البحرين: الهدوء النسبي يعود للشارع.. وفعاليات سنية لولي العهد: صوتنا غير مسموع

المعارضة مترددة.. ومصادر تؤكد مشاركتها في الحوار الوطني «خلال أيام»

بحرينيون يتجولون في السوق المركزي بالعاصمة المنامة على بعد كيلومتر واحد من دوار اللؤلؤة أمس (رويترز)
TT

بينما لا يزال آلاف الشيعة البحرينيين معتصمين في ميدان اللؤلؤة وسط العاصمة المنامة، عاد الهدوء النسبي إلى المملكة البحرينية، أمس، بعد أيام من التوتر إثر مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين أدت إلى مقتل 6 أشخاص وجرح العشرات.

وعلى الرغم من التردد الذي تبديه المعارضة في مشاركتها بالحوار الوطني الذي يقوده الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين، أبلغت «الشرق الأوسط» مصادر مطلعة في العاصمة البحرينية بأن اتصالات جرت بين مسؤولين رفيعي المستوى وأقطاب المعارضة الشيعية المتمثلة في جمعية «الوفاق الوطني الإسلامي»، أسفرت عن تهدئة نسبية، ستتوصل إلى مشاركة للمعارضة خلال أيام في الحوار الوطني.

واتساقا مع هذه التهدئة التي سادت الشارع البحريني أمس، أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين أنه قرر تعليق الإضراب العام الذي دعا إليه اعتبارا من أمس بعد أن تمت الاستجابة للمطالب التي أعلنها الاتحاد في دعوته للإضراب، وهي انسحاب الجيش من الشوارع والسماح بالتظاهر.

وقال بيان مقتضب أصدره الاتحاد «في ضوء الأوضاع المستجدة ونظرا لانسحاب الجيش واحترام حق التظاهر السلمي، فقد قرر الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين تعليق الإضراب العام واستئناف العمل اعتبارا من يوم الاثنين (اليوم)».

ومن الواضح أن جمعية «الوفاق»، وهي الممثل الأكبر للشيعة في البحرين، تريد تهدئة غضب الشارع الشيعي بعد الأحداث السابقة، قبل الدخول في الحوار الوطني، وبحسب مراقبين فإن الجمعية السياسية تسعى للضغط على الحكومة من أجل تقديم تنازلات أكبر، قبل إعطاء الضوء الأخضر للمضي في الحوار المنتظر.

غير أن اللافت في المشهد البحريني، هو دخول الفعاليات السنية على خط الأحداث الجارية حاليا، مع إعلان جمعيات سنية مختلفة عن تشكيل جبهة أطلق عليها «تجمع الوحدة الوطنية» وشارك في تأسيسها 1000 شخصية، ضمت عددا من الشخصيات الشيعية من خارج الوسط السياسي، مؤكدة في لقاء مع ولي عهد البحرين، على ضرورة أن يكون لها رأي، وأن صوتها حاليا «غير مسموع»، مطالبين الأمير سلمان بن حمد بأهمية مشاركتهم في الحوار الوطني الذي دعا إليه.

وقال الشيخ عبد اللطيف المحمود، أحد الرموز السنية بالبحرين، مخاطبا ولي العهد «أحببنا أن نمثل في عدد كبير من أهل السنة ومن العوائل والجمعيات لكي أيضا يكون لنا رأي»، مضيفا «نحن أيضا نقول إن صوتنا غير مسموع بحسب وجود الجمعيات السياسية وغيرها، لكن اليوم وفي هذا الوقت لا بد للمجتمع أن يسمع كل صوت ونعلنه للجميع».

