مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: تركيا أعطت لنفسها دورا في المفاوضات مع إيران

قال إن جغرافية مجموعة الست لن تتغير.. وتم الانتقال إلى مرحلة الضغوط وتشديد العقوبات

وليام وود
TT

انتقلت الولايات المتحدة إلى مرحلة التركيز على مسار تشديد الضغوط على إيران، على حساب الدبلوماسية، في سياسة المسارين التي تتبعها مع طهران، بحسب ما أكد مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط». وانتقد وليام وود، منسق تطبيق العقوبات في الإدارة الأميركية، الدور الذي تلعبه تركيا مع إيران لإعادتها إلى طاولة المفاوضات بعد فشل الجولة الأخيرة في اسطنبول مع مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا). وقال في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» خلال زيارة قصيرة له إلى لندن: «جهود تركيا غير منسقة، وهي أعطت لنفسها دورا بين إيران ومجموعة الست، ولم تعط هذا الدور من قبل المجموعة».

وكان الرئيس التركي عبد الله غل، يرافقه وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، قد زارا طهران منتصف الشهر الجاري، للبحث في إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات مع مجموعة الدول الست. وذكرت وكالة أناضول للأنباء التركية حينها، أن أوغلو عرض مع المسؤولين الإيرانيين «وضع خريطة طريق للمفاوضات من أجل التغلب على العوائق التي تحول دون توصل طهران والمجموعة إلى اتفاق على نقاط التفاوض». وبعد فشل محادثات اسطنبول في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، لم تحدد مجموعة الست موعدا جديدا لاستئناف المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي.

إلا أن وود انتقد التحركات «غير المنسقة» للأتراك، وقال: «الجهود الجدية المنسقة هي دائما أمر جيد، ولكن لست واثقا من أن الجهود غير المنسقة هي مفيدة بالدرجة نفسها». وأصر وود على أن لا دور لتركيا في المحادثات الدولية مع إيران، رغم حرصه على الإشارة إلى أن واشنطن «تقدر دعمها» الذي قدمته خلال محادثات اسطنبول. وقال: «تركيبة مجموعة الدول الست لم تتغير، نعتقد أن اجتماع المجموعة مع إيران هي أفضل طريقة للتقدم إلى الأمام. ومهما تفعل تركيا، يقع خارج هذه التركيبة». وأضاف: «لا أعتقد أن أي أحد يتصرف نيابة عن مجموعة الست، المجموعة ستتصرف باسمهما وبالنيابة عن نفسها».

ولا تزال تركيا مستاءة من الدول الغربية، وخصوصا الولايات المتحدة، بسبب رفضها اتفاقا توصلت إليه مع إيران، بالتعاون مع البرازيل، حول تبادل الوقود النووي العام الماضي.

وردا على سؤال حول رضا الولايات المتحدة عن تعاون تركيا في تطبيق العقوبات الدولية المفروضة على إيران، ذكر وود أن التعاون جيد من «القطاع الخاص» في أنقرة، بينما اكتفى بالقول عن تركيا الرسمية: «إنها أكدت مرارا أنها ستفي بالتزاماتها الدولية التي تقع تحت قرار مجلس الأمن 1929» الذي أقر عقوبات دولية جديدة على النظام الإيراني صيف العام الماضي.

وكانت إيران قد فرضت إلغاء العقوبات الدولية عليها كأحد شروط العودة إلى المفاوضات حول برنامجها النووي، وهو ما قالت مجموعة الدول الست إنه يعبر عن عدم جدية إيران في التفاوض. وقال وود تعليقا على ذلك، إن العودة الطاولة المفاوضات فقط لأجل العودة غير كاف، وإن المطلوب هو استعداد إيراني للتواصل «بشكل جدي وفعال». وأضاف: «الأمر لا يتعلق بمجموعة الست أو بتركيا أن تتخذ القرار، الأمر يتعلق بإيران أن تتخذ القرار. المفتاح هو إرادة إيرانية للتواصل بشكل جدي».

