ليلة دامية أمام جامعة صنعاء بعد مهاجمة أنصار الرئيس لمناوئيه

اليمن: استقالة 8 نواب من الحزب الحاكم.. وصالح يدعو إلى وقف المظاهرات والاعتصامات

متظاهرون يمنيون يرددون شعارات مناوئة للرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء أمس (إ. ب. أ)
TT

شهدت التطورات الجارية في اليمن تصعيدا ميدانيا وسياسيا بعد سقوط قتلى وجرحى في تجدد المواجهات بين المؤيدين والمعارضين للنظام، وأدت هذه المواجهات إلى ردود فعل سياسية؛ حيث استقال عدد من البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين من عضوية الحزب الحاكم، احتجاجا على استخدام العنف في قمع المظاهرات السلمية. وأعلن 8 من أعضاء مجلس النواب اليمني (البرلمان)، أمس، استقالاتهم من عضوية حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، كنوع من الاحتجاج على قمع أجهزة الأمن للمظاهرات وتركها المسلحين المدنيين ينكلون بالمظاهرات قتلا وجرحا دون أن تتدخل. وقال النائب عبد العزيز جباري إنه و6 نواب آخرين تقدموا باستقالاتهم رفضا لما يجري وإن زملاءه المستقيلين هم: عبده بشر، عبد السلام هشول، عبد الكريم جدبان، خالد الصعدي، أحمد العزاني، عبد الرحمن العشبي. وأضاف جباري لــ«الشرق الأوسط» أنه وبقية النواب المستقيلين سوف يشكلون كتلة نيابية مستقلة داخل البرلمان من أجل الدفاع عن الوطن ومصالحه. وأكد أن لديه دوافع أخرى للاستقالة منها عدم التوصل إلى تسوية للأزمة السياسية في البلاد، وكذا عدم إتاحة الفرصة للنواب من أجل التعبير عن آرائهم ومناقشة قضايا البلاد والعباد تحت قبة البرلمان، في إشارة إلى عدم سماح رئيس البرلمان اللواء يحيى الراعي للنواب بإدراج القضايا الراهنة في جدول أعمال المجلس.

وتوسعت دائرة الاستقالات من الحزب الحاكم في اليمن؛ فبعد إعلان النواب السابق في استقالاتهم، انضم إليهم النائب محمد عبد اللاه القاضي، وهو عضو في اللجنة العامة (المكتب السياسي) لحزب المؤتمر وابن خال الرئيس صالح. وذكرت مصادر سياسية أن أكثر من 50 نائبا آخرين من كتلة الأغلبية الحاكمة يدرسون الاستقالة أيضا، بعد تدهور الأوضاع في ظل «دور سلبي لحزبهم تجاهها». وتحدثت مصادر إعلامية عن استقالة وكيل وزارة الإدارة المحلية أبو الفضل الصعيدي من حزب المؤتمر لذات الأسباب. في حين أعلن النائب علي العمراني تجميد عضويته إلى أجل غير مسمى. وكان الدكتور عبد الباري دغيش، النائب عن دائرة دار سعد في عدن باسم الحزب الحاكم، ونائب آخر، استقالا قبل عدة أيام من حزبهما احتجاجا على قتل قوات الشرطة والأمن للمدنيين العزل في أكثر من منطقة من البلاد.

