توقيف مغن باكستاني يوتر العلاقات مجددا مع الهند

التحقيق معه بسبب نقله أموالا أزعج سياسيين وأثار حفيظة صناع الفن من الجانبين

رهت فته علي خان
TT

تعرض المطرب الباكستاني، رهت فته علي خان، الذي يتمتع بشهرة كبيرة على مستوى شبه القارة الهندية، إلى الاحتجاز في مطار نيودلهي في الآونة الأخيرة، بشبهة حمله مبالغ ضخمة من نقد أجنبي من دون أن يكشف عن وجودها بحوزته. وتسبب الحادث في حالة توتر على صعيد صناعة «الحوالة» الهندية شديد التنظيم، إلى جانب إثارته خلافا دبلوماسيا بين الهند وباكستان. كما احتل الخبر العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام في البلدين.

وكان المطرب الذي يحظى بشعبية بالغة في أوساط عاشقي الموسيقى الهندية يحمل معه أكثر من 150000 دولار من دون أن يبلغ عن وجودها. ولا يزال التحقيق جاريا حول مصدر المال.

وتحت ضغوط سياسية شديدة من باكستان، أطلقت السلطات الهندية سراح المطرب بعد استجوابه طيلة 48 ساعة. وصادرت السلطات جواز سفره ومنعته من مغادرة البلاد حتى استكمال التحقيق. وتولى وزير الداخلية الباكستاني، رحمن مالك، شخصيا، متابعة الحادث والتدخل فيه.

وطبقا لقانوني الجمارك وإدارة الصرف الأجنبي، فإن أي هندي في نفس الموقف يمكن إلقاء القبض عليه، إلا أنه في ظل إصرار باكستان على تحويل هذه القضية إلى اختبار لمدى جدية الهند في رغبتها في إحياء الحوار معها، تمكن رهت علي خان وآخرون كانوا معه من الإفلات من مغبة ما فعلوه، بعد أن كبدتهم سلطات الجمارك الهندية، التي تولت التحقيق، غرامة قدرها 34000 دولار. كما صادرت السلطات الهندية عائدات المطرب من حفلات غنائية أقامها في الهند، إضافة إلى 124000 دولار نقدا وشيكات بقيمة 20000 دولار كان يحاول الخروج بها من الهند.

وذكرت مصادر أن رهت علي خان أخبر المحققين بأنه حمل مبالغ أقل من النقد الأجنبي في مرات سابقة، وأفلت من الحبس.

وبالنسبة لباكستان التي لا تزال تئن تحت وطأة تداعيات إلقاء القبض على دبلوماسي أميركي بتهمة القتل، فإن مثل هذه الحوادث التي تمس شخصيات عامة بارزة، قد تصيب مجتمعها بأكمله بحالة من الصدمة. وقد سلطت مسألة إلقاء القبض على المطرب الباكستاني، ثم إطلاق سراحه، الضوء مجددا على قضية التبادلات الثقافية بين البلدين، التي كانت دوما محط خلاف.

وعلى الرغم من أن رهت علي خان قد يتمكن من مغادرة الهند في نهاية الأمر، فإن احتجازه كشف النقاب عن مرارة دفينة سعت محاولات التفاهم بين الهند وباكستان الأخيرة لإخفائها. وقد أثار هذا الحادث غضب الباكستانيين على نحو خاص لأن نيودلهي اختارت التعامل بقسوة مع مطرب يعشقونه بشدة، على الرغم من إدراكها لذلك.

وعلى المستوى الإعلامي، تباينت الآراء تجاه رهت علي خان، بيد أنه حتى من ينتقدون المغني أبدوا اعتقادهم أن الهنود يبدون بوجه عام تحاملا ضد النجوم الباكستانيين. ولدعم حجتهم، يسوق هؤلاء الكثير من الأمثلة، مثل التحرش بلاعب الكريكيت صهيب مالك قبيل زواجه من نجمة التنس، سانيا ميرزا، وقضية الضريبة العقارية التي أقيمت ضد المطرب الباكستاني، عدنان سامي، المقيم في الهند، وقرر اتحاد الكريكيت الهندي استبعاد لاعبين باكستانيين من الدوري الهندي الممتاز.

واتخذ النقاش منحى «شوفينيا» حادا، مع تدخل وزير العدل الباكستاني بابار أوان، الذي قال: «عندما يسافر فنانون أمثال رهت فته علي خان الهند لجني المال، بدلا من استغلال موهبتهم في باكستان، فإن عليهم الاستعداد لفقدان احترامهم وكرامتهم».

وتفاقم الخلاف بعدما صعّدت جماعة هندية سياسية تنتمي إلى التيار اليميني من تحذيراتها ضد الفنانين الباكستانيين. وحذرت الجماعة الشركات من رعاية أي ممثلين أو مطربين باكستانيين. وقالت مجموعة «شيف سينا»، في بيان لها: «ألا نملك فنانين في الهند؟ لماذا نستورد إذن من باكستان؟ على الأقل أظهروا احتراما لأولئك الذين قتلوا في هجمات إرهابية»، في إشارة إلى عمليات وقعت في الهند وألقت السلطات الهندية بالمسؤولية عنها على الجانب الباكستاني.

وفي رد فعلها على هذه التصريحات المناهضة للباكستانيين، نصحت صناعة الأفلام الباكستانيةـ المعروفة باسم «لوليوود»ـ الممثلين بوقف زياراتهم المتكررة للهند، وتجنب المشاركة في أفلام هندية ومهرجانات تلفزيونية بها.

ومن جهته، قال المخرج سيد نور عن رهت فته علي خان إنه ينتمي لأسرة عريقة، وينبغي أن يضع ذلك نصب عينيه، وأعرب عن اعتقاده بأن السلطات الهندية عاقبته وأهانته لمجرد أنه باكستاني. وحذر من أن الهند تصدر ثقافتها لباكستان عبر الأفلام، وعلى السلطات اتخاذ إجراء حيال ذلك.

يذكر أن رهت المولود في مدينة فيصل آباد بإقليم البنجاب الباكستاني، عام 1974، اشتهر في بداية مشواره الفني بالإنشاد الديني، ثم بدأ بإقامة الحفلات المحلية، واشتهر في أول أغنية له بعنوان «قولي» وكانت على طريقة الإنشاد الصوفي الإسلامي. وبدأ الغناء في الأفلام الهندية عام 2004، وفي غضون ستة أعوام صارت له مكانة رفيعة في بوليوود.