الملك عبد الله ملك قال لمريدي قتله: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»

العفو في سجيته جينات ورثها عن والده

TT

«اذهبوا فأنتم الطلقاء»، محتذيا حذو الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، في التعامل مع خصومه، أعلن الملك عبد الله بن عبد العزيز، متأنقا بعروبته ودماثة خلقه، عفوه عن مريدي قتله، من قبل بعض الليبيين الذين خططوا لقتل العاهل السعودي، ضمن مؤامرة ومخطط كان يستهدفه شخصيا، وهو ما اعتبر في حينه اعتداء على النخوة والشهامة والشرف.

الملك عبد الله بن عبد العزيز، الشخصية التي انشغلت بحل الخصومات العربية وحماية الشؤون العربية في جميع المحافل الدولية، عكس للعالم جوانب التسامح في شخصيته، وهي ذات الصفات التي حملت جوانب الإنسانية في الحياض عن الشأن الإسلامي والعربي، ولم يلتفت للمثبطات التي استهدفت في شخصه الغطاء العربي، الركيزة الرئيسية للجسارة العربية.

وعلق عبد الحميد أنديجاني، رجل أعمال في منطقة مكة المكرمة، بأن سجية التسامح والعفو من سمات الكبار، أولئك الذين بلغوا في المجد مبلغه، وتسنموا أعلى درجات الأخلاق والسمو، إنه عبد الله بن عبد العزيز حين يعفو عن مقدرة، ويعلو عن تجربة، ويتسامى عن عروبة عالية.

وقال عبد الحميد أنديجاني: «عرف الملك عبد الله بن عبد العزيز باهتمامه البالغ بشؤون العرب والمسلمين وتجسد ذلك في حرصه الشديد على جمع كلمتهم على الحق ووحدة الهدف والمصير، وعفوه عن خصومه بأخلاق المسلمين، صفات الكبار، فهو رجل يؤمن بأن الإسلام هو الرابط القوي والدعامة الصلبة لوحدة الأمة العربية والإسلامية، ولأجل تحقيق ذلك الهدف قام بكثير من المحاولات لاحتواء الخلافات وتقريب وجهات النظر، فلم يترك دولة عربية إلا وزارها، وكذلك فعل مع بعض الدول الإسلامية التي عمل كل ما في وسعه لتقديم المساعدات الممكنة لها».

وبادر أنديجاني بالحديث بأنه لم يسبق لشخصية عربية في الوقت المعاصر أن تسامحت مع من يستهدف قتلها، إلا عبد الله بن عبد العزيز، مستندا في ذلك إلى الجواهر المحمدية التي علمتنا جميعا أن العفو عند المقدرة من شيم المسلمين، ولو حدث مع حاكم غيره لتصرف بشكل قوي ومباشر وعنيف، بيد أن عبد الله بن عبد العزيز، جسد في ذلك الموقف سماحة المسلم التي تعلمها من صفات نبيه الكريم، صلى الله عليه وسلم. وزاد بالقول: «تواضع الملك عبد الله وما تكسبه شخصيته من صفات نادرة أعطيا الغرب أجمع صورة رائعة عن الإنسان المسلم العربي السعودي، قد تحتاج الدول الإسلامية إلى عشرات السنين ويمكن مئات الملايين لتغييرها في الغرب، خصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)».

من جهته، علق الدكتور محمد الفعر، رئيس قسم العلوم التربوية بجامعة الطائف، بأن صفة العفو عرفت عن العاهل السعودي، ولا غرابة في ذلك فهو سليل مجد، وعنوان أصالة، وعرف عنه قلبه الأبيض، ورقيه، وعروبته، عندما رأى الأميركيون والعالم الغربي الملك عبد الله يتجول في الأسواق الأميركية ويأكل في المطاعم، خلال إحدى زياراته هناك، ويمازح أبناء الشعب الأميركي بكل بساطة، كان صدى الرسالة التي أراد أن يوصلها الفارس العربي المسلم إلى الغرب قد وصل سريعا قبل كل الرسائل الرسمية والبروتوكولية، بل حتى الاتفاقيات واللقاءات والاجتماعات الدولية، دون أي تكلف ومن أسهل الطرق، وهو الزعيم الذي يحمل هم أمته معه أينما حل وفي كل محفل، ولاقت تلك المواقف والمشاهد أصداء إيجابية جدا هناك.

وأضاف الفعر بالقول: «العفو الذي تمحور في عبد الله بن عبد العزيز، هو نتاج صدقه، وجمال روحه، فهو ملك تماهت الإنسانية بروعة أدبه، ومحاسن خلقه، وكل من عاصر المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه – وجد في شخصية الملك عبد الله وفيما يتخذه من قرارات وفي رؤيته لكثير من الأمور وحكمته وبعد نظره ووطنيته، شخصية والده - طيب الله ثراه - بكل تفاصيلها، حيث التمسك بالعقيدة والدفاع عن قضايا الأمة وخدمة الشعب في المقام الأول، وهذا ما نهجته وتمسكت به كافة القيادات السعودية وتأكيدها أن طريق الإسلام واحد ونهجه واحد والعمل الجاد على خدمة قضاياه وتحقيق مصالح شعبه وأمته».

وقال محمد الفيفي، إنه رجل عربي أصيل، ولديه إيمان بفكرة العفو الإسلامي ونخوة العروبة، ويحترم الهوية الإسلامية والتدخل الإيجابي الدائم إذا اشتدت الأزمات العربية. وأضاف أن تاريخ الملك عبد الله زاخر بالمواقف الإيجابية المتتالية المتتابعة لصالح العرب والعمل العربي المشترك والعالم العربي والأمة العربية، ونحن إذ نحتفل بعودة الملك عبد الله، فنحن نحتفي بالأبوة، والمحبة، في تلاحم شعب بقيادة، يعبرون عن حبهم وتضامنهم، من محض إرادتهم.