الحكومة تنجح في إثارة مخاوف بعض كبار رجال الدين من المظاهرات المليونية اليوم

المالكي يحذر المواطنين من المشاركة في «يوم الغضب».. ويحذر من «مندسين»

اللواء قاسم عطا، المتحدث باسم عمليات بغداد، يري الصحافيين أمس هوية حمل سلاح مزورة، محذرا من أن هناك مئات منها سيحاول مسلحون استغلالها للاندساس وسط المشاركين في مظاهرة اليوم ببغداد (رويترز)
TT

في تحول محسوب من قبل كبار رجال الدين الشيعة في العراق حيال ما يمكن أن تخفيه تظاهرات يوم الغضب في العراق اليوم من «أجندات خفية» طبقا للخطاب الحكومي طوال الأيام الماضية، أصدر بعضهم بيانات بعدم جواز المشاركة في هذه المظاهرات. بدوره عبر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني عن «قلقه» حيال ما يمكن أن تؤدي هذه المظاهرات إليه من إزهاق للأرواح أو نهب للممتلكات العامة، في حين أكد آية الله العظمى إسحق الفياض وبشير النجفي على أن التظاهر السلمي «حق مشروع».

وقال مكتب الفياض في لندن، حيث يخضع المرجع الشيعي لفحوصات طبية، إن «من حق العراقيين الخروج في مظاهرات تطالب بتحسين أوضاعهم الحياتية على أن تكون هذه المظاهرات سلمية ولا تعتدي على الملكية العامة والخاصة».

وأيد آية الله النجفي أيضا حق العراقيين في التظاهر وقال بيان صادر عن مكتبه في النجف «ما زال صوتنا مع صوت الشعب العراقي المنهك المظلوم في مطالبه المشروعة، فله الحق شرعا وقانونا بأن يطالب بحقوقه كافة بالتظاهر والاعتصام السلميين مع المحافظة على الأرواح والنظام العام والأموال العامة والخاصة».

بدورهما أفتى كل من المرجعين الدينيين محمد اليعقوبي ومهدي الآصفي بعدم المشاركة في هذه التظاهرات. وقال اليعقوبي في بيان صدر عن مكتبه إن «تظاهرات الجمعة المرتقبة مثيرة للشك والتوجس لعدم معرفة الجهات التي تقف وراءها، مؤكدا عدم تحمله مسؤولية المشاركة فيها».

وكانت الكتل السياسية العراقية قد عقدت في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء اجتماعا بحضور رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي وقادة الكتل والأحزاب والقوى السياسية المشاركة في الحكومة أعلن خلاله طالباني إنه باسم المجتمعين يخول المالكي إصدار بيان للشعب العراقي يوضح فيه حقيقة ما يجري. ومن جهته دعا المالكي في الخطاب الذي وجهه أمس جميع المواطنين العراقيين إلى عدم المشاركة قائلا «أدعوكم من موقع الحرص إلى ضرورة إجهاض مخططات أعداء الحرية والديمقراطية، وعدم المشاركة بمظاهرة الغد لأنها مريبة وفيها إحياء لصوت الذين دمروا العراق وأسقطوا سيادته ودمروا مؤسساته، وأشاعوا القتل والفساد». واستدرك المالكي بالقول إن هذا «لا يعني حرمانكم مرة أخرى من حق المظاهرات المعبرة عن المطالب الحقة والمشروعة ويمكنكم إخراج هذه المظاهرات في أي مكان أو زمان تريدون خارج مكان وزمان مظاهرة خلفها الصداميون والإرهابيون والقاعدة». واختتم المالكي كلمته بالقول «وأحذركم من مخططاتهم التي تستهدف حرف المسيرات والمظاهرات لتتحول إلى مظاهرات قتل وشغب وتخريب وإشعال فتنة يصعب السيطرة عليها وتفجيرات وأحزمة ناسفة».

وشرح المالكي في كلمته ما اعتبره أسبابا حقيقية حالت دون الإقدام على تحقيق المنجزات، عازيا ذلك إلى ما ورثه النظام الجديد من بنية تحتية منهارة بسبب حروب النظام السابق وكذلك محاولات زرع الفتنة التي أدت بالبلاد إلى الوقوف على حافة الحرب الأهلية، مشيرا إلى أن «تلك الظروف الصعبة التي تتذكرونها جميعا لم تسمح لنا بالشروع في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي ولم تدع مجالا للانطلاق في عملية نهضة وإعمار وتنمية حقيقية كنا نخطط لها منذ البداية، إلا في وقت متأخر ربما يمكن تحديده مع عام 2008». وكان المالكي قد كشف خلال المؤتمر المقتضب الذي جمعه ليل الأربعاء مع طالباني وقادة الكتل السياسية أنه تلقى العديد من الاتصالات من شيوخ العشائر والمنظمات والنقابات تؤكد عدم مشاركتها في مظاهرة اليوم.

وفيما تواصل العديد من الجهات والقيادات الشبابية دعوتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الإنترنت وبعض المواقع الإلكترونية ووكالات الأنباء والفضائيات للعراقيين التوجه إلى ساحة التحرير في قلب بغداد وباقي المدن العراقية فإن قيادة عمليات بغداد نجحت في الحد من الحركة من وإلى هذه الساحة سواء من حيث قطع الطرق المؤدية إليها والقادمة منها تحت ذريعة حماية المتظاهرين فضلا عن إجراءات التفتيش المعقدة. وقطعت الطرق القادمة من محافظة الأنبار إلى بغداد عن طريق أبو غريب مع الأنباء التي تواترت عن حملة اعتقالات في أبو غريب لعدد من منظمي التظاهرات.

وفي السياق ذاته أصدر رؤساء دواوين الوقف الشيعي والسني والمسيحي بيانا دعوا فيه المشاركين في المظاهرات اليوم «بمنح الحكومة العراقية مهلة كافية لتلمس أثر المصادقة على الميزانية العامة ثم الحكم عليها». وقال البيان إن «الكثير من العراقيين يعتبرون تظاهرة الجمعة فرصة حقيقية للمطالبة بتحسين واقعهم الخدمي والمعيشي وتحقيق بعض أهدافهم التي تعذر على الحكومة تحقيقها خلال الحقبة الماضية». وشدد البيان على «حرمة دم الشعب العراقي وصيانة أمواله وممتلكاته، فسفك الدماء خطوط حمراء وجريمة نكراء»، مؤكدا «حرمة الاعتداء» على الممتلكات العامة والخاصة من منشآت ومؤسسات وغيرها.

إلى ذلك طالبت ميسون الدملوجي، النائبة عن القائمة العراقية بزعامة رئيس الحكومة السابق إياد علاوي والناطقة الرئيسية باسمها، في بيان الحكومة أمس «بتحمل مسؤوليتها بالكامل في احترام وحماية المتظاهرين والصحافيين، واحترام حرية الإعلام التي كفلها الدستور». وأضافت أن «التعتيم على وسائل الإعلام الذي أعلنه الناطق الرسمي باسم عمليات بغداد يثير القلق حول جدية واضعي هذا القرار في بناء الديمقراطية في العراق، وحماية حرية التعبير. إننا على ثقة أن النقل المباشر سيعكس صورة حضارية للعالم حول التزام المواطنين العالي بالقانون وحبهم للوطن وحرصهم على بناء الدولة المدنية وسلامة العملية السياسية. لهذا أطالب واضعي هذا القرار غير المبرر بالتراجع الفوري عنه لما يعكسه من ترسيخ للفجوة بين السياسيين والمواطنين».