وزير الدفاع الفرنسي يستبعد تدخلا عسكريا في ليبيا

باريس تريد بعثة أممية للتحقيق في جرائم حرب ولا تستبعد إحالة المسؤولين لمحاكمة دولية

TT

استبعدت باريس اللجوء إلى الخيار العسكري لوقف المجزرة التي ترتكبها القوات الليبية الموالية للعقيد معمر القذافي ضد الشعب الليبي. غير أنها أبقت على بعض الغموض في موقفها، مما يمكن أن يسمح لها لاحقا بتعديله وفقا لشكل التدخل العسكري والأطراف المشاركة فيه والجهة التي تطلبه. جاء ذلك ردا على ما قاله وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، الذي رأى أول من أمس أن فرنسا وإيطاليا هما البلدان المؤهلان لفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، الأمر الذي سيمنع القذافي من استخدام طائراته الحربية ومروحياته لقصف المدن التي خرجت عن سيطرته.

وقال آلان جوبيه، وزير الدفاع الفرنسي، أمس، في مقابلة إذاعية، إن «التدخل العسكري غير مطروح، لكن تشديد العقوبات التي يمكن أن تتخذ من كل نوع خصوصا بشأن المجال الجوي الليبي جدير بأن يدرس». وأردف جوبيه، في انتقاد مقنع لنظيره الأميركي، قائلا «يطلب من فرنسا كل شيء في المتوسط. لنحاول العمل معا».

وقالت أوساط فرنسية رسمية إن القرار الذي يمكن أن يتخذ على هذا الصعيد «مرهون بتطور الأحداث ميدانيا». وتميز هذه الأوساط بين عملية عسكرية ضد القذافي وما بقي من قواته، وإقامة منطقة حظر جوي غرضها حماية السكان.

وأشار جوبيه إلى هذه النقطة بنفسه عندما اعتبر أن «من واجب الأسرة الدولية التدخل» عندما تعجز السلطات عن حماية مواطنيها أو عندما تعتدي عليهم. وسبق لباريس أن كانت في أساس الدعوة لإقامة منطقة حظر جوي شمال العراق لحماية الأكراد من طيران الرئيس الأسبق صدام حسين، ثم في الجنوب لحماية الشيعة وذلك بعد حرب العراق الأولى لإخراج القوات العراقية من الكويت.

ويمتلك الجيش الليبي أسلحة فرنسة، منها طائرات «ميراج 1» التي تولى تحديثها فنيون فرنسيون بعد تطبيع العلاقات بين باريس وطرابلس، كما أنها تملك صواريخ وأجهزة اتصال فرنسية. وكانت فرنسا تسعى لبيعها 14 طائرة من طراز «رافال» متقدمة. غير أن الصفقة لم تتم، وعمدت ليبيا لشراء طائرات حربية من طراز «سوخوي 35» و«ميغ 29» من روسيا.

وأعرب جوبيه عن أمله في أن يكون القذافي «يعيش آخر أيامه كرئيس» للدولة الليبية، محذرا إياه من ملاحقته أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وبينما دافع جوبيه عن الدبلوماسية الفرنسية المتهمة بالتأخر في الرد على التطورات الجارية على ضفة المتوسط الجنوبية، عادت الصحافة لتنبش العلاقات التي تربط بين وزير شؤون العلاقات مع البرلمان باتريك أوليه، الذي هو رفيق درب وزيرة الخارجية ميشال أليو ماري، والسلطات الليبية. وكان أوليه يرأس مجموعة الصداقة الفرنسية - الليبية في البرلمان. فضلا عن ذلك، تستمر الصحافة في التنديد بالعلاقات التي أقامتها باريس مع ليبيا، وبزيارة القذافي إلى باريس، وبفرش السجاد الأحمر تحت قدميه.

وأمس، أفادت وزيرة الخارجية بأن اجتماعا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيعقد اليوم في جنيف بناء على طلب فرنسا وجهات أخرى. وقدمت باريس مسودة قرار يعتبر أن ما قامت به السلطات الليبية من أعمال عنف وقمع يمكن أن يشكل «جرائم ضد الإنسانية». ويدعو القرار إلى تعليق عضوية ليبيا في المجلس المذكور الذي تحثه فرنسا على دراسة التدابير التي يمكن اتخاذها ضد ليبيا، بما في ذلك نقل الملف إلى العدالة الدولية. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو، إن باريس تريد إرسال بعثة تحقيق مستقلة، محايدة وذات مصداقية، إلى ليبيا للنظر في الجرائم التي ارتكبت هناك خصوصا الجرائم ضد الإنسانية، على أن تكون البعثة تحت إشراف الأمم المتحدة. ولا تستبعد باريس التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية للنظر في هذه الجرائم.

على صعيد آخر، طلبت فرنسا من الاتحاد الأوروبي الإسراع في اتخاذ عقوبات ملموسة ضد المسؤولين والضالعين في أعمال القمع والعنف في ليبيا في الوقت الحاضر. وتعمل لجان الخبراء داخل المفوضية الأوروبية على تحديد طبيعة العقوبات والأشخاص الذين يمكن أن تطالهم.

وكان وزير الدفاع قد أشار صباح أمس إلى أن عقوبات مالية وتجارية وسياسية ضد ليبيا هي قيد الدرس في الوقت الحاضر، معبرا عن دعمه الشخصي لوقف شراء النفط الليبي في حال طرح هذا التدبير على طاولة البحث.