موسى كوسا لـ«الشرق الأوسط»: لم أستقل.. والإعلام ينقل أكاذيب كثيرة

دبلوماسي ليبي: 70% من السفراء استقالوا أو في طريقهم إلى ذلك

فرقاطة بريطانية لدى وصولها إلى ميناء بنغازي أمس لإجلاء المواطنين البريطانيين (رويترز)
TT

قالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن حمى الاستقالات الجماعية ضربت مختلف مؤسسات الدولة الليبية، احتجاجا على استخدام العنف لقمع المتظاهرين المناوئين للقذافي.

وكشفت المصادر النقاب عن أن القذافي بعد نحو أسبوع من المظاهرات العارمة التي تشهدها البلاد، بدأ فعليا يفقد الولاء التقليدي له بين كبار المسؤولين الحكوميين، إلا أنه ما زال يتمتع بولاء شديد من مسؤولي أجهزة الاستخبارات والخارجية، وحركة اللجان الثورية.

وقال دبلوماسي غربي في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» عبر هاتف متصل بالأقمار الصناعية، إنه علم من مصادر ليبية رسمية أن البغدادي المحمودي، رئيس الحكومة الليبية، رفض المشاركة في المؤتمر الصحافي الذي عقد مساء أول من أمس بمقر القناة الفضائية الليبية في طرابلس، وضم عددا من المسؤولين الليبيين على رأسهم محمد الزوي، أمين مؤتمر الشعب العام (رئيس البرلمان) لتبني وجهة النظر الرسمية الليبية حيال ما يجري. وأضاف: «ربما يكون قد استقال، لا أحد يعلم، لكن المحمودي أبلغ مقربين من القذافي استياءه من الطريقة التي تتعامل بها الدولة الليبية مع المظاهرات التي تشهدها مختلف المدن الليبية منذ الأسبوع الماضي».

ولم يظهر المحمودي علنا منذ اندلاع هذه التطورات كما لم يدل بأي تصريحات لوسائل الإعلام الرسمية، كما خلا الموقع الرسمي للحكومة الليبية على شبكة الإنترنت من أي نشاطات خلال الأيام القليلة الماضية، مما يعزز احتمال استقالته. وكان محمد عمر بعيو، الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية والمعروف في السابق بولائه للقذافي ونظامه الجماهيري، قد استقال من منصبه مع بداية ثورة الغضب. وأعرب مسؤول ليبي سابق عن اعتقاده أن تخوف كبار المسؤولين الحكوميين وأعضاء الحكومة من تعرضهم شخصيا، أو تعرض أسرهم وعائلاتهم لانتقام نظام القذافي يحول دون مبادرتهم بالاستقالة، مشيرا إلى أن القذافي عزز الإجراءات الأمنية في طرابلس بشكل مكثف للغاية، وعلى نحو يستحيل منه هروب أي من كبار مساعديه أو أعضاء الحكومة.

وبعد استقالة مصطفى عبد الجليل، وزير العدل، وإعلان اللواء ركن عبد الفتاح يونس العبيدي، وزير الداخلية، انحيازه للثورة، ودعوته للجيش باتخاذ موقف مماثل والكف عن استهداف المدنيين، بدا أن الولاء التقليدي الذي كان يحظى به القذافي من أعضاء بارزين في الحكومة قد بدأ يتلاشى. لكن القذافي في المقابل ما زال يتمتع بتأييد رئيس جهاز المخابرات الليبية أبو زيد عمر دوردة، بالإضافة إلى وزير الخارجية موسى كوسا، الذي عمل في السابق أيضا رئيسا لنفس الجهاز. وقال وزير الخارجية الليبي موسى كوسا في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «أنا في موقعي ولم أغادره أو أستقل»، مضيفا أن الإعلام ينقل أكاذيب كثيرة.

واعتبر كوسا أن إشاعات الانقسام في النظام تهدف إلى تدمير المعنويات، ودعا الليبيين لعدم الانصياع وراء الأكاذيب، خاصة أن مسألة درنة والبيضا واضحة وهو ما يدعونا للحوار مع الشعب الليبي للتوضيح، لأنهم في مرمى الهدف، أي إقامة إمارات إسلامية. وحذر كوسا من هذه الظاهرة الموجودة في درنة، خاصة في داخل الجبال، حيث توجد عناصر متطرفة سبق وأن شاركت في حروب بأفغانستان والعراق وبعد عودتهم تحصنوا في هذه المناطق وسوف ندعو عددا من السفراء والصحافيين الغربيين لزيارة هذه المنطقة وسنعطي لهم الأدلة والمعلومات الصحيحة، وهي أن القاعدة موجودة في هذه المنطقة الصعبة، وهو ما تسبب في الانفلات الأمني ببعض المناطق في الجماهيرية.

وشدد على أن ليبيا صامدة وقادرة على التعامل مع كل هذه المؤامرات. وقال: «ما يحزننا هو أننا شاهدنا من كانوا يدعون أنهم أصدقاؤنا. اليوم نحن نعرف من معنا ومن ليس معنا».

من جانبهم، قال دبلوماسيون ليبيون لـ«الشرق الأوسط»: «إن نظام القذافي فقد احترامه لدى غالبية أعضاء البعثات الدبلوماسية الليبية في العالم بعدما تصاعدت حمى الاستقالة من العمل في وزارة الخارجية الليبية بسبب القمع العنيف الذي تمارسه السلطات هناك ضد ثورة الغضب الشعبية».

وأبلغ سفير ليبي في إحدى العواصم العربية «الشرق الأوسط» بأنه يكاد يجزم بأن كل سفراء ليبيا في الخارج باتوا في طريقهم إلى اتخاذ خطوة مماثلة للابتعاد عن هذا النظام الفاسد والدموي، على حد تعبيره. وأضاف: «تأتيني اتصالات من زملاء وسفراء ليبيين في الخارج، كلهم يستعدون للاستقالة، لكنهم يخشون على بقية أسرهم الموجودة في العاصمة طرابلس».

وتابع: «أنا كتبت استقالتي، لكني لن أعلنها حتى أتأكد أن عائلتي خرجت من هناك، النظام الراهن لن يتوانى عن قتلهم انتقاما مني». وقال سفير آخر إن نحو 70 في المائة من سفراء ليبيا في الخارج تقاعدوا بمحض إرادتهم، وتقدموا باستقالاتهم إلى وزير الخارجية.

من جهته، أعلن سعد حسن بكار العبيدي، المستشار بالسفارة الليبية لدى ناميبيا انشقاقه على نظام القذافي، وأعلن انحيازه للثورة الشعبية في ليبيا. وقال بكار، الذي اتصل أمس هاتفيا بـ«الشرق الأوسط» إنه ترك منصبه بسبب ما وصفه بحرب الإبادة التي يشنها القذافي ضد مواطنيه، داعيا مختلف المنظمات العربية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى التدخل لضمان خروجه من ناميبيا بشكل سالم. وأضاف: «لدي أربعة أطفال منهم طفل معاق ومريض، هناك كلاب في جنوب أفريقيا تابعة للنظام، أخشى أن يعترضوا طريقهم وأخشى على أسرتي من بقية أعضاء السفارة». وتابع باكيا: «أريد حماية. معي أطفال قصر في مدينة ويندهوك، أخشى أن يعترضوا طريقي. أناشدكم الحماية. ليست روحي أغلى من أبناء وطني».