اليمن: صالح يجدد دعوة المعارضة للحوار.. والأمن يتعهد بحماية المتظاهرين

الحوثيون يدعون أنصارهم للتظاهر.. واستقالة أحد نواب الحزب الحاكم

TT

شهدت الأوضاع في اليمن، أمس، تحولات جذرية على صعيد التظاهرات ومواجهتها من قبل أنصار الرئيس علي عبد الله صالح، الذي جدد دعوة المعارضة إلى الحوار، فبصورة مفاجئة انسحبت الفرق المدنية المسلحة بالمسدسات والعصي والخناجر من أمام جامعة صنعاء بعد حضور أمني كثيف.

وأبرز ملامح التحول الدراماتيكي في المشهد اليمني: قيام مدير أمن أمانة العاصمة صنعاء بزيارة المتظاهرين من الشباب والطلاب والنشطاء أمام جامعة صنعاء وألقى فيهم كلمة أكد لهم فيها أن قوات الأمن ستقوم بحماية المتظاهرين وأن من حقهم التظاهر والاعتصام ورفع الشعارات التي يريدون، وهي بالطبع المطالبة بإسقاط النظام.

وفور انسحاب من يسمون بــ«البلاطجة» وتوقفهم عن مهاجمة المتظاهرين، شرع الشباب المتظاهرون في نصب الخيام أمام جامعة صنعاء الجديدة وفي مساحة تبلغ كيلومترا، تقريبا، كما قاموا بتشكيل لجان خدمات وأخرى لجمع التبرعات، وعقب هذا التحول دعت أحزاب اللقاء المشترك المعارضة وشركاؤها الجماهير إلى «الالتحام بالشباب في فعالياتهم الاحتجاجية الرافضة لاستمرار القمع والاستبداد».

وفي تطور آخر، أعلن عبد الملك الحوثي، القائد الميداني لجماعة الحوثي، عن خروج مسيرات في عموم مناطق ومديريات محافظة صعدة، وذلك للمطالبة بإسقاط النظام، وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها الحوثيون صراحة موقفهم الداعي إلى إسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح خلال تمردهم عليه منذ عام 2004 وخوضهم ضده 6 حروب حتى اللحظة.

في هذه الأثناء، جدد الرئيس علي عبد الله صالح دعوته إلى المعارضة للعودة إلى طاولة الحوار المعطل بين الطرفين منذ قرابة العامين وفشلت جميع المساعي الداخلية والخارجية، حتى اللحظة، في الدفع بالطرفين لاستئنافه.

وقال صالح أمام حشد من أنصاره داخل إحدى الصالات المغلقة بصنعاء، إنه دعاهم، أي المعارضة، إلى الحوار و«نكرر: ندعوهم إلى الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، ونحن على استعداد لتلبية طلباتهم إذا كانت مشروعة». وعبر صالح عن أسفه للأحداث الدامية التي شهدتها مؤخرا بعض مدن وأحياء محافظة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد. وأضاف: «نأسف ونأسف لما حدث في خور مكسر والمنصورة والشيخ عثمان في اليومين الماضيين من أحداث غير مسؤولة ومن عناصر خارجة عن النظام والقانون، نأسف لأن هناك صحافيين تضرروا نتيجة لأعمال العنف من عناصر مدسوسة، كما أن هناك جرحى من رجال الأمن».

وأردف صالح: «هناك 6 جرحى من رجال الأمن نأسف لما حدث ولا نريد أن يتكرر، ومن يرغب أن يعبر عن رأيه فليلتزم بالقانون ويأخذ ترخيصا ويحدد المسار ويعبر عن رأيه بالطرق السلمية»، كما عبر عن أسفه «لما يتعرض له بعض الصحافيين وبعض القنوات الفضائية من عناصر غوغائية فوضوية مدسوسة لم يكونوا محسوبين على السلطة ولا محسوبين على شباب المؤتمر والتحالف الوطني، بل عناصر مدسوسة للإساءة إلى الصحافيين والقنوات الفضائية»، معبرا عن أمله في «ألا تتكرر أعمال العنف والإساءة إلى الصحافيين».

وقال الرئيس اليمني، مرة أخرى: إن على من يريد التعبير عن رأيه الحصول على ترخيص و«يحدد المسار طبقا للقانون، وأفضل وسيلة هي الحوار المسؤول وبشجاعة أدبية، تفضلوا إلى الحوار وأنا على استعداد لرعاية الحوار الوطني بصفتي رئيسا للدولة لا بصفتي رئيسا لحزب، فنحن نرحب بالحوار».

هذا ويواصل الآلاف من المطالبين برحيل نظام الرئيس صالح، الاعتصام والتظاهر في مدينتي تعز وعدن بعد أن انضمت بعض النخب كالأطباء والمحامين والفنانين إلى المتظاهرين في تعز، كما شهدت محافظة الحديدة ومحافظات ومناطق أخرى تظاهرات للمئات المطالبين بإسقاط النظام.

وأرجع مراقبون سياسيون في تصريحات لــ«الشرق الأوسط» هذا التحول المهم في تعامل السلطات اليمنية مع التظاهرات إلى عدة عوامل، أبرزها: البيان الذي صدر قبل يومين، عن السفارة الأميركية بصنعاء، الذي انتقدت فيه السفارة بشدة قمع المتظاهرين سواء عبر قوات الأمن أو من قبل أنصار النظام واعتبرت ما يجري يتناقض وتعهدات الرئيس علي عبد الله صالح باحترام حق التظاهر السلمي وحرية التعبير، كما أرجع المراقبون هذا التحول إلى بروز أصوات داخل حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم تندد بقمع المتظاهرين.

وأعلن الدكتور عبد الباري دغيش، عضو مجلس النواب عن الحزب الحاكم، استقالته من الحزب احتجاجا على قمع التظاهرات وسقوط ضحايا؛ حيث أصيب طفلان من أبناء دائرته الانتخابية في «دار سعد» بعدن، كما أعلن 10 من زملائه في البرلمان تجميد عضويتهم في الحزب وهددوا بالاستقالة وتكوين كتله برلمانية خاصة لـ«الدفاع عن حقوق الإنسان»، ولم تقتصر ما يمكن وصفها بردود الفعل الحزبية الداخلية، على البرلمانيين فقط، بل امتدت إلى الفروع، فقد استقال المئات من القيادات المحلية وأعضاء في المجلس المحلي (البلدي) في تعز للأسباب ذاتها.