الاقتصاد السعودي.. صعود متنامٍ وميزانيات تاريخية في عهد الملك عبد الله

أرقام الميزانية تصل إلى مستويات جديدة.. ومدن البلاد تحولت إلى ورش عمل ضخمة

تنامى الاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية واستطاع الخروج من مطب الأزمة المالية العالمية بفضل السياسات الاقتصادية الناجحة (تصوير: خالد الخميس)
TT

شهدت السعودية خلال السنوات الخمس الماضية نموا متواصلا في الاقتصاد وقوة في البنية التحتية لأنظمة وتشريعات القطاعات الاقتصادية والمالية، وهو الأمر الذي جعل منها نموذجا متفردا بين الدول التي واجهت الأزمة المالية العالمية الأخيرة التي ضربت أنحاء العالم في بداية العام 2008.

وكانت المملكة قد حققت ميزانيات تاريخية خلال الأعوام الماضية، وهو الأمر الذي أسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن العزيز، والذي استطاع أن يوفق بين المصروفات والإيرادات، من خلال الاستخدام الأمثل للموارد، وتعزيز القطاعات الاقتصادية من خلال التنمية الشاملة التي شهدها عهده.

واحتوت ميزانية العام المالي الأخير على نتائج يتوقع أن تنعكس على رفاهية المواطن بحسب ما ذكره الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، مشيرا إلى أن نتائج الميزانية الأخيرة كانت ممتازة، حيث حققت الميزانية فائضا قدره 108.5 مليار ريال ستضاف للاحتياطي العام وتخصيصه للمشاريع المستقبلية.

وأضاف الدكتور إبراهيم العساف أن مؤشرات الاقتصاد السعودي جيدة ويتوقع أن يحقق الاقتصاد نموا قدره 3.8 في المائة في جميع مكونات الاقتصاد الوطني، سواء في القطاع الخاص أم القطاعات الأخرى، بالإضافة إلى القطاع البترولي الذي نما بنسبة 2.1 في المائة.

وكان وزير المالية السعودي قد أبدى تطلعه لتنفيذ ما جاء في الميزانية العامة للدولة بحسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ونائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبد العزيز، التي تؤكد على الوزراء والمسؤولين أن يتم التنفيذ بالشكل والسرعة اللازمين.

وأعلنت السعودية عن الميزانية الأخيرة بمستويات تاريخية للعام المالي 2011 مقدرة إياها بـ580 مليار ريال، وإيرادات متوقعة تبلغ 540 مليار ريال، وهو ما يؤكد استمرار المملكة في النمو بحركة التنمية، في الوقت الذي جاءت فيه التوقعات بتحقيق عجز للعام الثالث على التوالي.

وكانت الإيرادات الفعلية للعام الحالي سجلت نحو 735 مليار ريال بزيادة نسبة 56 في المائة عن المتوقع، مقابل نفقات بما يصل إلى 626 مليار ريال بزيادة نسبة 16 في المائة عن المبلغ المقدر عند إقرار الميزانية سابقا.

والملاحظ في داخل السعودية أن مدن البلاد باتت ورش عمل لشركات المقاولات، واستحوذت المملكة على نسبة بين الدول التي ستضخ مليارات لتنمية البلاد، حيث كان لإعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في كلمته التي ألقاها في افتتاح اجتماع قمة مجموعة العشرين في 2008، لتنفيذ برنامج الاستثمار للقطاعين الحكومي والنفطي برصد نحو 400 مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة، خطوة واضحة المعالم في ظل تباطؤ الاقتصادي العالمي.

وأسهمت تلك الخطوة في إنعاش الحالة الاقتصادية للبلاد وإعادة الثقة في الاقتصاد بصفة عامة. وتعمل السعودية أيضا على تعزيز إسهامات القطاع الخاص في عمليات التنمية التي تعمل عليها الحكومة، وذلك من خلال الرؤية التي تحملها خطة التنمية التاسعة، والتي أقرت لها مبالغ تصل إلى 1.4 تريليون ريال (374 مليار دولار) خلال الأعوام ما بين 2010 وحتى 2014. وقال عبد الرحمن الجريسي، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، إن الاقتصاد الوطني يتمتع بقوة وسلامة أسسه وأركانه، مبينا أن ما حملته الميزانية العامة للدولة للعام الجديد يؤكد متانة الاقتصاد السعودي، واستمرار مسيرة التمنية الشاملة.

