الصحافيون يتوجسون داخل ليبيا ومخاوف من استخدامهم كدروع بشرية

استقبلوا بحفاوة من قبل المناوئين للحكومة

TT

على الرغم من التهديدات التي أطلقها العقيد معمر القذافي بشأن دخول الصحافيين إلى بلاده، فإن عددا من الصحافيين وجدوا طريقهم إلى هناك وقدموا تقارير من أحد أقل الأماكن ترحيبا بالمؤسسات الإخبارية في العالم. تحدث الصحافيين الأجانب، الذين وصلوا خلال الأيام القليلة الماضية إلى شرق ليبيا قادمين من مصر، عن استقبالهم كالمحررين من قبل القوات المناوئة للحكومة هناك. بينما يقول المديرون التنفيذيون في المؤسسات الإخبارية التابع لها هؤلاء الصحافيون إنهم كونوا تقييما ساعة بساعة حول الأماكن الأكثر أمنا بالنسبة لصحافييهم وكم التفاصيل التي يمكنهم الكشف لمتابعيهم حول أماكن تواجدهم. كان المسؤولون الليبيون قد منعوا الصحافيين الأجانب من دخول البلاد وأشاروا إلى الدبلوماسيين الأميركيين بأنهم سيعتبرون من يدخلون عبر شرق ليبيا متعاونون مع «القاعدة». لكن المسؤولين صرحوا يوم الخميس بأنهم سيدعون مجموعات من الصحافيين للقيام بجولة في طرابلس لمواجهة المزاعم التي يروجها شهود عن انتشار العنف هناك. لكن الأنباء بشأن تفاصيل الزيارة لم تتضح بعد، في الوقت الذي تبدي فيه المؤسسات الإخبارية الغربية تشككا تجاه قبول الدعوة. من ناحية أخرى، لا تزال الأوضاع في طرابلس، الخاضعة لسيطرة القذافي، موضع تعتيم إعلامي متواصل، وهو ما جعل وسائل الإعلام الإخبارية تعتمد بشكل مكثف منذ اندلاع الثورة الأسبوع الماضي على شهود العيان عبر الهواتف أو مقاطع الفيديو التي ينشرها هواة على الإنترنت. في الوقت الراهن، لا تزال الروايات والصور تتوارد من شرق البلاد الخاضع في الوقت الراهن لسيطرة القوات المناوئة للحكومة من قبل المراسلين الأجانب الذين وصل العديد منهم قادمين من القاهرة بعد تغطيتهم للثورة هناك. وقد أعلنت هيزر آلان، رئيس فريق جمع الأخبار بقناة «الجزيرة» الصادرة باللغة الإنجليزية، يوم الخميس، أنها تتوقع وصول المزيد من الصحافيين إلى بنغازي بحلول نهاية الأسبوع، حيث يسافر الصحافيون في مجموعات صغيرة لأسباب أمنية. وقالت آلان: «نحن نميل إلى القيام بذلك، عندما تتوافر الأجواء المناسبة». التحرك باتجاه الغرب من بنغازي ربما يكون مثيرا للمشكلات، والسبب في ذلك بحسب ريتشارد ستنغل، المدير الإداري لمجلة «تايم» يوم الخميس أن «أهم المدن الليبية الواقعة على الطريق إلى العاصمة طرابلس، مدينة سرت مسقط رأس القذافي، وهي المكان الذي يتوقع أن يكون محصنا للغاية». وأضاف ستنغل، مشيرا إلى أن فريقه في نيويورك طلبوا من الصحافيين في ليبيا عدم المجازفة ما لم يكن ذلك ضروريا، وقال «إنها خطرة وغير مأمونة، فخلال المظاهرات التي شهدتها البحرين ومصر تم اعتقال عدد من الصحافيين من قبل قوات الأمن هناك». وكان صحافيون أجانب قد تجمعوا أيضا في تونس على الحدود مع ليبيا، لكن القوات الموالية للحكومة لا تزال مسيطرة هناك مانعة دخول البلاد من هذا الاتجاه. وقال ستيوارت سيدل، نائب مدير تحرير أخبار الراديو العام الوطني الأميركي: «إنها دولة تتكسر فيها الأعراف التقليدية، فقد قالوا بصورة مباشرة إنهم لا يرغبون في تواجد صحافيين غربيين على أراضيها. وهذا هو أكثر ما يخيفني». كما صرح ديفيد فيردي، نائب رئيس شبكة «إن بي سي» الإخبارية، بأن «الشبكة كانت من بين الشبكات الإخبارية التي وجه إليها ابن العقيد القذافي دعوة لزيارة العاصمة طرابلس وأن الشبكة تدرس النتائج المحتملة للسفر إلى العاصمة بدعوة من حكومة يتوقع أن تسقط في أي لحظة». وأشار إلى أن أحد المخاطر التي تدرسها الشبكة إمكانية استخدام صحافييها كدروع بشرية من قبل الحكومة. من ناحية أخرى، قال مسؤولون في وزارة الخارجية الليبية إن قنوات «سي إن إن» و«بي بي سي» العربية و«العربية» سيسمح لها بدخول البلاد لتغطية الموقف الحالي، لكن توني مادوكس، نائب الرئيس التنفيذي لشبكة «سي إن إن إنترناشيونال»، أبدى دهشته حيال ذلك قائلا: «كان ذلك مفاجأة لنا». أما دوغلاس هال، محرر الشؤون الخارجية بصحيفة الـ«واشنطن بوست»، فقال في رسالة بريد إلكتروني: «ما زلنا نأمل أن تقوم الحكومة الليبية بمنحنا تأشيرات لمراسلينا للسفر إلى العاصمة، وأن تلتزم أمن الصحافيين داخل البلاد». حتى ذلك الوقت كان أمام المؤسسات الإخبارية خياران، أحدهما القيام بما قام به جيمس بايز، مراسل «الجزيرة» يوم الأربعاء عندما استقل الطائرة إلى طرابلس وأجرى معاينة للمطار فيها ثم غادر على الفور. أما الخيار الآخر، فكان الحديث إلى شهود عيان في طرابلس تحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم. وقد استضاف مذيع «سي إن إن» أندرسون كوبر سيدة ليلة الأربعاء والتي قالت إن إرسال صور عبر الإنترنت أصبح «بالغ الخطورة».

* خدمة «نيويورك تايمز» وعندما سألها كوبر: «لماذا تواصلين تقديم التقارير؟» أجابته: «أنا أفضل أن أموت وأنا أقوم بذلك عوضا عن الوقوف ساكنة أمام ما يجري، حتى يوقف القذافي هذه الحرب. إنه يقف بمفرده أمام العالم».