وبانتظار الإشارات الإيجابية من إيران، قال وود إن غياب التقدم يدفع مجموعة الست إلى التركيز على المسار الثاني من سياسة المسارين (الدبلوماسية والضغوط). وشرح أن هذا قد يعني «عقوبات إضافية وقد يكون تطبيقا أوسع وفعالا أكثر للعقوبات الموجودة». ويبدو أن فرنسا وبريطانيا تؤيد هذا الاتجاه. فقد دعت بريطانيا الأسبوع الماضي الاتحاد الأوروبي لاعتماد هكذا عقوبات، بينما قال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون إن المجتمع الدولي سيضطر إلى تشديد العقوبات على إيران لإعادتها لطاولة المفاوضات. إلا أن إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأسبوع الماضي من لندن، أن روسيا لن تدعم عقوبات إضافية على إيران في مجلس الأمن، قد يعرقل تلك الخطط. ويبحث الاتحاد الأوروبي في إمكانية فرض عقوبات تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، ضد أفراد في النظام الإيراني، أسوة بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة قبل عدة أشهر. ولكن وود خفف من تصريحات لافروف، وأبدى تفاؤله باستمرار تعاون روسيا مع الدول الخمس الأخرى في الملف النووي الإيراني. وقال: «نحن نأخذ بجدية كبيرة كل ما يقوله لافروف.. نعتبر روسيا شريكا فعالا وجديا يقدم مساهمات كبيرة للحفاظ على التضامن الدولي والضغط على إيران لكي تتواصل بشكل فعال حول برنامجها النووي وسجلها في حقوق الإنسان، ولا أتوقع أن يتغير ذلك، بل أتوقع محادثات إضافية». وأضاف: «هناك عدد من المشاركين في محادثات اسطنبول يعتقدون أنه من الضروري ممارسة ضغوط إضافية على إيران، ونحن ننظر في نظام العقوبات الدولية، إضافة إلى نظام العقوبات الخاص بنا».

وبالفعل، فقد أعلنت وزارتا الخزانة والخارجية الأميركيتان أول من أمس فرض عقوبات على اثنين من المسؤولين الحكوميين الإيرانيين بسبب ما نسب إليهما من انتهاكات لحقوق الإنسان للمحتجين في أعقاب انتخابات الرئاسة الإيرانية التي جرت في يونيو (حزيران) 2009. واتهم البيت الأبيض الرجلين بارتكاب «انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان» وهدد باتخاذ خطوات مماثلة في حق مسؤولين إيرانيين آخرين وكرر الدعوات إلى حكومة طهران لاحترام حقوق مواطنيها.

وقالت وزارة الخزانة في بيان إن المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت أبادي وقائد قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني محمد رضا نقدي أضيفا إلى القوائم السوداء لمكتب السيطرة على الأصول الأجنبية. ويضاف المسؤولان إلى قائمة حددتها واشنطن من قبل وتضم ثمانية مسؤولين حكوميين إيرانيين. ويمنع هذا الإجراء أي أميركيين من إبرام صفقات معهما ويجمد أي أرصدة قد تكون لهما تحت ولاية الولايات المتحدة. ويخضعهما الإجراء أيضا لقيود وزارة الخارجية بشأن تأشيرات الدخول.

ولكن رغم إضافة عقوبات جديدة على النظام في طهران، فإن العقوبات الاقتصادية الموجودة أصلا لا تطبق بشكل كامل، ويجادل البعض بأن تطبيقها بشكل فعال قد يكون أجدى من فرض عقوبات جديدة. وقد يكون اتهام السنغال لإيران قبل يومين بتسليح متمردين في البلاد ضد القوات الحكومية، وإعلانها قطع علاقاتها الدبلوماسية معها بسبب ذلك، دليل على عدم تطبيق العقوبات بشكل فعال.

ولم ينف وود أن العقوبات الحالية لا تطبق بشكل كامل، ولكنه قال: «نظام العقوبات ضد إيران هو واحد من أكثر أنظمة العقوبات تعقيدا وطموحا في العالم. ليس كل أحكامه يمكن أن تطبق في يوم واحد». وتعليقا على قطع علاقة السنغال بإيران، قال: «نحن نرى بعض الأدلة عن تدفق أسلحة بالسر من إيران إلى أفريقيا، بهدف هز الاستقرار، وهذا أمر مقلق وليس علامة جيدة ويتعارض مع العقوبات الدولية». وأضاف ردا على سؤال حول المخاوف من تزايد نفوذ إيران في أفريقيا: «جهود إيران في أفريقيا تكبر بالتأكيد ولكن ليس مؤكدا أن تأثيرها يتسع. نحن نراقب ذلك بدقة، وسنتخذ خطوات بناء على ما يحصل».

وأبدى رضاه عن تعاون الصين في نظام العقوبات ضد إيران، وحتى إنه امتدح عدم استغلالها للفراغ الاقتصادي هناك بعد انسحاب شركات أجنبية بسبب العقوبات، وقال: «الصين أيضا شريك حقيقي وتتعاون بشكل جيد مع المجتمع الدولي لتطبيق العقوبات، وهي لم تفعل ما اعتقد كثيرون أنها ستقوم به، وهو القفز إلى تغطية الاستثمارات التي تنسحب من إيران بسبب العقوبات». وأضاف: «حتى الآن، الصين تتصرف كشريك حقيقي. ولكن بالنسبة للجميع تطبيق العقوبات ليس ممتازا».