هياكل السلطة الليبية تبدأ في الانهيار مع اتساع الانتفاضة

القذافي اعتمد منذ أكثر من 4 عقود على التباينات القبلية والسياسية لإحكام قبضته على البلاد

TT

اعتمد العقيد معمر القذافي الذي يحكم ليبيا منذ أكثر من أربعة عقود على التباينات القبلية والسياسية لإحكام قبضته على البلاد، ولكن هياكل السلطة تنهار مع اتساع الانتفاضة الشعبية، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عما يقول المحللون.

ومنذ وصوله للسلطة عام 1969 عزز القذافي موقعه كقائد لا يمكن التكهن بأفعاله، وأزال هياكل السلطة التي كانت قائمة من قبل ليفرض سيطرته الشخصية على جهاز أمني قوي.

في 1977، أعلن القذافي أن ليبيا تحولت إلى «جماهيرية»، معتبرا أنه يدشن نظاما سياسيا جديدا لا هو رأسمالي ولا اشتراكي، وإنما يعتمد نظريا على تسليم السلطة مباشرة للجماهير.

ولكن في الحقيقة، مارس القذافي سلطة مطلقة إذ لم يسمح بوجود أحزاب سياسية، ولم يكن هناك سوى مجموعة صغيرة من جمعيات المجتمع المدني الشكلية واستند بشكل أساسي على اللجان الثورية واسعة النفوذ وعلى أبناء قبيلة القذاذفة، التي ينتمي إليها للقضاء على المعارضة.

وكان يتم انتقاء أعضاء اللجان الثورية وهي أقرب ما تكون إلى حزب حاكم من مختلف القبائل الليبية وظل المعيار الأول لاختيار هؤلاء هو الولاء للقذافي.

وقام القذافي كذلك بتأليب القبائل بعضها ضد بعض ولجأ إلى مزيد من الترهيب والترغيب حتى يضمن عدم ظهور أي تحالفات قد تقلب توازنات القوى ضده.

ولعبت الانتماءات القبلية دوما دورا مهما في هذا البلد النفطي الغني إذ كانت توفر شبكة اجتماعية تساعد على الترقي الوظيفي والحراك الاجتماعي والزواج. ولكن النفوذ السياسي للقبائل لم يكن ظاهرا.

وقال محمد فاضل، وهو محلل ليبي مستقل مقيم في لندن إنه «مع التمدن والتنمية أصبح لزعماء القبائل تأثير أقل على أعضائها».

وأضاف أن «القبائل تشبه الأسر الكبيرة ويمكن أن تكون هناك انقسامات سياسية داخل هذه الأسر».

وهدد سيف الإسلام نجل العقيد معمر القذافي، الاثنين، بأن ليبيا قد تشهد «حربا أهلية» للإيحاء بأن الاشتباكات التي أسقطت مئات القتلى منذ بدء الانتفاضة ناتجة عن خلافات قبلية.

غير أن النزاع كان بين النظام وأنصاره من جهة والمتظاهرين المطالبين بالحرية والإصلاح أيا كانت انتماءاتهم القبلية من جهة أخرى.

ويعتقد المحللون أن الاحتجاجات التي تشكل التحدي الأكبر لنظام القذافي منذ توليه السلطة تزعزع الهياكل التقليدية للنظام.

وقالت دلفن بيران، وهي خبيرة في شؤون شمال أفريقيا في معهد فلورانس الأوروبي بإيطاليا، إن «القذافي خلق نوعا من التوازن بين كل القبائل ولكن هذا النظام بدأ في الانهيار مع انقلاب بعض القبائل عليه».

وبدأت الاحتجاجات المطالبة بتغيير النظام في شرق ليبيا في 15 فبراير (شباط) بعد 4 أيام من إسقاط الرئيس المصري السابق حسني مبارك وانتشرت بسرعة في مختلف أنحاء البلاد.

وعلى مدى السنين، عمل القذافي على تقوية قبيلته، القذاذفة، مزودا إياها بالسلاح والمال.

وقال محلل ليبي طلب عدم ذكر اسمه «إن نقطة ارتكازه هي الجنوب (سبها)، وهي المنطقة التي تتحدر منها قبيلته، والتي يجلب عن طريقها مرتزقة من تشاد».

وأضاف المحلل أن رئيس المخابرات الليبية عبد الله السنوسي، والرائد عبد السلام جلود الذي كان يوما ما الذراع اليمنى للقذافي ينتميان إلى القبيلتين الكبيرتين الأخريين في الجنوب وهما المقارحة والحساونة.

واعتبر هذا المحلل أنه «لكي يسقط القذافي ينبغي البدء من هذه المنطقة».

وخلال الأيام الأخيرة، قام زعماء قبائل، وخصوصا من قبيلة ورفلة القوية، بإعلان دعمهم للمحتجين مما أدى إلى إضعاف نظام القذافي.

وأكدت موللي ترهوني، وهي محللة سياسية ليبية تقيم في لندن أنه «بصرف النظر عن الثقل السياسي المباشر للقبائل فإنها تستطيع أن تقدم شبكة أمن للمعارضين». واعتبرت أن «قدرة القبائل على الحشد في مناطقها هو أكثر ما يثير توتر نظام القذافي».