عائلة تونسية تروي تفاصيل الوضع الأمني في بنغازي: الخوف من عودة رجال القذافي

الأجهزة الأمنية تحرق جثث الموتى حتى لا تترك آثار المجزرة.. وبوابة العبور مع تونس تشهد قدوم الآلاف يوميا

أفريقيون مشتبه في كونهم مرتزقة ينتظرون في السجن محاكمتهم في مدينة بنغازي أمس (أ.ب)
TT

قالت أم الزين بن عمارة (تونسية لا تزال موجودة في بنغازي الليبية) إن الوضع في المدينة هادئ بعض الشيء، وإن مظاهرات احتفالية بتحرير المدينة متواصلة منذ أيام. وقالت إن الخوف الآن لا يزال موجودا بين الليبيين خاصة أن الشعب كله مسلح.

وأضافت في مكالمة هاتفية مع «الشرق الأوسط» أن عائلتها ستغادر اليوم مدينة بنغازي في اتجاه تونس عبر الباخرة التي خصصتها الشركة التونسية للملاحة للتونسيين المقيمين هناك. وتابعت أم الزين أن تونسيين قد قضوا خلال أيام الثورة، وأن مئات الليبيين قضوا كذلك. وذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن 17 مسجونا من بينهم أحد التونسيين قد تم ترحيلهم إلى مدينة سبها التي تبعد 1050 كم عن العاصمة طرابلس، وقد مات منهم اثنان في الطريق، وبقي 15 مسجونا من بينهم السجين التونسي في سبها بلا ماء ولا طعام.

أم الزين قالت أيضا إن قوات الأمن قد شوهدت في أكثر من موقع في المدينة وهي تحرق جثث الموتى حتى لا تترك قرائن على المجزر المرتكبة بحق المدنيين. وأضافت أن الصراع بين القذافي والشعب الليبي سيتواصل لفترة طويلة باعتبار تصميم كل طرف على الإطاحة بالآخر وعدم استعداده للحوار أو التنازل ولو قليلا عن موقفه. وقالت عربية بن عمارة «لا شيء يطمئن بانفراج الوضع في ليبيا، ولا وجه للمقارنة بين ما حصل في بنغازي والأنباء عما يحصل في مدن الغرب الليبي، فالجميع هناك في بنغازي غير مصدقين لما حصل، لكن إمكانية ارتداد النظام ممكنة خلال الفترة القادمة، وهذا ما يقض مضجع أهالي بنغازي. وتابعت ربما «يعينهم السلاح الموزع على الشعب على الدفاع عن أنفسهم».

ومن جهة أخرى، استقبلت بوابة العبور بين تونس وليبيا نحو ثلاثة آلاف مصري قدموا على رأس جدير خلال يوم 24 فبراير (شباط) الحالي، فقط وفق مصادر من وزارة النقل التونسية. كما قدم إلى تونس ما لا يقل عن 15 ألف تونسي بداية من يوم 20 فبراير الحالي، وذلك من بين قرابة 87 ألف تونسي يشتغلون في ليبيا. هؤلاء حملوا معهم روايات كثيرة حول ما سموه «جحيم ليبيا» وهم يتوافدون في اتجاه النقطة الحدودية رأس جدير الرابطة بين تونس وليبيا.

الإجماع كبير على هول الكارثة وضخامة المآسي والضحايا في حرب تبدو غير متوازنة، بين نظام مدجج بالسلاح ومواطنين عزل يطالبون بحقهم في واقع أفضل. في رأس جدير قال المعارض عمر محمد علي العصادي، الذي وجد مئات الإعلاميين في انتظاره بمجرد دخول التراب التونسي، إن «الوضع في ليبيا ككل مأساوي للغاية، فمن لم يمت بسلاح الأمن والميليشيات مات من قلة الأدوية. أنا جئت إلى تونس طلبا للمعونة الطبية، وقد دعوت القبائل الليبية القريبة من حدود البلدين إلى التوجه إلى النقاط الحدودية وتسلم الأدوية ومختلف المساعدات التي قدمتها تونس لأشقائها في ليبيا».

وقال بخيت رمضان (مصري من سوهاج) إن وصوله إلى الحدود التونسية الليبية يعتبر من قبيل المعجزات التي لا تحصل إلا نادرا. وأضاف أن «عمليات التفتيش قاسية، وكل العابرين تفتك منهم شرائح الهواتف النقالة خشية أن تكون بها تسجيلات عما يقع هناك. إنهم يريدونها مذبحة دون تسجيل شهادات تذكر».

وقال محمد الهادي (من ولاية الكاف بالشمال الغربي التونسي)، وقد وصل لتوه من مدينة الزاوية، إن «الوضع هناك لا يطاق، فالمستشفيات لم تعد قادرة على استقبال الجثث، وروائح الموت تفوح من كل جانب من المدينة». وأبدت منظمات حقوقية تونسية تخوفها حول مصير قرابة ألف سجين في السجون الليبية، من بينهم 25 محكوما ضدهم بالإعدام، في حين وجهت تهم أخرى على غرار الهجرة السرية وقضايا حق عام. وتخشى تلك المنظمات من أن يكون مصيرهم مثل مصير المساجين التونسيين خلال ثورة 14 يناير (كانون الثاني).

وذكرت مصادر من السفارة المصرية لدى تونس أنها أوفدت مسؤولين إلى رأس جدير والذهيبة لاستقبال المصريين الوافدين على تونس من ليبيا. وبالنظر إلى تنامي أخبار عن آلاف العالقين التونسيين في نقطة العبور بطبرق بين مصر وليبيا، برمجت «الخطوط التونسية» أمس رحلة استثنائية للقاهرة لإجلاء التونسيين الذين غادروا ليبيا عبر الحدود المصرية. وأفادت مصادر من شركة «الخطوط التونسية» بأن سفارة تونس بطرابلس قد أرسلت حافلات إلى مصراتة (200 كم شرق طرابلس) لتأمين عودة التونسيين العالقين بهذه المدينة إلى طرابلس، على أن تتولى «الخطوط التونسية» بعد ذلك تأمين عودتهم إلى تونس.

ومن المنتظر أن «الخطوط التونسية» ستواصل إجلاء التونسيين من مطار طرابلس عبر رحلتيها المنتظمتين. وتقدر طاقة استيعاب الطائرة الأولى بـ160 مسافرا، أما الطائرة الثانية فطاقة استيعابها 266 مسافرا، وتؤكد الشركة استعدادها لبرمجة رحلات إضافية عند الحاجة. وتجري شركة «الخطوط التونسية» حاليا مفاوضات مع قنصليتي ماليزيا والصين لدى تونس لإبرام عقود خاصة بتوفير طائرة لنقل الجالية الماليزية و10 طائرات لنقل الجالية الصينية من ليبيا.