القوات المسلحة تنفي الاعتداء على دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون

العثور على جثة كاهن مذبوحا في منزله بأسيوط.. والأهالي يشعلون النار في منازل لـ«البهائيين» بسوهاج

TT

نفى المجلس الأعلى للقوات المسلحة قيامه بأي اعتداءات على دير الأنبا بيشوي بمنطقة وادي النطرون أمس، بعد الأنباء التي أشيعت عن اقتحام قوات للجيش والشرطة لمقر الدير وهدم سوره الخارجي. ويأتي هذا في الوقت الذي شهدت فيه مصر الثلاثاء الماضي، عددا من حوادث القتل والحرق ضد أتباع ديانات مختلفة، في حوادث عنف طائفي لم تشهدها البلاد منذ قيام ثورة 25 يناير. وقام عدد من الأهالي بمحافظة سوهاج بإشعال النيران في منازل لأتباع الديانة «البهائية»، بينما عثرت أجهزة الأمن على جثة كاهن قتل مذبوحا في منزله بمحافظة أسيوط وسط ظروف غامضة.

وقال المجلس الأعلى للقوات المسلحة، القائم على شؤون البلاد بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، إن قواته «لا تقوم بأي اعتداءات على الدير»، وأكد «أنه لا توجد أي نية لهدمه إيمانا منا بحرية وقدسية أماكن العبادة للمصريين».

وأوضح المجلس في بيان له «إن ما تم التعامل معه من قبل القوات المسلحة هو فقط بعض الأسوار التي بنيت على الطريق وعلى أراضي مملوكة للدولة ومن دون أي سند قانوني»، داعيا المواطنين لعدم الاستماع أو ترديد الإشاعات التي تضر بأمن ووحدة النسيج الوطني في هذه اللحظات الحاسمة.

وكان شهود عيان قد ذكروا أن عددا من قوات الجيش والشرطة اقتحموا دير الأنبا بيشوي بعد هدم سور الدير واستخدموا أسلحة ومدرعات، مما أسفر عن وقوع إصابات لبعض الزوار والرهبان الموجودين بالدير.

من جهة أخرى، عثر أهالي قرية شطب بمحافظة أسيوط جنوب مصر، مساء الثلاثاء الماضي، على جثة القمص داود بطرس راعي كنيسة الأمير تادرس الشطبي «كنيسة أبو سيفين»، مذبوحا في منزله. وفور انتشار الخبر تجمع آلاف المسيحيين أمام منزل الكاهن حاملين الصلبان ومرددين شعارات «بالروح بالدم نفديك يا صليب» و«واحد اتنين حق أبونا فين»، كما طالبوا بالكشف عن مرتكبي هذا الحادث.

وتبين من المعاينة المبدئية أن جريمة القتل حدثت قبل يومين أو ثلاثة من العثور على الجثة، بينما رجحت التحريات الأولية للشرطة أن تكون الجريمة ارتكبت بدافع السرقة، حيث قالت مصادر أمنية «إن المعاينة التي أجرتها وحدة مباحث مركز شرطة أسيوط، بينت سرقة خزنة حديدية خاصة بالضحية».

ولم تشهد مصر أي أحداث عنف طائفية منذ وقوع الاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها البلاد منذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، على الرغم من انسحاب قوات الشرطة خلال الفترة السابقة من مواقع حمايتها وحدوث انفلات أمني كبير في معظم أنحاء الجمهورية وحالات هروب جماعي من السجون، وهو ما جعل المراقبين للأوضاع داخل مصر يؤكدون أن هذه الحركات الاحتجاجية، على الرغم من ضمها للعديد من التيارات الإسلامية، هي حركات وطنية ترفض العنف الطائفي وتسعى لتحقيق مطالبها المتعلقة بالديمقراطية والحياة الكريمة.

وقال أحد شهود العيان الأقباط «إن القمص بطرس كان من المقرر أن يقيم قداس الأحد الماضي في الكنيسة، إلا أنه لم يحضر، وكانت تليفوناته مغلقة، وعندما قلق عليه بعض أهالي المنطقة، ذهبوا مساء الثلاثاء إلى منزله بمنطقة التجنيد بأسيوط للاطمئنان عليه، ووجدوه مذبوحا وملقى على الأرض». وقالت مصادر طبية إنه «من المرجح أن تكون الجريمة قد ارتكبت الأحد الماضي، وأن الضحية تلقى طعنتين بآلة حادة في رقبته وجنبه».

