؤيدون لرئيس الجمهورية، مسيرة مضادة رفعت شعارات معادية لأهم أحزاب المعارضة.

وغادر المشاركون في المظاهرات التي منعتها قوات الأمن، ساحة أول مايو بوسط العاصمة في حدود منتصف النهار، دون أن يتمكنوا من السير باتجاه ساحة الشهداء، كما كان مقررا. وبدا منذ الساعات الأولى للصباح، من خلال الانتشار الأمني المكثف، أن السلطات مصممة على إحباط أي محاولة للتظاهر في الساحة العمومية. واشتكى الكثير من موفدي الصحف المحلية، من «عرقلة عملهم من طرف قوات الأمن»، التي تلقت تعليمات صارمة بعدم اللجوء إلى العنف مع المتظاهرين، وباعتقال الوجوه البارزة في التنسيقية التي ترفع شعاري «تغيير النظام» و«رحيل بوتفليقة عن سدة الحكم».

وبمرور الوقت، شوهد الرجل المسن والحقوقي البارز، علي يحيى عبد النور وسط مجموعة من المتظاهرين الذين أحاطوا به لمنع رجال الأمن من اعتقاله. وصرح عبد النور، 82 سنة، للصحافة الحاضرة بكثافة، بأن 30 ألف شرطي «يحاصرون ساحة أول مايو بالعاصمة حاليا»، وأن 10 آلاف آخرين منتشرون بمداخل العاصمة «لمنع التواقين إلى الحرية من الالتحاق بالمظاهرة السلمية». وقال عبد النور إن حالة الطوارئ سترفع يوم 28 من الشهر الحالي. وتقول مصادر على دراية بالموضوع، إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيلقي خطابا بمناسبة مرور 40 سنة على تأميم المحروقات (24 فبراير/ شباط 1971)، وسيعلن فيه عن إجراءات توصف بـ«المهمة»، بينها إلغاء احتكار الدولة مجال الإعلام السمعي البصري ورفع الحظر عن إنشاء أحزاب ونقابات (عدة أحزاب تنتظر الاعتماد منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999). بينما سيتم رفع حالة الطوارئ بأمر رئاسي، سيصدر قبل نهاية الشهر الحالي، حسب وعود أطلقها رئيس الوزراء أحمد أويحيى.

وحاول مناضلون ومتعاطفون مع تنسيقية التغيير، تنظيم تجمع وسط الساحة العمومية، لكن كثافة رجال الأمن بالزي الرسمي والمدني حالت دون ذلك. والتحق رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي، بالمتظاهرين برفقة برلمانيين ينتمون للحزب المعارض التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي غاب رئيسه سعيد سعدي عن المظاهرة. وأرجع محسن بلعباس قيادي التجمع، غياب سعدي إلى «أمر خارج عن إرادته، إذ ضاع جواز سفره بباريس حيث يوجد منذ الأربعاء الماضي». وتنبأ سعدي في تصريحات بثتها القنوات الفرنسية العمومية الليلة قبل الماضية، بـ«قرب نهاية النظام»، ويؤشر على ذلك حسب رأيه «خوفه من أن يعبر الشعب الجزائري عن حقه في التعبير عن رأيه».

ووقع احتكاك وتدافع كبير بين قوات الأمن والمتظاهرين عندما حاولوا كسر الطوق الأمني، وتعرض برلماني التجمع الطبيب الطاهر بسباس لصدمة في الرأس عندما سقط على الأرض، وهو يخوض معركة مع رجال أمن حاولوا اعتقاله. ونقل إلى مستشفى «مصطفى باشا» الذي يبعد أمتارا قليلة عن ساحة أول مايو، حيث دخل غرفة الإنعاش. وذكر رفاق بسباس لصحافيين أن حالته حرجة.

وأفاد عبد الحميد، شقيق علي بن حاج الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ (المحظورة) لـ«الشرق الأوسط»، أن رجال أمن بزي مدني اعتقلوا شقيقه في حي المدنية بأعالي العاصمة، لما كان متوجها إلى مكان انطلاق المسيرة. وتعرض بن حاج للاعتقال بساحة أول مايو السبت الماضي، في وقت بدأ فيه إسلاميون يتجمعون حوله ويتفاعلون من دعوة «إحداث التغيير». وشهدت المسيرة الممنوعة، مظاهرات مضادة نظمها مؤيدون لرئيس الجمهورية الذين هتفوا بحياته ورفعوا شعارات معادية لحزب «التجمع».

وأنشئت التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي في خضم الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر في بداية السنة.