نتنياهو في جلسة نزع الثقة بالكنيست: زلزال يهز العالم العربي.. واستقرار تام في إسرائيل

قال: هاتوا لي أبو مازن.. وردت المعارضة: لن يأتي لأنه يعرف أنك لن تعطي شيئا

TT

منذ أن انتخب، رئيسا للحكومة قبل سنتين، لم يبادر بنيامين نتنياهو من تلقاء نفسه إلى تقديم تقرير للبرلمان عن سياسة حكومته، وفي كل مرة أراد الكنيست سماع تقرير، كانت المعارضة تجمع توقيعات 40 نائبا (ثلث عدد النواب) يطالبون بذلك. وفي هذه الحالة، يضطر للمثول أمام النواب. وهذا ما حصل أيضا الليلة قبل الماضية.

كانت جلسة يسودها التوتر، رغم أن الحكومة ضمنت أكثرية النواب مسبقا. فقد أُلزم نواب الائتلاف بحضور الجلسة حتى آخر لحظة فيها، لكي لا تفوز المعارضة عليها. وفي نهاية الجلسة بدا أن الائتلاف الحكومي نجح (46 مع الحكومة مقابل 33 ضدها)، بل إن الائتلاف قدم هدية ثمينة غير متوقعة للمعارضة. وسنأتي على ذلك لاحقا.

عنوان الجلسة الذي اختارته أحزاب المعارضة، كان: «فشل الحكومة في جميع المجالات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية». وعرض ممثلو المعارضة، مواقفهم، فهاجموا سياسة نتنياهو وبشكل خاص بسبب تجميد المفاوضات والعزلة الدولية والخلافات مع الولايات المتحدة والغلاء الفاحش وزيادة الفقر وتقليص موازنة الشؤون الاجتماعية.

ووقف نتنياهو يرد على الاتهامات، فقال: «أنتم، لا تريدون أن تروا حقيقة أن الشرق الأوسط يشهد زلزالا جبارا يطيح بأنظمة كبيرة وغنية. لكن هذا الزلزال بعيد إسرائيل. ألا تدركون معنى هذا؟.. هناك سبب لكون هذا الزلزال بقي بعيدا عنا. فنحن دولة ديمقراطية. ليبرالية. منفتحة. متطورة. نحن دولة مستقرة. عصرية. دولة حريات. والقول إننا فشلنا في كل شيء هو لا يمت للحقيقة. إن الحكومة تعمل ليل نهار وبوتيرة عالية. وهي جاهزة لمجابهة الأخطار عليها». فقاطعه النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة: «أنت تقيم حكمك بفضل سياسة التخويف والرعب التي تبثها للجمهور». ورد نتنياهو: «لا، بل من السياسة المسؤولة تجاه الجمهور».

ودعا نتنياهو المعارضة للتصرف بمسؤولية ووحدة وطنية إزاء الأوضاع الإقليمية، ولكن مساعديه سارعوا إلى تعديل هذا الاقتراح وأصدروا باسمه بيانا يقول إنه لم يدع إلى الوحدة في الائتلاف الحكومي، بل قصد دعم المعارضة للحكومة من خارج الائتلاف. وقال نتنياهو في حديثه: «سبق وكنت في المعارضة عندما واجهت إسرائيل قرار إدانة في مجلس الأمن، خلال الحرب على غزة. فكيف تصرفت معكم؟.. يومها أيضا صوت 14 عضوا في مجلس الأمن مع إدانة إسرائيل، والفيتو الأميركي منع القرار. لكنني لم أتهمكم يومها بالمسؤولية عن العزلة. بل وقفت إلى جانبكم في مواجهة الخصوم والأعداء في العالم. إن مثل هذه الأوضاع تحتاج لمعارضة مسؤولة. فتعلموا الدرس. واعلموا، أنكم إذا بقيتم تهاجمون الحكومة في كل شيء، فإن الجمهور يعرف ما هي الحقيقة ويعرف كيف تدار الأمور. فلا تتسرعوا في رثائنا، إننا باقون في الحكم فترة طويلة».

