محتجون سودانيون يغلقون طريقا رئيسيا في الخرطوم

مصادر المعارضة السودانية: سودانيون يتوقعون ثورة مثل مصر وتونس.. قريبا

TT

قطع أكثر من ألف محتج سوداني أحد الطرق الرئيسية في العاصمة الخرطوم لعدة ساعات، أمس، في علامة على تنامي نفاد الصبر إزاء وعود الحكومة بالإصلاح والتنمية.. فيما قالت مصادر المعارضة السودانية إن كثيرا من السودانيين يتوقعون أن تنتقل الثورة المصرية إلى السودان، يوما ما بطريقة ما.

وفرق السودان عشرات المظاهرات الصغيرة المناهضة للحكومة في أنحاء شمال البلاد تستلهم الانتفاضات الشعبية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. لكن الحركة الساعية للإطاحة بالحكومة فشلت في اكتساب دعم أوسع. ولا يزال عشرات النشطاء في السجون دون اتهامات. وأحاطت شرطة مكافحة الشغب ورجال أمن بملابس مدنية بالمظاهرة الأكبر حتى الآن، والتي أوقفت الحركة تماما على الطريق الرئيسي لنقل السلع بالخرطوم أغلب ساعات يوم العمل.

وقال شهود عيان من «رويترز» إن شاحنة محملة بالوقود كانت متوقفة وسط المحتجين، مما منع الشرطة من إطلاق الغاز المسيل للدموع ضدهم. وهتف المحتجون بشعارات تتهم مسؤولي الحكومة بالكذب. وطالب سكان المنطقة بفرض قيود على السرعة على الطريق السريع الجديد. وجاء الاحتجاج بعد حادث أسفر عن سقوط قتلى أمس. وقال سكان إن عشرة أشخاص قتلوا على الطريق هذا العام حتى الآن. وانضم أنصار للحزب الحاكم إلى المحتجين.

وأنشأ السودان عدة طرق سريعة في العاصمة، لكن قوانين المرور لا تطبق عليها بدرجة تذكر حيث تشيع الفوضى المرورية ولا يوجد سوى عدد قليل من نقاط عبور المشاة. ويلقى المئات حتفهم في حوادث طرق سنويا. وقال رامي يوسف (25 عاما)، وهو أحد المحتجين «يقطع هذا الطريق السريع منطقتين سكنيتين، ولا ينبغي أن يمر عبر العاصمة أصلا».

وتعهد الرئيس السوداني عمر حسن البشير بعدم خوض الانتخابات القادمة بعد أربع سنوات عقب قضاء 26 عاما في السلطة. وكان حزبه قد تولى السلطة في انقلاب في 1989. غير أن أصواتا معارضة متنامية حتى من داخل حزبه الحاكم تدعو إلى تحرك أسرع لمنع الانتفاضات الشعبية، التي أطاحت برئيسي تونس ومصر وامتدت إلى دول أخرى بينها ليبيا، من الوصول إلى السودان. وبعد أن ظل الطريق مغلقا أغلب اليوم، جلب المسؤولون الحكوميون شاحنات لبدء العمل في تركيب إشارات مرورية. وقال يوسف «هذا يظهر كيف يمكن إنجاز الأمور بسرعة».

من جهة ثانية، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن كثيرا من السودانيين يتوقعون أن تنتقل الثورة المصرية إلى السودان، يوما ما بطريقة ما. وأشارت الصحيفة إلى مظاهرات في مدن سودانية، وقالت إنها متفرقة. لكن، نقلت تصريحات لشباب سودانيين قالوا إنهم عازمون على إسقاط الرئيس عمر البشير، مثلما أسقط الشباب المصريون الرئيس السابق حسني مبارك.

وقالت الصحيفة إنه «ليس واضحا من سيخلف» البشير إذا خرج من الحكم، وإن قادة معارضة سودانيين قالوا إنهم يخافون من إجبار البشير على ترك الحكم خوفا من أن ينقسم السودان أكثر، بعد أن انقسم بانفصال الجنوب، وخوفا من أن يصير السودان مثل الصومال، وينقسم إلى أجزاء كثيرة. وقالت الصحيفة إن قادة المعارضة هؤلاء يفضلون أن يحدث تغيير بطيء في السودان، ويخافون من تغيير مفاجئ.

لكن، نقلت الصحيفة على لسان فاروق أبو عيسي، المحامي والمتحدث باسم تحالف أحزاب المعارضة، قوله «عند السودانيين تجربتان ثريتان في الثورة ضد الطغيان. الآن، نحن نجهز أنفسنا لمثل ما حدث في تونس ومصر»، إشارة إلى ثورة سنة 1964 ضد حكومة الفريق إبراهيم عبود، وثورة سنة 1984 ضد حكومة المشير جعفر نميري.

ومن التصريحات التي نقلتها الصحيفة قول الطالب ميسر حسن (22 سنة)، إن تصريحات مسؤولين في حكومة البشير بأن ما حدث في مصر لن يتكرر في السودان «ليس إلا محاولة لتخدير الشارع السوداني». وقالت الصحيفة إن «آلافا من السودانيين الشباب، مدفوعين بأحداث في أجزاء أخرى في العالم العربي، أعلنوا مطالبهم بأن يترك البشير الحكم».

ونقلت الصحيفة قول الطيب زين العابدين، أستاذ علوم سياسية في جامعة الخرطوم ومن القادة الإسلاميين الذين ينتقدون حكومة البشير، إن تصريحات المسؤولين السودانيين «رد مباشر على ما يحدث في المنطقة». وشك زين العابدين في أن الرئيس البشير «حقيقة يريد أن يتنحى عن السلطة، وأنه إذا كان يريد أن يتنحى فعليه هو، أو مسؤول كبير في حكومته، أن يخاطب الشعب السوداني، لا أن يطلب من متحدث باسم الحكومة أن يقول ذلك».

وأضاف زين العابدين «في العالم العربي، تعودنا على حكام يبقون في الحكم حتى يموتوا». وقالت الصحيفة إن كثيرا من المحللين السودانيين يقولون إن البشير «وايلي براغماتست» (واقعي مراوغ). وأشار هؤلاء إلى أن البشير، في الشهر الماضي «عندما صار واضحا أن جنوب السودان سيصوت بأغلبية ساحقة للانفصال، تعهد بمساعدة الجنوب، على الرغم من أنه كان شن حربا مكثفة ضد المتمردين الجنوبيين لسنوات، وعلى الرغم من أن حكومته ستخسر مليارات الدولارات من عائدات النفط إذا انفصل الجنوب».

وأشارت الصحيفة إلى تصريحات كان أدلى بها ربيع عبد العاطي، متحدث باسم حكومة البشير، قال فيها إن البشير، الذي ظل يحكم السودان لاثنتين وعشرين سنة، ويواجه اتهامات بالإبادة الجماعية من محكمة الجنايات الدولية «لن يترشح لمنصب الرئاسة مرة أخرى بعد انتهاء فترة ولايته الحالية»، وإن البشير «لا توجد لديه الرغبة في أن يكون رئيسا مرة أخرى»، وإن البشير «أكد على ضرورة إعطاء الفرصة للجيل القادم، وسيعمل على إقامة نظام ديمقراطي حقيقي في بلدنا»، وإن قرار البشير هذا ليست له صلة بما حدث في مصر وتونس، لأنه «في مصر، كانت هناك فجوة بين الحكام والشعب، لكنها ليست في بلدنا، حيث يعيش الحكام مع الشعب».