ليبيا: أنباء عن سقوط 208 قتلى في بنغازي.. وشهود يتحدثون عن مذبحة

دول غربية تستعد لإجلاء رعاياها.. ورايتس تعلن أن واشنطن «قلقة جدا»

جانب من المظاهرات الشعبية العارمة الداعية لتغيير النظام الليبي والتي تواصلت أمس في مدينة بنغازي (رويترز)
TT

تواصلت أمس في ليبيا الاحتجاجات المناهضة لحكم العقيد معمر القذافي لليوم السادس على التوالي، وسجلت مدينة بنغازي التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات في الشمال الشرقي، أعلى حصيلة للقتلى.

ومع منع الصحافيين من السفر إلى بنغازي وسط تقارير عن قطع خدمات الإنترنت والهواتف المحمولة من جانب الحكومة، فإن الحصول على معلومات يمكن الاعتماد عليها عن الوضع في البلاد، بدا أمرا صعبا. وقال موقع «ليبيا اليوم» الذي يتخذ من لندن مقرا له، والذي أشار إلى أن حصيلة قتلى بنغازي بلغت 208 قتلى، إن الجيش استخدم قذائف «آر بي جيه» وأسلحة ثقيلة أخرى صوب المتظاهرين.

وقالت شاهدة عيان لوكالة الأنباء الألمانية، إن الجنود ليسوا ليبيين، بل مرتزقة من دول أفريقية. ويشارك أفارقة من تشاد والسنغال وأفريقيا الوسطى وزيمبابوي وسيراليون في عمليات قمع المتظاهرين في منطقة الجبل الأخضر.

ووردت أنباء عن تنظيم وقفة احتجاجية في طرابلس من جانب قضاة ومحامين ووكلاء نيابة أمام المحكمة العليا بمجمع المحاكم في تلك المدينة احتجاجا على عمليات القتل والعنف التي تمارس بحق المتظاهرين. وقالت مصادر إن قوات الأمن الليبية قتلت وجرحت أمس السبت مئات الأشخاص بعد أن أطلقت الرصاص الحي على متظاهرين ينادون بإسقاط القذافي، ووصفت هذه المصادر ما وقع في مدينة بنغازي التي تبعد نحو ألف كيلومتر شرق العاصمة طرابلس بأنه «مجزرة رهيبة».

من جهتها، قالت مصادر حقوقية إن قوات الأمن الليبية أطلقت الرصاص الحي من أسلحة رشاشة على موكب جنائزي كان يشيع قتلى مواجهات الخميس والجمعة، فأسفرت هذه العملية عن عشرات القتلى والجرحى.

وأشار شهود عيان يقيمون في بنغازي إلى أن الزعيم الليبي «طلب أعدادا أخرى من المرتزقة الماليين لأنه لا يثق في الشعب الليبي»، على حد قولهم. وقالوا إن بنغازي «شيعت اليوم (أمس) جنازة 13 شهيدا سقطوا برصاص المسلحين، بينما هم عزل وليس معهم أسلحة من أي نوع». وتدفق أمس عشرات الآلاف في مدينة بنغازي بعد جنازات لمحتجين قتلوا على يد قوات الأمن، بينما قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، إن أعمال عنف خلال الليل ضاعفت عدد من قتلوا خلال الأيام الأربعة التي شهدت اشتباكات. وقال شاهد من بنغازي، طلب عدم نشر اسمه، بالهاتف لـ«رويترز» أمس: «جرت مذبحة هنا الليلة (قبل) الماضية». وأضاف أن قوات الأمن تستخدم أسلحة ثقيلة. وزاد قائلا «انضم كثير من الجنود ورجال الشرطة للمحتجين».

وقال شاهد عيان آخر، طلب هو الآخر عدم ذكر اسمه لـ«رويترز» إن «نحو 100 ألف محتج يتوجهون الآن إلى المقبرة لدفن الشهداء».

وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إن نحو 90 شخصا قتلوا أمس في اشتباكات تركزت في بنغازي والبلدات المحيطة بها خلال الليل مما رفع عدد القتلى خلال الاشتباكات المستمرة منذ أربعة أيام إلى 173. إلى ذلك، أكد مصدر رسمي ليبي أنه تمت السيطرة فجر الأحد على محاولة لتخريب وإشعال آبار نفطية جنوب طرابلس واعتقال ستة ليبيين، في عملية أدت إلى إصابة رجلي أمن بجروح.

