بوتفليقة يلغي حالة الطوارئ نزولا عند رغبة المعارضة

رفض المطالب المتعلقة بالحريات

TT

نزل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عند رغبة المعارضة المطالبة بالتغيير، بإصداره أمرا يرفع بموجبه حالة الطوارئ. لكنه رفض، على ما يبدو، التجاوب مع مطالب أخرى تتعلق بالحريات، أبرزها رفع الحظر عن إنشاء أحزاب وجمعيات وكسر احتكار الدولة على مجال الإعلام المسموع والمرئي.

وأصدر الرئيس بوتفليقة مساء أول من أمس أمرا يلغي مرسوما برلمانيا صدر في 6 فبراير (شباط) 1993 يتضمن تمديد حالة الطوارئ، التي أعلنها الرئيس الأسبق محمد بوضياف في 9 فبراير 1992 بسبب الانفلات الأمني الذي اندلع بعد تدخل الجيش لإلغاء انتخابات برلمانية فاز الإسلاميون في دورها الأول.

وتم صدور الأمر الرئاسي في اجتماع لمجلس الوزراء عقده بوتفليقة بهدف ترسيم قرارات اتخذها في وقت سابق لامتصاص احتقان شعبي تم التعبير عنه بعنف مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، أثناء احتجاجات خلفت 4 قتلى وعشرات الجرحى وخرابا في المرافق العمومية. وفهم بوتفليقة حينها بأن قطاعا واسعا من الجزائريين يتوقون إلى التغيير. وتنبأ متتبعون بأن يبادر بتغيير حكومي واسع، على سبيل الاستجابة للمطالب الشعبية، لكن ذلك لم يتم.

وذكر بيان لمجلس الوزراء أن إدارة وتنسيق عمليات محاربة الإرهاب «مهمة تتولاها قيادة أركان الجيش». وسيحدد كيفية تنفيذ ذلك، حسب البيان، بقرار سيصدر لاحقا يشترك فيه وزيرا الدفاع والداخلية.

وصادق مجلس الوزراء على أمر رئاسي آخر لإدخال تعديلات على قانون الإجراءات الجزائية فيما يخص «متطلبات محاربة الإرهاب». ويهدف، حسب بيان مجلس الوزراء، إلى «حماية المتهمين بسبب ما بحوزتهم من معلومات من شأنها أن تساعد جهاز القضاء على تعميق التحريات وتحقيق الوقاية من الأعمال الإرهابية». وتكون هذه الحماية بوضع الشخص المتابع بتهمة الإرهاب في إقامة تتوفر فيها شروط الأمن، يحددها القاضي المكلف بالملف قيد التحقيق. ويوفر هذا الإجراء للسلطات الغطاء القانوني لحالة قياديين في العمل المسلح وضعتهم في «مساكن أمنية» بالعاصمة. وتعرض بعضهم للاعتقال وآخرون سلموا أنفسهم، وتخشى السلطات الأمنية تصفيتهم من طرف رفاقهم السابقين في السلاح، بسبب تعاونهم مع قوات الأمن في الحرب المعلنة على الإرهاب.

ويترجم قرار رفع حالة الطوارئ استجابة بوتفليقة لجزء من مطالب المعارضة الداعية إلى «التغيير». لكنه رفض، على ما يبدو، مطالب أخرى ترفعها أحزاب ونقابات وجمعيات حقوقية ذات صلة برفع الحظر على إنشاء أحزاب ونقابات. ويتحفظ بوتفليقة شخصيا على الموافقة على طلبات كثيرة لاعتماد أحزاب، قدمتها لوزارة الداخلية شخصيات محسوبة على المعارضة، من بينها رئيس الوزراء الأسبق سيد أحمد غزالي، ووزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، وسفير الجزائر بالبحرين سابقا، محمد السعيد.

كما لم يستجب بوتفليقة لمطالب كسر احتكار الدولة على الإعلام المسموع والمرئي، إذ لا يتوفر في الجزائر إلا قناة تلفزيونية حكومية واحدة، ومؤسسة للإذاعة بثلاث قنوات، كلها مملوكة للدولة. وتحتج المعارضة على «إقصاء» نشاطاتها من التغطية التلفزيونية والإذاعية. وأعلن بوتفليقة حزمة من التدابير في المجال الاجتماعي، تتعلق بتخفيض نسبة الفائدة على القروض البنكية تصل إلى 95%، وذلك لتشجيع الاستثمار في مناطق الهضاب والصحراء. وتم تمديد تسديد القروض إلى 3 سنوات بدل سنة. وأعطى بوتفليقة أوامر لمنح قروض لفائدة المحامين والمهندسين وبقية الأنشطة الحرة، تسمح بكراء مقرات، وأمر أيضا بتوزيع المساكن المنجزة في أجل لا يتعدى شهر يونيو (حزيران) المقبل. وأمر الحكومة بالإسراع في إنجاز المساكن الجاري بناؤها. وكان السكن في قلب الاحتجاجات التي عاشتها الجزائر في السنوات الماضية.