إلى ذلك، دعا مجلس الوزراء البحريني، الذي عقد جلسته أمس برئاسة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، بـ«السمو بالوطن فوق كل اعتبار، وأن يتحمل الجميع مسؤوليته الوطنية التاريخية بالتهدئة، وأن تتضافر الجهود للحفاظ على أمن الوطن واستقراره وصون مكتسباته الوطنية وحماية مصالحه الاقتصادية وعدم تأثرها». وأكد مجلس الوزراء أن «الظرف العصيب الذي تمر به مملكة البحرين يتطلب منا جميعا التمسك بالوحدة الوطنية التي جبل عليها المجتمع البحريني على مر الدهور، وليكن أي اختلاف رحمة لا تشتتا أو فرقة أو نقمة، فالتعايش واجب ديني، ومطلب وطني، ولا يجب أن يجرنا أي اختلاف إلى أي إطار آخر غير المودة والرحمة».

وأكد مجلس الوزراء أن التهدئة وعدم تأزيم الأمور والعقلانية والتعبير عن الرأي بطرق سلمية وعدم الإضرار بالمصالح تشكل ضمانات أساسية لدرء الفتن وإنقاذ الوطن من أي خطر محتمل وفي مقدمته الانزلاق الطائفي، فلن يقبل أحد بأن ينقسم شعب البحرين الواحد. ونوه مجلس الوزراء بأن الحكومة كانت وما زالت وستظل حريصة كل الحرص على تلبية مطالب شعبنا بكل ما أوتيت من عزم وما أتيح لها من موارد وإمكانات، متمنيا أن يحفظ الله سبحانه وتعالى مملكة البحرين وأهلها وأن يجمعهم دائما على كلمة سواء.

ميدانيا، خيم آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة في دوار اللؤلؤة الذي أضحى رمزا لقضيتهم مع عودة الهدوء، ودعا البعض أمس لتغيير سياسي فوري، بينما يأمل آخرون بإجراء محادثات لتسوية الأزمة.

وبدأ البعض يطلق على دوار اللؤلؤة «دوار الشهداء» إحياء لذكرى أربعة أشخاص قتلوا حين شنت شرطة مكافحة الشغب هجوما - خلال الليل ضد محتجين اعتصموا هناك - لإخلاء المكان.

وتدفق المحتجون أول من أمس عائدين إلى دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة بعد أن أصدر ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة أوامره بسحب قوات الجيش والمدرعات من الدوار، وقال إنه سيقود حوارا وطنيا بعد اضطرابات أسفرت عن سقوط ستة قتلى.

ويبدو أن الحياة الطبيعية بدأت تعود إلى المدينة، إذ تحركت السيارات بسلاسة على الطرق ويتجول المواطنون في المتاجر.

وأعلنت سبع ج معيات سياسية أنها ستسير مسيرة «حاشدة» غدا (الثلاثاء) تحت عنوان «مسيرة الوفاء للشهداء».

وقالت الجمعيات السياسية، وهي «الوفاق الوطني الإسلامية، العمل الوطني الديمقراطي، المنبر الديمقراطي التقدمي، الإخاء الوطني، العمل الإسلامي، التجمع القومي الديمقراطي، التجمع الوطني الديمقراطي»، إن المسيرة ستنطلق من مجمع البحرين وصولا إلى دوار اللؤلؤة «دعما لتحركات الشباب المطالبة بالإصلاحات السياسية».

وقال رئيس اللجنة المنظمة للمسيرة النائب جواد فيروز، إن اللجنة شكلت العديد من اللجان ونظمت صفوف المنظمين تحت العديد من التخصصات لإخراج المسيرة بأكثر صورة مناسبة وحضارية أمام العالم لتعبر عن المطالب السلمية التي يرفعها أبناء الشعب.

وتواصلت ردود الفعل الأميركية على الأحداث بالبحرين، فقد اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، أن أعمال العنف التي أوقعت عددا من القتلى في الأيام الأخيرة في البحرين «غير مقبولة»، وأنه على السلطات أن تعمد إلى إجراء «إصلاحات» في أسرع وقت ممكن.