وجاءت موجة الاستقالات في صفوف قيادية في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، أمس، بعد أن شهدت صنعاء، ليل أول من أمس، ليلة دامية؛ حيث هاجم مسلحون مدنيون ساحة الاعتصام أمام بوابة جامعة صنعاء رغم الوجود الأمني الكثيف حول الساحة. ودارت مواجهات عنيفة طوال الليل أسفرت عن سقوط قتيلين من المتظاهرين برصاص أنصار الرئيس علي صالح أو من يسمون «البلاطجة»، إضافة إلى 25 جريحا. ووقعت هذه المواجهات رغم تعهد الرئيس صالح بحماية المتظاهرين، ورغم محاولات قمع المظاهرات والاعتصامات القائمة في ساحة جامعة صنعاء وكذا التضييق الأمني عبر الحواجز ونشر مئات الجنود في مختلف الاتجاهات المحيطة بالساحة، إلا أن أفواجا عديدة من المطالبين بـ«إسقاط النظام» و«رحيل» الرئيس صالح، ما زالت تتدفق على الساحة، وقال متظاهرون معتصمون في اتصالات مع «الشرق الأوسط» إن قوات الأمن منعت، أمس، دخول الأغذية والأدوية وغيرها من الاحتياجات الخاصة بالمعتصمين، وقامت بمصادرة ما كان البعض يحاول إدخاله، كما أنها اعتقلت العديد من الشباب المغادرين للمكان في أوقات متفاوتة، وأكدوا أن الأدوية المتوفرة لديهم لا تكفي لعلاج عشرات المصابين جراء المواجهات.

وبعد أن أدى السماح لأنصار النظام بمهاجمة مناوئيه إلى ردود فعل منددة داخليا وخارجيا، قالت الحكومة اليمنية إنها شكلت لجنة للتحقيقات في أحداث ليلة الثلاثاء. وعبر مصدر مسؤول في رئاسة الوزراء عن أسفه لحادث إطلاق النار. وقال المصدر لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» إنه تم تشكيل لجنة للتحقيق «في ملابسات هذا الحادث تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق من سيثبت تورطه بارتكاب هذا الفعل الإجرامي الذي يتنافى مع الديمقراطية وحرية التعبير السلمي عن الرأي». في هذه الأثناء، جدد الرئيس اليمني تأكيده على أنه لن يرشح نفسه لولاية جديدة في انتخابات 2013. وقال مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية إن تصريحات الرئيس علي عبد الله صالح التي أدلى بها في مؤتمر صحافي الاثنين الماضي، جرى تفسيرها بصورة خاطئة مما أدى إلى حدوث «سوء فهم»؛ حيث فهم منها أنه لن يتنحى عن السلطة إلا عبر صناديق الاقتراع. وأشار المصدر إلى أن مقاصد الرئيس كانت «واضحة ولا تحتمل أي لبس أو تأويل». وأضاف المصدر: «فخامة الأخ رئيس الجمهورية أكد في أكثر من مناسبة بأنه لا وجود لأي نية لديه أو رغبة لترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية عام 2013م وهو ملتزم بما أعلنه في الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى يوم 2 فبراير (شباط) 2011م بأنه لا تمديد أو توريث أو تجديد وذلك انطلاقا من حرص فخامته على المصلحة الوطنية وترسيخ التجربة الديمقراطية التعددية التي أرسى مداميكها في الوطن». كما جدد صالح تمسكه بـ«الديمقراطية التعددية كخيار حضاري لا حياد عنه، موضحا أن حرية الرأي والتعبير مكفولة بطرق سلمية بعيدا عن أي أعمال شغب أو عنف أو صدامات». وجاء هذا التأكيد خلال مباحثات أجراها مع المدير الإقليمي للمعهد الوطني الديمقراطي الأميركي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليس كامبل، أمس في صنعاء، وانتهز صالح فرصة لقائه بالمسؤول الأميركي الذي يقوم بدور الوساطة وتقريب وجهات النظر بينه وبين المعارضة في أحزاب اللقاء المشترك، ودعا إلى «إيقاف المسيرات والاعتصامات والحملات الإعلامية والمهاترات المتبادلة، وبما يهيئ المناخات إلى طاولة الحوار وإجراء الحوار الوطني، بدءا من لجنة الأربعة والثلاثين والمائتين، وتشكيل حكومة وحدة وطنية للإشراف على سير الانتخابات النيابية، وبما يكفل إجراءها في مناخات حرة ونزيهة وشفافة وفي ظل رقابة محلية ودولية».