الشرطة الصينية تحبط مظاهرات.. وتوقيف ناشطين وفقدان 15 محاميا

بعد دعوات على الإنترنت للتظاهر في الصين من وحي «ثورة الياسمين»

عمال يعرضون وظائفهم في سوق العمل للحصول على وظائف في مصانع في مقاطعة تشجيانغ شرق الصين, حيث الآلاف من العمال المهاجرين يعودون إلى المدن الكبرى للعمل بعد عطلة رأس السنة القمرية الجديدة (أ.ف.ب)
TT

فرقت الشرطة عشرات من الأشخاص تجمعوا في وسط بكين، أمس، بعدما انتشرت دعوات عبر شبكة الإنترنت في أنحاء الصين تدعو لتجمعات للمطالبة بالديمقراطية، مستلهمة مظاهرات حاشدة في دول بمنطقة الشرق الأوسط. وفي النهاية تحول التجمهر المحدود في بكين وشنغهاي إلى تعبير عن إصرار السلطات الصينية على كبح حتى أبسط التحديات لقوة الحزب الشيوعي.

وفي شارع وانغ فوجينغ للتسوق في بكين وقف نحو مائة شخص أمام مطعم «مكدونالدز» الذي حددته رسالة انتشرت عبر الإنترنت ودعت لتجمعات في 13 مدينة، حسب «رويترز».

وقال طالب جامعي شاب حين سئل عن سبب قدومه إلى مكان التجمع: «أحاول أن أفعل شيئا لبلدي.. لإظهار قوتي». وتصدى ضباط الشرطة للمحتشدين ومن بينهم عدد كبير من المارة الفضوليين وأبعدوهم. ولم يجر القبض على أي شخص. وقال رجل إنه تشاحن مع الشرطة بعد أن التقط أزهارا من على الأرض. وفي بكين وشنغهاي اصطفت عربات ومركبات الشرطة على جانبي الشوارع التي يفترض أن يتجمع فيها المتظاهرون. وأبعدت فرق من رجال الشرطة وضباط يرتدون ملابس مدنية المحتشدين.

وكانت دعوات نشرت على الإنترنت للتظاهر، أمس، في 13 مدينة في الصين، دعما لثورة الياسمين واستلهاما منها، في حين أعلن عن فقدان الاتصال بنحو 15 من المدافعين عن حقوق الإنسان. وقال ناشطون إنه فقدوا الاتصال بنحو 15 محاميا ومدافعا عن حقوق الإنسان منذ السبت. وقال الناشطون إن زملاءهم المفقودين وضعوا على الأرجح قيد الإقامة الجبرية أو في الحجز مع انتشار الدعوات إلى التظاهر.

وقالت المحامية ني يولان لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان اختفوا (محتجزون لدى الشرطة) خلال الأيام الماضية، وهناك آخرون فرضت عليهم الإقامة في منازلهم وقطعت هواتفهم الجوالة». وأضافت: «لقد ازداد عدد رجال الشرطة أمام منزلي. إنهم يلاحقوننا في حال خرجنا»، متحدثة عن نفسها وعن زوجها. ولم يجب الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان على هواتفهم، ومن بينهم تنغ بيو وهو شنيونغ وجيانغ تيانيونغ. وقال أقرباؤهم إنهم محتجزون لدى الشرطة.

ويبدو أن دعوات التظاهر دفعت بكين إلى حجب كلمة «ياسمين» على الإنترنت. وخصصت الحكومة الصينية ميزانية كبيرة لمراقبة الإنترنت. ويسمى نظام الرقابة الصيني للإنترنت «السور المعلوماتي العظيم» (غريت فايروول). ويتولى النظام حجب مواقع حساسة بالنسبة للسلطات وتنقية الإنترنت في الصين من مواضيع متعلقة بالتيبت وحقوق الإنسان ومواضيع حساسة.

وجاء في إحدى الرسائل التي نشرت على الشبكة «نشجع العمال العاطلين عن العمل وضحايا الطرد القسري على المشاركة في مظاهرات ورفع الشعارات والمطالبة بالحرية والديمقراطية وبإصلاحات سياسية لإنهاء حكم الحزب الواحد».

هذه النداءات التي وجهها على الأرجح معارضون يعيشون خارج الصين، تدعو إلى التظاهر في بكين وشنغهاي وكانتون وعشر مدن كبرى أخرى.

ومنذ بداية الاضطرابات وانطلاق ثورة الياسمين في تونس، تسعى بكين إلى مراقبة التغطية الإعلامية للانتفاضات الشعبية التي تغذيها البطالة وارتفاع الأسعار وغياب الديمقراطية.

ولم يفلح البحث عن كلمة «ياسمين» أمس عن نتيجة على موقع «ويبو» الصيني الموازي لموقع «تويتر» للمدونات الصغيرة. وفي المقابل، يجيب محرك البحث «بيدو» أن البحث عن هذه الكلمة غير ممكن لأسباب قانونية.

وحض المعارضون على رفع شعارات «نريد طعاما»، «نريد عملا»، «نريد سكنا»، «نريد عدالة»، «تحيا الحرية»، «تحيا الديمقراطية». ولوحظ انتشار كثيف للشرطة في إحدى نقاط التجمع التي حددتها الدعوة إلى التظاهر في مركز وانغفوجينغ التجاري في بكين. ولكن لم تشاهد أعداد من المتظاهرين بين المتسوقين الذين واصلوا يومهم كالمعتاد.

وشوهدت الشرطة وهي تقتاد شخصين على الأقل، أحدهما شتم الحكومة، والآخر كان يصرخ «أريد طعاما». ونشر الناشطون على الإنترنت أن مدنا أخرى شهدت تجمعات صغيرة للمعارضين، رغم انتشار الشرطة بأعداد كبيرة في المناطق المحددة للتظاهر في شنغهاي وهاربين وغوانتشو وتشنغدو.

وقال المحامي المدافع عن حقوق الإنسان لي جنسونغ: «لا أعتقد أن النداء إلى التظاهر كان جديا. لا أحد يريد صراحة التظاهر بسبب الانتشار الكثيف للشرطة». وأضاف أن «الشرطة أخذت هذه الدعوة على محمل الجد وهذا يبين مدى قلقها من انتقال عدوى ثورة الياسمين وتأثيرها على الاستقرار في الصين». وفي خطاب ألقاه السبت، أقر الرئيس الصيني هو جينتاو بتنامي التململ الاجتماعي وحض الحزب الشيوعي الحاكم على الحفاظ على الاستقرار، كما أمر بتعزيز الرقابة على المجتمع الافتراضي، أو الإنترنت. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن هو جينتاو قوله «من الضروري تقوية وتحسين آلية لحماية حقوق ومصالح الشعب».

وأضاف أن الوسيلة الرئيسية لبلوغ هذا الهدف تكمن في «حل المشكلات الرئيسية التي من شأنها أن تقوض انسجام واستقرار المجتمع.. وتحمي حقوق ومصالح الشعب، وتنشر العدالة الاجتماعية، وتحافظ على النظام الاجتماعي السليم».