وصرحت كلينتون لشبكة «إي بي سي» الأميركية «لا نريد أن نشهد أي عنف. إنه غير مقبول على الإطلاق. نريد فعلا أن توفر حقوق الإنسان حماية للشعب، أي حق التظاهر والتعبير بحرية، ونريد أن تكون هناك إصلاحات».

وأضافت وزيرة الخارجية الأميركية «لقد بدأت البحرين بعض الإصلاحات ونأمل في رؤيتهم يعودون إلى ذلك في أسرع وقت ممكن».

كما تلقى الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، اتصالا هاتفيا من الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، أعرب خلاله عن وقوف دولة الكويت إلى جانب مملكة البحرين، حكومة وشعبا، ضد كل ما يمس أمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية، مؤكدا (أمير الكويت) أن أمن واستقرار ونماء البحرين هو أمن وازدهار المنطقة، كما أشاد بالعلاقات الأخوية الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، وبما تشهده البحرين من نهضة حضارية وديمقراطية في مختلف المجالات، بفضل المشروع الإصلاحي الذي يقوده الملك حمد لرخاء ونماء الشعب البحريني.

وقد أعرب العاهل البحريني عن بالغ الشكر والتقدير لمشاعر أمير دولة الكويت، مشيدا بعمق ما تشهده العلاقات الأخوية التي تربط البحرين ودولة الكويت من روابط أخوية وطيدة.

وفي أبوظبي، دعا وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، شعب البحرين إلى التجاوب مع دعوة الحوار مع ولي عهد المملكة.

وقالت وكالة أنباء الإمارات أمس إن وزير خارجية الإمارات دعا شعب البحرين إلى «التجاوب مع دعوة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين لهم إلى حوار يطرحون فيه كل ما لديهم من رؤى واقتراحات».

وأضاف المسؤول الإماراتي أن «هذه الدعوة تجسد حرص حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين على الانفتاح على أبناء شعبه والتفاعل معهم بصورة إيجابية ومباشرة في كل ما يحقق للبحرين دوام التقدم والازدهار ويحفظ لها أمنها واستقرارها».

وكان وزير خارجية الإمارات أعلن، في مؤتمر صحافي بالمنامة الأسبوع الماضي، «وقوف دولة الإمارات قيادة وشعبا مع مملكة البحرين»، مشددا على أن «ما يمس أمن مملكة البحرين يمس منظومة مجلس التعاون الخليجي بأكملها وكل دول العالم».

إلى ذلك، اجتمع محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج، صباح أمس مع المديرين العامين لبنوك التجزئة العاملة في البحرين للوقوف على أعمالها، حيث أكد جميع المديرين أن جميع البنوك تعمل بشكل طبيعي، ويتم تقديم جميع الخدمات للعملاء من خلال شبكة الفروع المنتشرة في أنحاء المملكة، وقد استقرت جميع المعاملات المالية على مستواها المعتاد في الأسابيع الماضية، ولا يوجد أي تغيير في أسواق الصرف بالنسبة إلى الدينار البحريني أو الودائع.

وأكد المحافظ على تعاون ودعم المصرف لجميع بنوك التجزئة وتوفير المساندة اللازمة لتسهيل أعمال البنوك بالشكل المناسب لتلبية احتياجات العملاء.

وتعليقا على ما قامت به بعض وكالات التصنيف الائتماني من حيث وضع التقييم السيادي لمملكة البحرين تحت الملاحظة تحسبا لإجراء تعديل في هذا التقييم، أوضح المحافظ أنه من الطبيعي عند حدوث أي تطورات سياسية أو اقتصادية أن تقوم وكالات التصنيف الائتماني بإجراء مراجعة، ولكننا نعتقد أن الأسس الاقتصادية لمملكة البحرين ما زالت ثابتة ولم تتغير، وأن التطورات الاقتصادية والسياسية على المدى القصير لا يجب أن تكون هي الأساس في إعداد أي تقييم.