تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة في «موت سريري».. وباتت تنتظر تدخلا «إقليميا»

ميقاتي لن يعتذر عن التأليف.. وثوابته «حماية الطائف والمقاومة والعدالة»

TT

دخلت عملية تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة في حالة «موت سريري» بات يحتم تدخلا غير تقليدي لإعادة إحيائها بعد وصول كل المساعي التي يقوم بها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إلى حائط مسدود «لا بد من خرقه بتحرك محلي - إقليمي» يعيد إحياء عملية التأليف المجمدة، بما يؤدي إلى استبعاد ولادة سريعة للحكومة، ويرفع من منسوب التوقعات بتأجيل ولادتها إلى ما بعد الاحتفال الذي تقيمه قوى «14 آذار» في 14 مارس (آذار) المقبل في الذكرى الخامسة لانتفاضتها عام 2005. وبعد أن بات في حكم المؤكد، غياب قوى «14 آذار» مجتمعة عن حكومة ميقاتي الجديدة، بعد إعلان مصدر بارز فيها لـ«الشرق الأوسط» أن عدم تقديم ميقاتي لـ«أجوبة» حول تساؤلاتها في ما يخص المحكمة الدولية والسلاح يجعلها حكما خارج الحكومة المقبلة. وتنحصر العقد الآن في المطالب التي يرفعها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون والمعركة غير المعلنة بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، التي تعد فيها مطالبة عون بوزارة الداخلية «أمرا ثانويا» أمام ما قالت مصادر قريبة من الرئاسة اللبنانية أنه «محاولة إلغاء» للرئيس من اللعبة السياسية، مشيرة إلى أن الأخير يتمسك بدوره الدستوري الذي يمنع قيام حكومة غير ممهورة بتوقيعه.

وقالت مصادر مواكبة لعملية التأليف إن مطالب عون «مبالغ فيها»، مشيرة إلى أن الرئيس المكلف أبلغ عون أن ما يطلبه «كثير جدا ولا يمكن تنفيذه»، مشيرة إلى أن الوضع ينتظر الآن «تدخلا إقليميا ومحليا يقنع عون بخفض سقف مطالبه من الحكومة المقبلة لتسهيل ولادتها»، مشيرة إلى أن تدخل حلفاء الأخير وحده من شأنه إعادة الحرارة إلى عملية التأليف.

وأشارت المصادر إلى أن شكل الحكومة لم يحسم بعد من ناحية العدد وحصة القوى المشاركة، وأن «هوية الوزراء وحقائبهم لا تزال غير محسومة بدورها في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع».

في المقابل، أكدت أوساط الرئيس المكلف لـ«الشرق الأوسط» أن الاعتذار ليس واردا لديه، وأنه لا يزال يعتبر نفسه ضمن المهلة المعقولة والمقبولة لتأليف الحكومة، وأنه رغم رغبته في ولادة سريعة للحكومة، فإنه يفضل حكومة «تحل الأزمات لا حكومة مفخخة بالأزمات». وقالت الأوساط إن الرئيس المكلف لا يزال يواصل اتصالاته بكل الأطراف المعنية، مشيرة إلى أن دخول قوى «14 آذار» في الحكومة بات مستبعدا «لأن ما تطلبه للدخول غير قابل للتنفيذ». وكررت هذه الأوساط أن ميقاتي يعمل في سعيه إلى تأليف الحكومة من دون عقد ومن دون ممنوعات، إلا الثوابت التي أعلنها هي «حماية اتفاق الطائف، والعدالة، وحماية والمقاومة»، مشددة على أن الأخير «لم يقدم أية تعهدات في موضوع المحكمة الدولية التي هي شأن دولي، أما في لبنان فعلينا (تدوير الزوايا) للتعاطي مع نتائجها وتداعيات عملها على الوضع الداخلي».

وانتقد النائب عقاب صقر، عضو كتلة «لبنان أولا» التي يرأسها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ما سماه «هجمة عون المستمرة على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان»، معتبرا أن عون يسعى إلى الإطاحة بسليمان أو للإطاحة بدوره، قائلا: «عون لا يرى سوى نفسه رئيسا للجمهورية، لذا هو يسعى إلى تقويض موقع الرئاسة الأولى بعدما قُوضت رئاسة الحكومة».

وعن إصرار عون على تولي حقيبة الداخلية، استغرب صقر كيف يمكن إسناد وزارة الداخلية إلى طرف دافع عن عملاء مع إسرائيل (في إشارة إلى العميد المتقاعد فايز كرم المتهم بالتعامل مع إسرائيل). وبالتالي تصبح وزارة الداخلية على قاعدة «حاميها حراميها»، وتصبح كجائزة ترضية لكل عميل. ورأى صقر أن «ميقاتي يريد لحكومته أن تنجح، ولكنه يواجه الشروط التي تفرضها قوى 8 آذار. لذا، نوايا ميقاتي صادقة، إلا أنه أسير هذه المطالب، وبالتالي لن يستطيع تأليف حكومة وحدة وطنية».

وفي موقف لافت، حذر وزير الأشغال غازي العريضي المقرب من النائب وليد جنبلاط من «استمرار الوضع على ما هو عليه في لبنان ومن التأخر في تشكيل الحكومة، والتعاطي في الموضوع السياسي العام بانتظار ما يجري في المنطقة، وكأننا ننتظر الانفجار ولا نقوم بأي شيء، بل نسلم وكأننا ساحة من هذه الساحات التي سترتد عليها كل ارتدادات الساحات الأخرى التي تشهد التحركات التي نعيشها»، مشيرا إلى أن «تغيير ما حصل في لبنان في الأسابيع الأخيرة يتعامل معه البعض وكأنه التغيير الجذري والنهائي والحاسم، وكأننا أصبحنا أمام لبنان جديد، وهذا خطأ ووهم»، وأكد أن «الإصلاح والتغيير والتطوير ومعالجة الفساد كله لا يتم لا بالتهديد ولا بالوعيد ولا من خلال العنتريات على المنابر والخطابات، فهذا يتم من خلال الممارسة الحقيقية الفعلية على مستوى المؤسسات دون كيدية أو انتقام لحسابات سياسية معينة».