وشدد الجريسي على أن صدور ميزانية الدولة الأخيرة بما تضمنته من أرقام ومخصصات تؤكد سلامة النهج الاقتصادي ونجاعة الإصلاحات الاقتصادية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وتطمئن الاقتصاديين والمواطنين بأن الاقتصاد السعودي مستمر في تنامي قوته وثباته ومتانة قواعده، وقدرته على مقاومة كل الظروف الصعبة التي تواجهها الاقتصادات العالمية والأزمات المالية والاقتصادية التي لا تزال تصيب عددا من الدول، وتتسبب في إحداث تأثيرات سلبية على حركة التجارة العالمية. وأوضح الجريسي أن ما خصصته الميزانية من مبالغ ضخمة للإنفاق على جوانب التنمية والبناء والخدمات والقطاعات الحيوية المتصلة بمصالح المواطنين وتلبية احتياجاتهم، يثبت أن الإنسان السعودي هو محل الاهتمام الأول، والمعني في الأساس بخيرات الوطن وثرواته.

وأشار إلى تأكيد الميزانية على الدور الذي يقوم به القطاع الخاص الوطني في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهو ما يجسد التزام الدولة بدعم القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو دور نجح القطاع الخاص في النهوض به بكفاءة ومقدرة عالية. وأضاف: «الميزانية توفر الكثير من الامتيازات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأدعو الجميع للاجتهاد والعمل الجاد من أجل أن نعطي الفاعلية والمزيد من القوة والثبات لاقتصادنا الوطني».

ولفت الجريسي إلى أن ما تجسده أرقام الميزانية من مظاهر قوة للاقتصاد الوطني يأتي معززا بصدور شهادة دولية من مؤسسة التمويل الدولية، التابعة للبنك الدولي قبل أيام، التي وضعت المملكة في المكانة الـ11 عالميا من حيث تنافسية بيئة الاستثمار، في تقريرها الذي يقيّم بيئة الاستثمار ومستويات تنافسية الاستثمار واجتذاب التدفقات الاستثمارية الأجنبية في 183 دولة في العالم، وهو ما يعده الجريسي تقديرا عالميا لسلامة النهج الاقتصادي للمملكة، وسلامة السياسات المالية والنقدية التي تنتهجها حكومة خادم الحرمين الشريفين.

وقال: «إن أداء الاقتصاد السعودي وتميزه يتعزز أيضا بشهادات دولية أخرى تثبت سلامته، حيث حصلت المملكة قبل شهرين على المركز الثامن من حيث تدفقات الاستثمار الأجنبي المنفذة على أرض الواقع، من خلال التقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، وقبل ذلك حصولها على شهادة من وكالة التصنيف العالمية (موديز) لخدمات المستثمرين، رفعت التقييم الائتماني لاقتصادنا الوطني من درجة A1 إلى درجة AA3».

من جانبه قال المهندس سعد المعجل، نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض، إن خادم الحرمين الشريفين استطاع بقيادته المحنكة ورؤيته الثاقبة وعمق نظرته وسلامة نهجه، أن يقود المملكة بخطى ثابتة واثقة في مسيرة البناء الاقتصادي وتجنيب المملكة آثار وتداعيات الأزمة المالية العالمية بسبب السياسات التي انتهجتها حكومته.

وقال المهندس أحمد الراجحي، عضو مجلس إدارة غرفة الرياض رئيس اللجنة الصناعية، إن المملكة شهدت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قفزات تنموية ضخمة سيكون لها مردود إيجابي على الاقتصاد الوطني، موضحا أنها قفزات متواصلة بفضل عزيمة قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الذي يسهر على أمن ورخاء الوطن والمواطنين ويسعى إلى المزيد من التطور والبناء.

