آلاف المصريين والأجانب يواصلون النزوح من ليبيا «دون مستحقاتهم المالية»

مظاهرات في مرسى مطروح وبراني والسلوم ضد قذاف الدم ونظام القذافي

مصريون لدى وصولهم إلى رأس جدير عند الحدود التونسية الليبية أمس (إ.ب.أ)
TT

واصل آلاف المصريين عبور منفذ السلوم البري على الحدود المصرية الليبية عائدين إلى بلادهم، هربا من تداعيات الثورة الليبية التي يقوم بها قطاع واسع من الليبيين ضد حكم العقيد الليبي معمر القذافي، منذ يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي. وشوهدت مئات الحافلات الصغيرة التابعة للقطاع الخاص وعدة شركات سياحية وهي تقل ركابا مصريين غالبيتهم من العمال والموظفين. وعلى المنفذ الحدودي وفي مدينة السلوم التي تبعد عن الحدود الليبية نحو 5 كيلومترات، تكدس آلاف الركاب الذين ينتظرون مزيدا من وسائل النقل للعودة إلى ديارهم.

وقال المسؤولون المحليون في محافظة مطروح: إن الحكومة المصرية تحاول منذ أول من أمس توفير قطارات إضافية وحافلات تابعة للجيش وقطاع النقل، إضافة إلى توجيه حافلات القطاع الخاص من محافظات الإسكندرية والقاهرة والفيوم، لنقل المصريين من ليبيا والبالغ عددهم نحو مليون ونصف المليون شخص، غالبيتهم من محافظات الصعيد.

وقالت سلطات منفذ السلوم البري إن ما لا يقل عن 15 ألف مصري عادوا بالفعل حتى أمس، مشيرة إلى أن التكدس على المنفذ البري يرجع إلى توقف العمل في مطار بنغازي الجوي بفعل الاحتجاجات المستمرة في ليبيا.

وزار اللواء أحمد حسين محافظ مطروح منفذ السلوم البري، وأشار إلى أنه يجري التنسيق مع الجهات المعنية لتوفير الخدمات الطبية والغذائية العاجلة للقادمين من الجانب الليبي من الحدود، سواء من الجرحى الليبيين أو العمالة المصرية، وبالإضافة إلى المستشفيات الميدانية التي أقامتها السلطات المصرية عند أقرب نقطة من الحدود في السلوم، قال المحافظ إنه يجري أيضا التنسيق لتوفير الآلاف من الوجبات الغذائية للقادمين من ليبيا، بالمساهمة مع بنك الطعام المصري.

وأقامت السلطات المحلية على الجانب المصري من الحدود مع ليبيا حتى أمس 5 مخابز متحركة تعمل على مدار الساعة، كما زادت من كميات المياه المخصصة للمدينة، فيما أقام الجيش المصري عشرات الخيام لاستقبال النازحين. وأضاف صلاح هيبة، وهو من اللجان الشعبية التي تكونت على عجل من المصريين المقيمين في السلوم لنجدة العائدين من ليبيا: «لا أحد ينام الليل في السلوم.. فريق يعمل على إرسال المساعدات إلى الليبيين خلف الحدود، وفريق يعمل على مساعدة العائدين إلى مصر، من المصريين والأجانب، وفريق ثالث يعاون في نقل الجرحى القادمين من ليبيا إلى المستشفيات الميدانية».

وقال طبيب يدعى عبد العليم حسين أحمد وكان يعمل نائبا لمدير مستشفى طبرق الطبي: إن «معظم المستشفيات الليبية تعتمد على الأطباء الأجانب من المصريين والسوريين وغيرهم من الجنسيات الأخرى، وإن أعدادا كبيرة من هؤلاء تركوا أعمالهم للنجاة بأنفسهم والعودة إلى بلادهم عبر منفذ السلوم المصري». وتحدث مصريون من العائدين من طبرق وبنغازي والبيضا وإجدابيا بشرق ليبيا عن إصابة الحياة بالشلل واضطرارهم للهروب من ليبيا دون الحصول على مستحقاتهم المالية وأن بعضهم لم يحصل على راتبه منذ 3 أشهر و5 أشهر. وقال جمعة عبد الله وهو معلم في المدرسة الثانوية «الفاتح» ببنغازي: فررنا من النار.. لم أفكر في أي شيء غير حماية أولادي.. جلبت أسرتي معي إلى بنغازي منذ بداية العام الدراسي، ولم أكن أعرف أن الأمور ستتطور على هذا النحو.. عدت صفر اليدين.

ويقول المصريون العائدون إن آلافا منهم كانوا يعملون في مجال المعمار والبناء في شركات مقاولات تركية وكورية في عدة مدن ليبية. ومن شرفة الحافلة في محطة تموين النفط بمرسى مطروح، يوضح عامل بناء يدعى أحمد من محافظة أسيوط، وهو يبدأ رحلة العودة مع نحو 14 رجلا من زملائه: «دخل مسلحون واستولوا على مقر شركات المقاولات التركية في طبرق. لم نحصل على أجورنا المتبقية من الشهر الماضي. أصحاب الشركة أنفسهم، الأتراك، هربوا نحو الحدود المصرية». وكان لافتا على طول خط السفر عبر الطريق الدولي بين القاهرة والحدود المصرية الليبية، البالغة نحو 700 كيلومتر، تزايد عدد الحافلات التي تقل النازحين العائدين من ليبيا، بمعدل 3 إلى 5 حافلات تقل نحو 70 شخصا، كل دقيقتين. ووراء هذا المشهد سيطرت حالة من الترقب في مدينة مرسى مطروح التي تتركز فيها قبائل لها امتداد في الداخل الليبي، خشية وصول أحمد قذاف الدم المبعوث الشخصي للقذافي، الذي ترددت أنباء في المدينة عن عزمه التدخل لإقناع «قبائل أولاد علي» بمطروح للتدخل لدى أولاد عمومتهم بشرق ليبيا لوقف الاحتجاجات ضد نظام القذافي، ورغم نفي قذاف الدم لهذا الأمر، بادر آلاف من أبناء مدن مطروح وبراني والسلوم بتنظيم مظاهرة مؤيدة لمطالب المحتجين الليبيين الذي يدعون لرحيل القذافي، شارك فيها ناشطون وحقوقيون وممثلو القبائل بمطروح. وندد المتظاهرون بأي محاولات من قذاف الدم من التدخل ووصفوا النظام الليبي بأنه «مصاص دماء».