وردت عليه تسيبي ليفني زعيمة «كديما» المعارض، «إذا كان كل شيء جيدا، كما تقول، فلماذا وضعنا سيئ لهذا الحد؟.. وقعت خلال حكمك فضائح مخزية. تحت ظلك عين رئيس أركان جديد للجيش (يوآف غالانت)، أنت اخترته. ثم دفعتموه بسبب الفضائح للاستقالة وأحدثتم ضجة كبرى. وأنت عينت صديقا لك سفيرا في لندن، هو رئيس مجلس الأمن القومي وكبير مستشاريك، ولكنك لم تستطع. وزير خارجيتك نجح في ليّ ذراعك ومنعك من تنفيذ هذا التعيين. أسعار الوقود ارتفعت بنسبة مذهلة وكذلك الماء ومعظم مكونات سلة المعيشة اليومية. ألحقت ضررا بعلاقاتنا مع واشنطن ودفعتها إلى ورطة خانقة (الفيتو في موضوع الاستيطان). فما الذي تفعله؟». واختتمت ليفني بالإشارة لفشل نتنياهو في التقدم بعملية السلام.

هنا قاطعها نتنياهو قائلا: «مع من تريدونني أعمل السلام؟.. مع أبو مازن (الرئيس الفلسطيني، محمود عباس)؟ هاتوه لي». فأجابه النائب اليساري من ميرتس، حايم أورون، صائحا: «أبو مازن لن يأتي لأنه يعرف أنك لن تعطيه شيئا».

وصعد إلى المنصة النائب أوفير أكونيس، وهو من الليكود، ووصف كديما بحزب الفساد. فضجت القاعة، وصاح به أحد النواب: «لماذا هذا التعميم؟.. أهو تحريض دموي؟.. والله إنني مستعد لتقديمك للقضاء».

وصعد للمنصة روني بار أون، وزير المالية في حكومة كديما برئاسة إيهود أولمرت، فقال: «اليوم يوجد رئيس في إسرائيل من كديما وليس كالرئيس السابق (يقصد موشيه قصاب، من الليكود، الذي اضطر للاستقالة بعد اتهامه بالاغتصاب والاعتداء الجنسي وينتظر حاليا صدور الحكم عليه)». ووقع اشتباك بين نواب الحزبين، فقرر رئيس الجلسة إخراج أربعة منهم، بينهم أكونيس وبار أون من الجلسة.

وعاد النائب دانئيل بن سيمون من حزب العمل، للنقاش في قضية فشل الحكومة، مركزا على الموضوع السياسي. فقال: «نتنياهو أضاع علينا سنتين كاملتين من دون مسيرة سلام. أنت أوقفت السلام. أنت تسببت في مهانة الرئيس الأميركي وخذلت أهم أصدقائنا في الغرب. وإنك تبدد أحلام شبابنا وأهاليهم بأن تكون الحرب الأخيرة حربا أخيرة فعلا في حياتنا. أنت جعلت من الليكود اليميني الليبرالي حزبا يمينيا متطرفا ومتعصبا. في رقبتك عدد من القوانين العنصرية. عمليا أنت لم تتغير. ما زلت تتصرف بالطريقة نفسها التي تصرفت بها في الدورة السابقة. وأنا أسأل: «ما الذي يصيبك؟.. لماذا تكرر نفسك؟.. لماذا تعذيب الذات؟.. هل تفكر فيما سيكتبه التاريخ عنك؟.. اسمع مني. بقيت لديك سنتان في الحكم. امسك نفسك. تخلص من الأفكار التي تقودك نحو هذا الشلل. فاجئ العالم بمبادرة سلام حقيقية مقنعة تنهي صراعنا مع الفلسطينيين والسوريين».

واستهلت داليا إيتسيك، رئيسة الكتلة البرلمانية لكديما، كلمتها بملاحظة ساخرة قائلة: «أنا لا أفهم لماذا توجهون كلامكم للسيد نتنياهو. رئيس الحكومة الحقيقي هو أفيغدور ليبرمان. كل قرار يتخذه نتنياهو ولا يعجب ليبرمان، يلغى على الفور».

وفي ختام الجلسة صوت النواب على الثقة بسياسة الحكومة. وحظيت كما هو متوقع بالأكثرية. ولكن اتضح أن نتنياهو صوت مع المعارضة، ضد حكومته. وأثار الأمر الضحك والتعليقات الساخرة. فقال أحدهم: «للحظة ما استيقظ ضميره وصوت وعاد يخلد للنوم». وقال آخر إنه على طبيعته، «يقول شيئا ويضمر شيئا آخر». لكنّ مقربا منه قال: «نتنياهو يشفق على المعارضة يمنحها صوته حتى تبدو أقل ذلا ومهانة».