إلى ذلك، أشار أحمد الخطيب، عضو مجلس غرفة الرياض رئيس لجنة الاستثمار، أن خادم الحرمين منذ توليه مقاليد الأمور ظل يسعى جاهدا لتحقيق تطلعات المواطنين وتوفير سبل العيش الكريم لهم، مشيرا إلى أن ما تم تخصيصه من موارد مالية ضخمة خلال ميزانية العام الحالي للمشاريع التنموية والخدمية يؤكد اهتمام القيادة بأمور المواطنين وتلمسه احتياجاتهم. وأكد الخطيب أن عهد خادم الحرمين الشريفين شهد زيادة كبيرة في الطاقة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، وتوفير بيئة آمنة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. ولفت خالد المقيرن، عضو مجلس غرفة الرياض رئيس لجنة الأوراق المالية، أن خادم الحرمين الشريفين كان دائما ما يوجه بتقديم الدعم المالي للمشاريع التنموية والاقتصادية التي شيدت في عدد من مناطق المملكة، هذا إضافة إلى دعم رجال الأعمال ووقوفه إلى جانبهم داعما لمشاريعهم وموجها الجهات المختصة بتقديم كل ما يساعد على نجاحها، مشيرا إلى أن عهده شهد تنفيذ العديد من المشاريع الاقتصادية التي تهدف للنهوض بالبلاد استنادا على قدرات أبناء هذا الوطن. وقال فهد الحمادي، عضو مجلس غرفة الرياض رئيس لجنة المقاولين، إن الجميع يلمس تلك الصروح الشامخة والمنجزات الحضارية الضخمة التي برزت على أرض الوطن، ينعم بها كل مواطن في شتى نواحي الحياة، صروح حضارية واقتصادية صناعية وزراعية وطرق، وصروح ثقافية وتعليمية وعلمية وأمنية وإنسانية.

وتشتمل خطة التنمية التاسعة على تسريع عملية التنمية وترسيخ استدامتها، وتحقيق تنمية متوازنة بين مناطق المملكة، والاستمرار في تحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بنوعية حياتهم، والعناية بالفئات المحتاجة من أفراد المجتمع، وتقليص معدلات البطالة والوصول بها إلى أدنى مستوى ممكن.

وجاءت الخطة التي أقرتها الحكومة السعودية مؤخرا لتواصل مسيرة الخطط السابقة، وذلك من خلال توجهات الدولة وثوابتها والمتمثلة في الإسهام ببناء حضارة إنسانية في إطار القيم الإسلامية السمحة بمثلها الأخلاقية الرفيعة، وترسيخ أسس الدولة وهويتها وإرثها العربي والإسلامي، والمحافظة على الأمن الوطني الشامل، وتعزيز الوحدة الوطنية ودعم مقوماتها، وضمان حقوق الإنسان، والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي، وتعزيز رسالة الأسرة في المجتمع، وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة.

وتستند هذه الخطة في صياغة توجهاتها بحسب ما ذكرته وزارة الاقتصاد والتخطيط على الرؤية المستقبلية بعيدة المدى للمملكة حسبما عبر عنها في الاستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد الوطني حتى عام 2024 من جهة، وعلى ما حققته خطة التنمية الثامنة من تقدم في هذا المجال من جهة أخرى.

وتشير وزارة الاقتصاد السعودية إلى أن الخطة تستند في توجهاتها إلى أهدافها العامة التي اشتملت على تسريع عملية التنمية وترسيخ استدامتها، وتحقيق تنمية متوازنة بين مناطق المملكة، والاستمرار في تحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بنوعية حياتهم، والعناية بالفئات المحتاجة من أفراد المجتمع، وتقليص معدلات البطالة والوصول بها إلى أدنى مستوى ممكن.

وشملت هذه الأهداف كذلك تنمية القوى البشرية الوطنية ورفع كفاءتها، وتعزيز إسهامات القطاع الخاص في عملية التنمية، ودعم التوجه نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، ورفع معدلات نمو الاقتصاد السعودي وكفاءة أدائه، وتحسين قدراته التنافسية في ظل مستجدات الواقع العالمي الذي تسوده اتجاهات العولمة وتشتد فيه المنافسة القائمة على المنجزات في حقول العلوم والتقنية، وتتبنى الخطة 13 هدفا عاما.

ويتضمن الهدف الأول من خطة التنمية التاسعة المحافظة على التعاليم والقيم الإسلامية، وتعزيز الوحدة الوطنية، والأمن الوطني الشامل، وضمان حقوق الإنسان، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وترسيخ هوية المملكة العربية والإسلامية.

