مقتل شرطي خلال مظاهرة في حلبجة وتشكيل لجنة للتحقيق في أحداث السليمانية

حكومة كردستان: يجب الفصل بين أجندات الأحزاب ومطالب المتظاهرين

TT

أعلنت مصادر أمنية ومحلية أمس مقتل شرطي وجرح آخر جراء إطلاق نار خلال مظاهرة في بلدة حلبجة الواقعة في محافظة السليمانية، ثانية كبرى مدن إقليم كردستان العراق. إلى ذلك، أمر برهم صالح رئيس حكومة إقليم كردستان بتشكيل لجنة تحقيق مختصة للتحقيق في الأحداث التي وقعت في 17 فبراير (شباط) الحالي بمدينة السليمانية واستخدام العنف ضد المتظاهرين وتحديد المسؤولين عن إطلاق النار على المظاهرات وإحالتهم إلى القضاء.

وقال كوران أدهم قائمقام قضاء حلبجة للصحافيين إن «شرطيا قتل وأصيب آخر بجروح جراء إطلاق نار قام به متظاهرون» خلال مظاهرة جرت في البلدة بعد ظهر أمس. في المقابل، نفى عدد من المتظاهرين لوكالة الصحافة الفرنسية أن يكونوا أطلقوا النار على الشرطة وأكدوا أنه لم تكن بحوزتهم أسلحة وأن «الشرطة قامت بإطلاق النار مما أدى إلى مقتل أحد عناصرها وجرح آخر بالخطأ».

إلى ذلك، أكد كاوه محمود، وزير الثقافة في حكومة إقليم كردستان، والمتحدث الرسمي باسمها، «حق مواطني كردستان في التظاهر للمطالبة بحقوقهم المشروعة والتعبير عن آرائهم وأن دستور الإقليم يكفل هذا الحق، كما أن هناك قانونا خاصا للتظاهر في مدن الإقليم»، منبها في الوقت ذاته إلى أنه «يجب احترام القوانين وعدم تجاوزها سواء من قبل المتظاهرين أو الأجهزة الأمنية التي من واجبها حماية المتظاهرين والمؤسسات الحكومية والشخصية والحزبية». وقال محمود لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أربيل أمس إن «أية إخفاقات أو تجاوزات حدثت أو قد تحدث من قبل الأجهزة الأمنية أو المتظاهرين فهذا لا يعني أن تحسب على حق وحرية التظاهر المشروعة»، مشيرا إلى أن «رئيس حكومة الإقليم الدكتور برهم صالح شدد على مشروعية حرية المظاهرات وعلى أهمية حماية المتظاهرين من قبل الأجهزة الأمنية، وأنه (صالح) شدد على ضرورة لجان التحقيق التي تشكلت بشأن التجاوزات الأمنية وكذلك إحراق مبنى محطة ناليا الفضائية وتقديم المتورطين للقضاء».

وحول الإخفاقات الأمنية التي حدثت في مظاهرات السليمانية، قال محمود: «هناك إشكالات سياسية نابعة عن آثار الفترات السابقة، وكيفية التعامل مع آثارها وتصفية حسابات سياسية؛ إذ إن هناك عقليات لا تزال تعمل وفق أسلوب مناطق النفوذ الحزبي والعودة إلى أرشيف الاقتتال الداخلي التي ترفضها جماهير كردستان». وشدد محمود على ضرورة «الفصل بين أجندات الأحزاب السياسية والمطالب المشروعة للمتظاهرين التي تريد تحسين الخدمات ومحاربة الفساد، وهذه ملفات تعمل على تحقيقها الحكومة منذ تشكيلها؛ إذ ندرك أن هناك إخفاقات ومظاهر سلبية نعمل من أجل تصحيحها»، منبها إلى أنه «لا يمكن تحقيق الإصلاحات بين ليلة وضحاها، فهناك برامج وأجندات ولجان تعمل على معالجة الثغرات ويجب أن تشارك كل القوى السياسية في هذه المهمة».

إلى ذلك، تستعد مجموعة من منظمات المجتمع المدني في محافظة أربيل لتنظيم مظاهرات مؤيدة لمطالب جماهير السليمانية، حيث أورد موقع «سبه ي» التابع لحركة التغيير المعارضة عن أحد النشطاء المدنيين أن «اجتماعا سيعقد لممثلي منظمات المجتمع المدني لقيادة تلك المظاهرات، وسنقرر في الاجتماع مسألة الحصول على ترخيص رسمي للمظاهرة أم إن المظاهرة ستكون بلا ترخيص». وفي الوقت الذي تحدث فيه بعض المصادر المحلية عن احتمال انطلاق المظاهرات غدا بعد صلاة الجمعة بالتزامن مع إعلان يوم الغضب العراقي، قال همزة حامد مدير المكتب الإعلامي لمحافظة أربيل والمتحدث الرسمي باسمها في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لم يصلنا أي طلب بالترخيص لمظاهرات في المحافظة، وهناك قانون صدر مؤخرا ينظم إجراءات الحصول على طلب الترخيص وهو القانون الذي وقعه رئيس الإقليم وأصبح ساري المفعول. وعليه، فإن أي شخص أو جهة تتقدم بطلب الترخيص للتظاهر لا بد أن تحدد هدف المظاهرة وتتعهد بعدم اللجوء إلى العنف وأن تتحمل مسؤولية عدم الإخلال بالأمن الوطني، عندها لن تتردد المحافظة في إعطاء الترخيص القانوني».

وكان البرلمان الكردستاني قد عقد أمس اجتماعا عاجلا لبحث تداعيات الوضع، وأصدرت كل من كتلة التغيير المعارضة والقائمة الكردستانية المكونة من حزب بارزاني وطالباني بيانين منفصلين حول ذلك الاجتماع. وأكدت القائمة الكردستانية أنها «تدعم جهود التهدئة من قبل رجال الدين وأساتذة الجامعات والمثقفين، وتؤيد المظاهرات السلمية في إطارها القانوني والدستوري، وتدعو القوات الأمنية إلى حماية أرواح المواطنين والممتلكات العامة.. وكذلك دعوة رئاسة حكومة الإقليم إلى طرح مشروعها المتكامل لإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في كردستان». أما بيان حركة التغيير فقد دعا مجددا إلى «سحب الثقة من الحكومة الحالية وتشكيل حكومة انتقالية تكنوقراطية تشرف على تنظيم انتخابات مبكرة».