شاهدة عيان: خطاب القذافي الابن يفزع العمالة الأجنبية ويدفعها إلى الرحيل

تحدثت إلى «الشرق الأوسط» بعد وصولها مع أسرتها إلى الأردن يوم الثلاثاء الماضي

TT

أفزع خطاب سيف الإسلام، ابن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، ليل الأحد الماضي، العاملين الأجانب في ليبيا، لا سيما في العاصمة طرابلس، وأثار المخاوف في نفوسهم. ودفع هذه الخطاب الذي اتسم بالتهديد والوعيد والقتال حتى آخر رجل، الكثيرين منهم، إن لم يكن جميعهم، إلى اتخاذ قرار المغادرة والعودة إلى بلدانهم، كما ذكرت ذلك لـ«الشرق الأوسط» شاهدة العيان «ع.ج» التي عادت لتوها إلى الأردن.

وقالت «ع.ج» في اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط»: «غادرنا طرابلس على عجل إلى درجة أننا لم نحمل سوى أغراض خفيفة وتركنا بقية أمتعتنا في شقتنا المستأجرة.. ووصلنا إلى عمان أنا وزوجي وأولادي ليل يوم الثلاثاء الماضي، على متن طائرة ضخمة تابعة للخطوط الجوية الأردنية (عالية)». وأضافت «صحيح أننا كنا نقطن في منطقة السياحة، وهي للموظفين والعاملين الأجانب والسفارات، الواقعة غرب طرابلس، والبعيدة عن المشكلات والمواجهات، إلا أننا كنا نسمع من على بعد أصوات إطلاق النار، وحرق مقر حكومي قرب حينا.. هم لم يحرقوا المقر بل الأوراق التي فيه.. وكذلك قاعة يطلقون عليها قاعة الشعب». وتابعت القول «كنا نخضع لمنع التجول من الساعة الرابعة من بعد الظهر وحتى السادسة صباحا».

وحسب «ع.ج» فإن «صاحبة المنزل الذي كانت تقطن فيه مع أسرتها، كانت تتحدث عن وجود مرتزقة، ضخام الجثة، ومدججين بالسلاح، تثير مناظرهم الرعب في النفوس. أنا شخصيا لم أر أيا منهم، لكن ابن جارتنا الذي كان، كما قال، يشارك في الاحتجاجات هو الذي شاهدهم»، وقالت «كنا مرعبين، لا سيما صاحبة المنزل التي سمعت أن المرتزقة يقتحمون البيوت، ويرغمون الناس على ترك منازلهم، ويطلبون منهم أن يلتحقوا بقبائلهم.

وعن الحياة في العاصمة الليبية قالت «ع.ج»: «إن الحياة حتى يوم الاثنين كانت طبيعية، حتى ساعات منع التجول، وكانت المحال مفتوحة.. وكذلك المدارس التي أغلقت أبوابها فقط بعد خطاب القذافي الابن، الذي اتهم فيه عاملين أجانب، مصريين وتونسيين وفلسطينيين، بالوقوف وراء الاحتجاجات.. ولم نك نفكر في المغادرة لأننا لم نكن نعرف كثيرا عما يدور خارج منطقتنا، لكن هذا الخطاب أثار الفزع لدينا من إمكانية قيام رجال النظام بأعمال انتقامية ضد العاملين الأجانب، فآثرنا الرحيل وأن ننفذ بجلودنا».

وعن الرحلة إلى المطار قالت «ع.ج» إنهم استأجروا سيارة لتنقلهم إلى المطار الواقع إلى الشمال من المنطقة «واستغرق الطريق نحو نصف ساعة لم نشاهد فيها أي مواجهات أو مظاهرات، بل لم نشاهد شرطة أو عساكر على الإطلاق.. وكانت الشوارع تبدو وكأنها مهجورة». وأشارت إلى أن المدينة تكون بين الساعة السادسة صباحا وحتى الـ12 تكون فارغة من الناس لأنهم يكونون نياما.

وعن تكاليف المعيشة قالت إنها لم تشهد فيها ارتفاعا كما يتوقع في مثل هذه الحالات التي يستغل فيها البعض الظروف فيرفع الأسعار.. لكنها أشارت إلى ارتفاع تكاليف بعض المواد الغذائية، فثمن رغيف الخبز (العيش) وصل إلى نحو دولار و40 سنتا (دينار ونصف دينار ليبي).

وقالت إن المطار «عندما وصلناه صباح يوم الثلاثاء، كان يعج بالناس والمسافرين كما يوم القيامة.. ليس فيه موطئ قدم، مما اضطر السلطات إلى إغلاق قاعاته التي كانت مليئة بالناس لمنع دخول المزيد.. وكنا نحن من الناس الذين اضطروا للانتظار في الخارج من الساعة العاشرة صباحا حتى الثانية والنصف. كانوا يسمحون بالدخول إلى القاعات الداخلية، فقط لمن تكون طائرته قد وصلت أرض المطار».

وأضافت أن التونسيين والليبيين والمصريين كانوا يمنعون من السفر لعلاقتهم، حسب مزاعم سيف الإسلام القذافي، بأحداث التخريب.

وعند سؤالها عن الكيفية التي استعادوا بها جوازات سفرهم التي يحتفظ بها رب العمل قالت «ع.ج»، إنه يبدو أن أرباب العمل توصلوا إلى قناعة بأن الأحداث ستزداد سوءا، خاصة مع توقف العاملين عن الذهاب إلى أعمالهم وشركاتهم خوفا على أرواحهم، فقرروا إعادة جوازات السفر لأصاحبها مع رواتب شهرين، ومطالبتهم بالمغادرة.. «لكننا لم نحصل على راتب الشهرين لأن البنوك كانت مغلقة».