في حين يشمل الهدف الثاني الاستمرار في تطوير المشاعر المقدسة، والخدمات المقدمة إلى الحجاج والمعتمرين والزوار بما يكفل أداء الشعائر بيسر وسهولة، والهدف الثالث تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وذلك من خلال تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية. كما أقر الهدف الرابع تحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والهدف الخامس تعزيز التنمية البشرية وتوسيع الخيارات المتاحة للمواطنين في اكتساب المعارف والمهارات والخبرات، وتمكينهم من الانتفاع بهذه القدرات المكتسبة، وتوفير مستوى لائق من الخدمات الصحية.

وشمل الهدف السادس رفع مستويات المعيشة وتحسين نوعية الحياة لجميع المواطنين، والهدف السابع تنويع القاعدة الاقتصادية أفقيا ورأسيا، وتوسيع الطاقات الاستيعابية والإنتاجية للاقتصاد الوطني، وتعزيز قدراته التنافسية، وتعظيم العائد من ميزاته النسبية.

في الوقت الذي يتضمن الهدف الثامن التوجه نحو الاقتصاد المبني على المعرفة وتعزيز مقومات مجتمع المعلومات، والهدف التاسع تعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتوسيع مجالات الاستثمارات الخاصة (الوطنية والأجنبية)، ومجالات الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.

كما شمل الهدف العاشر تنمية الموارد الطبيعية، وبخاصة الموارد المائية، والمحافظة عليها، وترشيد استخدامها، وحماية البيئة وتطوير أنظمتها في إطار متطلبات التنمية المستدامة، والهدف الحادي عشر مواصلة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي وتطوير الأنظمة ذات العلاقة برفع الكفاية وتحسين الأداء والعمل على ترسيخ مبدأ الشفافية والمساءلة، ودعم مؤسسات المجتمع المدني في تطوير أنشطتها الإنمائية.

ويتضمن الهدف الثاني عشر تعزيز التكامل الاقتصادي مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية الأخرى، وتطوير علاقات المملكة بالدول الإسلامية والدول الصديقة.

وأخيرا الهدف الثالث عشر، الذي يتضمن تطوير قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي واستحداث الأطر لرعايته وتنظيمه.

وذكرت وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية أن وثيقة خطة التنمية التاسعة أولت عناية خاصة لعملية تحديد الآليات التي سيتم من خلالها تحقيق أهدافها، وتنفيذ سياساتها، وبرامجها ومشروعاتها، حيث أجملت تلك الآليات في 23 آلية رئيسية، انبثقت منها مجموعة من الآليات الفرعية.

وتتمثل الآليات الرئيسية في 23 آلية تتمثل في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي وتوزيع ثماره بين مناطق المملكة، والشرائح الاجتماعية المختلفة، وتعزيز الفاعلية التنموية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى تقليص الفجوات التنموية بين المناطق الإدارية، وتكثيف جهود تنويع القاعدة الاقتصادية.

كما اشتملت آليات التنفيذ في تهيئة البيئة المواتية لتحقيق التنمية المستدامة، وتكثيف الجهود لرفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة والاستمرار في تقليص معدلات الفقر، وتهيئة البيئة المواتية للتوجه نحو الاقتصاد المبني على المعرفة والتحول التدريجي نحو مجتمع المعلومات، وتعميق الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتسريع عمليات التخصيص، وتحقيق الاستقرار المالي والاستمرار في انتهاج سياسة مالية ونقدية تسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتقليص الضغوط التضخمية.

بالإضافة إلى زيادة إسهام القوى العاملة الوطنية في القطاعات التنموية، وتوفير فرص التعليم وتحسين معدلات الالتحاق بمراحله المختلفة، وتطوير النظام التعليمي لضمان الاستجابة النوعية والكمية للاحتياجات التنموية والمجتمعية، وللمعارف المستجدة.

وتتضمن الآلية رقم 12 توسيع برامج التدريب والتأهيل المهني والتقني وتطويرها ونشرها في جميع المناطق الإدارية، بالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة لجميع أفراد المجتمع، واتباع سياسة سكانية تراعي المتغيرات الكمية والنوعية للسكان وتوزيعاتهم الجغرافية، وتعزيز العلاقة بين الخصائص السكانية وتوجهات التنمية المستدامة، وتطوير المشاركة الفاعلة للمرأة السعودية في النهضة التنموية للمملكة وتعزيز هذه المشاركة.

