الذكرى السادسة لاغتيال رفيق الحريري تكرس الافتراق السياسي بين «المستقبل» و«الاشتراكي»

سعد الحريري لا يقطع شعرة معاوية مع جنبلاط «المخطوف» إلى غير موقعه

حالة من الذعر على وجوه بعض الصياديين اللبنانيين إثر اصطدام الأمواج العاتية بالشاطئ قرب صيدا أمس (أ.ف.ب)
TT

كرست الذكرى السادسة لاغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري، الافتراق السياسي بين تيار المستقبل ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري من جهة، والحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه النائب وليد جنبلاط من جهة ثانية، بعد تغيب جنبلاط وحزبه ونوابه عن المهرجان الذي أقامه «المستقبل» وقوى 14 آذار في مجمع البيال في وسط بيروت أول من أمس، إحياء لذكرى اغتيال الحريري وسائر شهداء «ثورة الأرز»، والتي أعلن فيها الحريري وحلفاؤه الانتقال الكلي إلى المعارضة، غير أن الحريري ورغم التبدل الجنبلاطي المكلف لم يكسر الجرة مع الزعيم الدرزي، وهو يبقي معه على شعرة معاوية التي قد تعيده يوما إلى ثورة الأرز التي كان ملهمها ومفجرها.

فبعد خطابات البيال والمواقف الحادة التي لم توفر «البيك»، أعلن نائب رئيس تيار المستقبل النائب السابق أنطوان إندراوس أن «التاريخ الطويل بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط لا يمكن أن يمحى بموقف أو بانقطاع مؤقت»، وأعلن لـ«الشرق الأوسط» أن «وليد جنبلاط غاب عن احتفال البيال جسديا لكن قلبه كان معنا»، وقال: «لا مقارنة بين ما يحكى عن خيانة وليد جنبلاط الذي يعاني من ظروف صعبة في الجبل بسبب خطوط التماس بين هذا الجبل وحزب الله وبين خيانة (رئيس الحكومة المكلف) نجيب ميقاتي و(الوزير) محمد الصفدي و(النائب) أحمد كرامي للرئيس سعد الحريري»، ولفت إلى أنه «مهما تبدلت الظروف يبقى عقل وقلب ووجدان وليد جنبلاط مع ثورة الأرز التي كان أول من فجرها وهو أول من تحدث عن السجن العربي الكبير»، وذكر بأن «وليد جنبلاط المخطوف إلى مكان بعيد عن موقعه الطبيعي وقناعاته لا ينام على حرير حزب الله أو النظام السوري وهو يعرف أن السوريين قد يغدرون به في أي لحظة»، مؤكدا أن «الرئيس سعد الحريري لن يكسر الجرة مع وليد جنبلاط، وسنبقي على تواصل معه ونتوقع عودته إلى كنف 14 آذار في أي وقت»، وعما إذا كان تيار المستقبل وحلفاؤه قادرين على تأمين الحشد الشعبي في المهرجان الذي سيقام في 14 آذار المقبل في ساحة الشهداء في غياب جنبلاط الذي كان قاطرة أساسية لهذا الفريق، أوضح أنه «على الرغم من أن جنبلاط كان قاطرة مهمة في عام 2005، لكن اليوم أي مكون من مكونات 14 آذار هو قاطرة لأننا ما زلنا متمسكين بثوابت هذه الحركة الشعبية، وحتى أبناء الطائفة الدرزية ما زالوا معنا وهم من سيعيد جنبلاط إلى حيث يجب أن يكون، فهم يعرفون أن المنطقة العربية كلها ستتغير بما فيها السجن الكبير الذي يمثل النظام السوري جزءا كبيرا منه».

وفي وقت لم يصدر أي موقف رسمي عن جنبلاط، ولا يزال يلازم الصمت هو وفريقه السياسي ونوابه، حيال خطابات البيال التي لم توفره، أوضح مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس أن «الحزب الاشتراكي لم يتغيب عن ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نحضر مهرجان البيال الذي أحياه فريق 14 آذار، ونحن خرجنا من هذا الفريق ولم نعد جزءا منه، لكن لم نقاطع المناسبة فقد حضر وفد سياسي ونيابي من الحزب التقدمي الاشتراكي إلى ضريح الرئيس الحريري وقام بالواجب في هذه الذكرى التي تعنينا جميعا». وردا على سؤال عما إذا كان النائب جنبلاط فقد موقعه الوسطي والتحق بفريق 8 آذار، بعد افتراقه النهائي عن الرئيس سعد الحريري وخطاب البيال العالي النبرة، دعا الريس إلى «عدم التلهي بالتصنيفات وضرورة أن يتعاون الجميع على تأليف حكومة تهتم بشؤون الناس وأمور البلد، وهذا أهم من الكلام أين أصبح الحزب الاشتراكي أو تيار المستقبل أو حزب الكتائب»، وعما إذا كان سيصدر ردا عن جنبلاط أو الحزب الاشتراكي على خطابات احتفال البيال، أكد أنه «لم يتخذ أي قرار حتى الآن بإصدار رد أم لا»، وحول ما إذا وصلت علاقة الحريري وجنبلاط إلى مرحلة اللاعودة، اكتفى الريس بالقول: «من المبكر الحكم على مستقبل هذه العلاقة وكل شيء بوقته حلو».

وكتعبير عن عمق العلاقة التي تربطه بآل الحريري، زار وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي ترافقه عائلته، النائبة بهية الحريري في دارة العائلة في مدينة صيدا. وإثر اللقاء تحدث العريضي عن خصوصية الزيارة وتزامنها مع ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وقال: «إن ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري هي ذكرى نفتقد فيها جميعا نحن والسيدة بهية وكل اللبنانيين هذه الشخصية الوطنية اللبنانية العربية الكبرى التي قدمت للبنان الكثير والكثير». وأكد أن «الرئيس الحريري هو مدرسة سياسية وإن شاء الله نكمل جميعا الدرب الذي سلكه رفيق الحريري لتكريس الوحدة الوطنية وعروبة لبنان ولتحرير الشباب اللبناني من كثير من القيود التي أحاطت به على مدى عقود من الزمن ولذلك كان مشروعه التربوي التعليمي النهضوي التنموي».