ويأتي هذا في الوقت الذي قام عدد من أهالي قرية الشورانية بمركز مغاغة بمحافظة سوهاج في صعيد مصر، بإشعال النار وتحطيم عدد من منازل القرية المملوكة لأتباع الديانة «البهائية» مساء الثلاثاء الماضي، عقب انتشار أنباء عن عودة البهائيين إلى منازلهم بالقرية، بعد أن كانوا قد غادروها عام 2009، عندما أثيرت قضية البهائيين وحقهم في الإعلان عن أنفسهم.

وقال مدير الوحدة القانونية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية عادل رمضان لـ«الشرق الأوسط»، إن الاعتداء على منازل البهائيين بدأ بعد انتشار أنباء بالقرية عن عودتهم إلى منازلهم، موضحا «اتصل عدد من البهائيين بضباط بمباحث أمن الدولة مبدين رغبتهم في العودة إلى منازلهم بالقرية، وأخبرهم الضباط أنه سيتم ترتيب عودتهم إلى منازلهم، ثم فوجئنا بالأهالي يهاجمون المنازل».

ودعمت هذه الحوادث الاتهامات الموجهة لعناصر من الشرطة ومن النظام السابق، بمحاولة إشعال فتنة طائفية في البلاد في هذا التوقيت بالذات، للانقضاض على ما أنجزته الثورة ومحاولة إظهارها بأنها تسببت في انفلات أمني في البلاد وأن مشاهد الوحدة الوطنية في ميدان التحرير غير واقعية.

وأكد رمضان أن منظمته «شكلت بعثة تقصي حقائق حول الواقعة، خاصة أن لديها دلائل قوية تؤكد تورط اثنين من ضباط أمن الدولة في تحريض الأهالي للاعتداء على منازل البهائيين»، مشيرا إلى أنهم سيتقدمون «ببلاغ للنائب العام فور جمع كل الدلائل والوقائع وسيطالبون بمحاكمة الضابطين».

وقال شهود عيان «إن عددا من شباب القرية كانوا قد نظموا مظاهرة مساء الثلاثاء الماضي لتقديم عدد من المطالب الاجتماعية والخدمية التي تحتاجها القرية، لكن المتظاهرين بدأوا فجأة في ترديد شعارات ضد البهائيين ودعوات لحرق منازل البهائيين الكفرة، ثم قاموا بتحطيم عدد من المنازل وسرقة محتوياتها، قبل إشعال النار في منزل أحد البهائيين المقيمين بالقاهرة يدعى محمد عبد الرحمن محمد عمار، أحد الذين فروا من القرية عام 2009».

بهاء عبد الرحمن، أحد البهائيين الذين فروا من القرية وأقام بالقاهرة، تحدث لـ«الشرق الأوسط» قائلا «كان من المفروض أن نعود لمنازلنا بالقرية في نفس يوم الاعتداءات حسب ما وعدنا به ضباط أمن الدولة، وعرفنا من بعض الأهالي أن قوات الشرطة انسحبت من القرية قبل بدء الاعتداءات بنحو ساعة، مما يؤكد تورط الأمن في التحريض».

بينما قالت الناشطة البهائية الدكتورة باسمة موسى لـ«الشرق الأوسط»، إن القرية لا يوجد بها أي بهائيين الآن، وأن أصحاب المنازل التي تم تحطيمها اتصلوا بأجهزة الأمن لكنها لم تفعل شيئا، وخاصة أن الشباب الذين أحرقوا المنازل منعوا وصول سيارات الإطفاء. وطالبت باسمة بفتح التحقيقات القديمة في إحراق منازل البهائيين وضمها للتحقيق في الواقعة الجديدة، موضحة أن البهائيين يطالبون بدولة مدنية تضمن حقوق كافة المواطنين بغض النظر عن ديانتهم.