كما تحمل آليات التنفيذ دعم مشاركة الشباب في النهضة التنموية للمملكة وتطويرها، وتمكينهم من الإسهامات الفاعلة في تنمية المجتمع، وتوفير السكن المناسب على أوسع نطاق وبما يلبي احتياجات فئات المجتمع، وحماية النزاهة ومكافحة الفساد والحد من انعكاساته على المناخ الاستثماري والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لخطة التنمية، وتعزيز الثقافة الوطنية وتنميتها، وزيادة الإنتاج الثقافي والعلمي.

بالإضافة إلى تعميق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتفعيل علاقات المملكة العربية والإسلامية والدولية، وتحسين آليات تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية، وتقويم السياسات التنفيذية التي تتبناها الخطة، وتقديم الدعم والمساندة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وتذليل المعوقات التي تعترض تنميتها، وأخيرا الاهتمام بالبعد الاجتماعي لعملية التنمية بتعزيز المشاركة الأهلية في عمليات التنمية والرعاية الاجتماعية ودعم الفئات المحتاجة، وذوي الاحتياجات الخاصة، وإيلاء اهتمام خاص لفئات الشباب والمرأة والطفل. وتشير وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى أنه يمكن إيجاز التوجهات الرئيسية لخطة التنمية التاسعة في ستة توجهات، من خلال تحسين مستوى المعيشة ونوعية الحياة، والتنمية المتوازنة بين المناطق، وتنويع القاعدة الاقتصادية، ودعم التوجه نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، وتعزيز القدرات التنافسية، وأخيرا تنمية الموارد البشرية.

وبالعودة إلى الجريسي أكد أن إقرار الخطة التاسعة (2010 - 2014) مبلغ 1.4 تريليون ريال (374 مليار دولار) للإنفاق على برامج ومشروعات التنمية المعتمدة خلال سنوات الخطة الخمس، وهو ما يعني ارتفاع مستوى الإنفاق التنموي بنسبة 67.3 في المائة مقارنة بما رصدته الخطة الثامنة، ويعكس النهج التخطيطي الطموح الذي تعتمده حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني، والهادف إلى الإسراع بوتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبما يعود على المواطن بالمزيد من الرفاهية والنهوض بمستويات المعيشة، والتغلب على كل العقبات التي يعاني منها الاقتصاد العالمي وتلقي بظلالها على كافة الاقتصادات الوطنية ومنها الاقتصاد السعودي.

ولفت رئيس غرفة الرياض إلى أن من أبرز ملامح الخطة التنموية الجديدة أنها استجابت لرؤية خادم الحرمين الشريفين التي أعلنها مؤخرا والمتعلقة بتبني مبدأ المحافظة على الثروة البترولية للمملكة من أجل مستقبل الأجيال القادمة، حيث أمر خادم الحرمين بتجميد التنقيب عن حقول جديدة للنفط، والإبقاء عليها في باطن الأرض لمصلحة الأجيال، ومشاركة الأجيال القادمة في خير الثروة التي وهبها الخالق سبحانه للمملكة، مشيرا إلى أن تلك الاستجابة تجلت في تقليص خطة نسبة النمو المستهدفة في قطاع البترول والغاز إلى 19.6 في المائة، بدلا من نسبة 23.7 في المائة التي كانت تستهدفها الخطة السابقة.

وقال الجريسي إن اعتماد الخطة لرؤية خادم الحرمين الشريفين «تؤكد النظرة بعيدة المدى والعادلة لرفاهية أجيال الشعب السعودي، بحيث لا تؤثر خطط وبرامج الاهتمام بالارتقاء بمستويات معيشة الجيل الحالي والنهوض بواقعه الحضاري ليواكب أرقى مستويات المعيشة في عالم اليوم ومضاهاته لأعلى مستويات شعوب الدول المتقدمة، على مستويات وفرص الأجيال القادمة، بل إن السعي للنهوض الحضاري وتطوير أدوات وبرامج التنمية اليوم هي في مصلحة أجيال الغد.