السلطات الكردية ترضخ «جزئيا» لمطالب المتظاهرين وتأمر بسحب قوات حزب بارزاني من السليمانية

تجدد المظاهرات في المدينة لليوم الرابع.. ونائب طالباني يدعو للتهدئة ويحذر من القتال الداخلي

TT

رضخت حكومة إقليم كردستان لجزء من المطالب الأساسية للمتظاهرين الذين عاودوا أمس الخروج إلى الشوارع مجددا للتظاهر ضد الفساد والمطالبة بالإصلاحات السياسية، حيث أمرت الحكومة قوات الـ«زيرفاني» التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، بالانسحاب الفوري من السليمانية، وأخليت المواقع التي وصلت إليها تلك القوات وعادت إلى مقراتها بأربيل، كما أطلقت الأجهزة الأمنية في السليمانية سراح 47 من المعتقلين على خلفية المظاهرات الأخيرة، بينما أكد المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده الرئيس العراقي جلال طالباني أنه هو الذي تدخل لإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين.

وكانت المظاهرات قد انطلقت الخميس الماضي وشن بعض المتظاهرين هجوما على مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني، مما أدى إلى مقتل متظاهر برصاص حراس المقر.

وتجددت المظاهرات أمس في السليمانية التي قادها الدكتور فاروق رفيق الكاتب والأستاذ الجامعي الذي ألقى خطابا أكد خلاله «أن المطالب التي تقدم بها المتظاهرون السبت لم ينفذ منها سوى مطلب واحد وهو سحب قوات الـ(زيرفاني) من المدينة، ونحن مصرون على مواقفنا وسنستمر في التظاهر إلى حين تلبية جميع المطالب الشعبية المتبقية»، ودعا المتظاهرين إلى عدم مبارحة ساحة السراي مقترحا أن يطلق اسم «ميدان التحرير»، على الساحة التي تنطلق منها المظاهرات لليوم الرابع على التوالي.

وحدد رفيق مطالب المتظاهرين بتسع نقاط وهي «سحب جميع القوات التي استقدمت إلى السليمانية، والإعلان عن أن إراقة دماء أبناء الشعب هو خط أحمر، وتقديم مسؤول الفرع الرابع للحزب الديمقراطي الكردستاني إلى محكمة الشعب، وتقديم جميع مسلحي الحزب الذين أطلقوا النار ومن أصدر الأوامر بذلك إلى المحاكم، وتقديم الحزب الديمقراطي الكردستاني اعتذارا رسميا لسكان السليمانية لاتخاذه إجراءات تخويفية بحق السكان المدنيين، ولتهدئة الأوضاع يجب الإسراع بإخراج جميع المقرات الحزبية المسلحة من المدينة، وبعد التهدئة القيام بعمل جدي لإنهاء الميليشيات الحزبية، وتقديم تعهد من حكومة الإقليم بألا تكون من الآن فصاعدا أداة بيد الأحزاب السياسية لقمع الشعب، وإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية المظاهرات الأخيرة».

وتأتي هذه المطالب بعد عدة أيام من خلو المظاهرات من أي مطالب محددة من الحكومة خارج إطار مكافحة الفساد وهو الهدف الذي أعلن عنه في اليوم الأول من اندلاع المظاهرات الشعبية.

واتسعت دائرة المظاهرات لتشمل أقضية كفري ورانية ودربنديخان وكويسنجق، فيما امتدت داخل السليمانية إلى أحياء «كانيسكان وجوارباخ وخانقاه».

وفي الوقت الذي تحدثت فيه مصادر حركة التغيير عن وقوع قتيل آخر بين المتظاهرين، نفى الدكتور ريكوت حمة رشيد مدير صحة السليمانية، وقوع أي قتيل في مظاهرات الأحد، مؤكدا أن «18 شخصا أصيبوا بجروح مختلفة بينهم 6 من أفراد الشرطة المحلية، وأن المتظاهرين حافظوا على سيارات الإسعاف التي سبق أن اعترضتها الجماهير يوم الخميس والجمعة».

في غضون ذلك، دعت حركة التغيير المعارضة إلى مطالب إضافية، منها تشكيل لجنة تحقيقية محايدة للتحقيق في أسباب إشعال النيران بمقراتها في أربيل وسوران ودهوك.

من جهته، زار برهم صالح رئيس حكومة إقليم كردستان منزل الحاج علي والد الطفل ريزوان الذي لقي مصرعه برصاص حراس مقر الفرع الرابع لحزب بارزاني في المدينة يوم الخميس الماضي. ونقل صالح تعازيه لأسرة الفقيد، معربا عن حزنه لوقوع هذا الطفل ضحية حادث غير مرغوب فيه، مؤكدا أن «الحكومة ستشكل لجنة للتحقيق فيه وستقدم المتسبب في الحادث إلى المحكمة». وقال صالح «من المؤسف أن تنتقل صراعاتنا السياسية إلى الشارع لتخلق نوعا من التوترات التي تتيح لبعض الأطراف إلحاق الأذى بمصالح الشعب وأمن بلدنا ويذهب ضحيتها شباب من أبناء هذا الشعب». من جهته، دعا والد الشاب المقتول إلى «عدم استغلال دم ابنه لمزيد من التوترات»، مؤكدا أن «من يحترمون دم ابني أدعوهم إلى المحافظة على الهدوء والأمان وألا يسعوا لتخريب هذا الوضع الآمن في كردستان لأن الشعب سيكون هو الخاسر الأكبر من أي توترات أو فوضى تعم كردستان».

وفي السياق ذاته، أصدر كوسرت رسول علي نائب طالباني في حزب الاتحاد الوطني، نداء إلى جميع القوى السياسية والشعبية دعا فيه إلى «التهدئة، وخصوصا أن الشعب يضع يده على قلبه خوفا من تجدد القتال الداخلي في كردستان، مما يتطلب من جميع القوى السياسية والشعبية أن تتحلى بروح المسؤولية الوطنية لتفويت الفرصة على الأعداء». وقال علي «إن الأحداث الراهنة تسببت في وقف مظاهر الحياة في المدينة وينبغي التوقف فورا عن تأزيم الوضع أكثر من ذلك لتعود الطمأنينة إلى الشعب».

وكشف نائب طالباني عن أنه «من المقرر أن نجلس جميعا نحن في قيادات الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير والجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي على طاولة واحدة لكي نعالج الأمور على طاولة المفاوضات». وأضاف «من المقرر أن نجري هذا العام انتخابات مجالس المحافظات، عندها سيتمكن شعبنا من التوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليه، وعن طريق تلك الممارسة الديمقراطية يجب أن نحسم صراعاتنا السياسية لضمان الأمن والاستقرار لإقليمنا».

إلى ذلك، أجلت نقابة الصحافيين الكردستانيين مؤتمرها العام الذي كان مقررا أن يعقد بعد يومين، تأثرا بالأحداث التي تعصف بكردستان.

وكانت النقابة قد استكملت انتخاباتها الفرعية لترشيح مندوبي المؤتمر وهيأت التقارير الخاصة به على أن يعقد المؤتمر غدا (الثلاثاء)، ولكن الأحداث الأخيرة دعت النقابة إلى تأجيل المؤتمر إلى إشعار آخر من دون تحديد موعد جديد لذلك.