وعلى صعيد ذي صلة، قال شهود عيان في ليبيا أمس لوكالة الأنباء الألمانية إن مجموعة من المتظاهرين، أسروا 30 شخصا من المرتزقة الأفارقة الذين يقاتلونهم في مدينة شحات شرق بنغازي.

وتواصلت أمس ردود الفعل الدولية إزاء الأحداث، وقالت سوزان رايس، السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، إن إدارة الرئيس باراك أوباما «قلقة جدا» إزاء التقارير التي تفيد بأن القوات الليبية قتلت مدنيين. وقالت: «خلال الساعات الأخيرة، كان هناك عنف أقل، وقليل جدا حتى الآن في طرابلس. لكن، يمكن أن يتغير الوضع. لكن، في بنغازي، في المناطق الساحلية، نحن قلقون جدا إزاء التقارير الواردة عن إطلاق قوات الأمن النار على المتظاهرين». ومن جهته، قال ويليام هايغ وزير الخارجية البريطاني لقناة «سكاي نيوز» التلفزيونية: «ينبغي أن لا يتردد العالم في إدانة تلك التصرفات». وأضاف: «ما ينبغي على العقيد القذافي عمله احترام حقوق الإنسان الأساسية، وليس هناك مؤشر على ذلك من خلال رد الفعل الرهيب والمفزع للسلطات الليبية تجاه هذه الاحتجاجات».

وقال هايغ إنه لا يريد أن ينزلق لسؤال بشأن مستقبل الزعيم الليبي. وفي فيينا، أعلنت الحكومة النمساوية أمس عن إرسال طائرة عسكرية إلى مالطا بهدف إجلاء رعايا نمساويين وأوروبيين من ليبيا ودول عربية، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت وزارة الدفاع النمساوية في بيان: «نظرا للوضع الأمني في ليبيا الذي تفاقم في الساعات الماضية، قررت الحكومة إرسال طائرة هيركوليس سي - 130 تابعة للجيش النمساوي وإسعافات إلى جنوب أوروبا». وغادرت الطائرة العسكرية صباح الخميس، لكن موعد عمليات الإجلاء لم يتقرر بعد كما أضافت الوزارة. وفي بروكسل، اعتبر وزير الشؤون الأوروبية، لوران فوكياز أمس، أن أعمال القمع العنيفة التي تقوم بها السلطات ضد المتظاهرين في ليبيا «غير مقبولة»، منددا باستخدام «القوة المفرطة».

وقال الوزير لدى وصوله إلى عشاء عمل مع وزراء خارجية أوروبيين في بروكسل، خصص للوضع في العالم العربي، إن «فرنسا قلقة للغاية لما يحدث» في ليبيا. وأضاف أمام الصحافيين: «إن الأنباء التي تردنا بخصوص عدد القتلى، غير مقبولة بتاتا».

ومن جهته، أعرب الوزير الألماني المكلف بالشؤون الأوروبية فيرنر هوير أمس عن «استنكار» حكومته لأعمال العنف وقمع المتظاهرين في ليبيا. ونصحت وزارة الخارجية الألمانية المواطنين الألمان بعدم السفر إلى ليبيا «بسبب الأوضاع المتوترة» في هذا البلد، وناشدت رعاياها الموجودين هناك المغادرة إذا كانت مغادرتهم «ممكنة وآمنة». وقالت الوزارة على موقعها الإلكتروني إنها تحذر خصوصا من السفر إلى شرق ليبيا ولا سيما إلى مدن بنغازي والبيضاء ودرنة وطبرق. وتستعد دول غربية كثيرة لإجلاء رعاياها من ليبيا في حين بدأت تركيا هذه الخطوة السبت حيث أجلت نحو 250 تركيا.

وفي روما، أعلن رئيس الوزراء الإيطالي، سلفيو برلسكوني مساء أول من أمس، أنه لا يريد «إزعاج» العقيد القذافي بشأن حركة الاحتجاج الداخلية، في موقف أثار حفيظة المعارضة الإيطالية.