لبنان: «14 آذار» تعود لشعار «سحب السلاح» بعد «مغامرة فاشلة»

مصادر الحريري لـ«الشرق الأوسط»: لن نعلق على كلام جنبلاط وفاء لجمهوره

TT

تقف قوى «14 آذار» قبيل مهرجانها المتوقع منتصف الشهر المقبل، أمام استحقاق الانتقال إلى المعارضة، طاوية صفحة من 5 سنوات شاركت فيها في السلطة، وفقا لقواعد وأسس تبين لها بعد انهيار مساعي التسوية السعودية – السورية، أنها «غير قابلة للحياة» لأنها تفتقد إلى ما تسميه أوساطها مبدأ «القبول المتبادل بالشراكة».

وتبدو قوى الأكثرية السابقة والمعارضة الحالية شديدة الحرص على عدم الذهاب بعيدا في المواجهة مع النائب وليد جنبلاط، رغم أن انتقاله منها أفقدها الأكثرية وقلب موازينها لصالح «8 آذار» لأول مرة منذ عام 2005. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن المواقف الأخيرة لجنبلاط، قالت مصادر الحريري لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري لن ينسى لجنبلاط ولجمهوره، الوقفة التي وقفوها بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري في عام 2005، والتي كانت تأسيسية في حركة «14 آذار»، مؤكدة أن جنبلاط لم ولن يتهم يوما بالغدر من منزل رفيق الحريري. وقالت المصادر: لسنا بوارد أي إساءة إلى جمهور وليد جنبلاط الذي تربطنا به علاقات وفاء متبادل، وبالتالي فلن نعلق على ما قاله.

أما فيما يتعلق بقوى «14 آذار» فهي تتجه إلى إعلان «وقف الاتصالات» مع رئيس الحكومة المكلف والانتقال رسميا إلى المعارضة. وقالت مصادر قيادية في قوى «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» إنها دخلت في عام 2005 في صفقة مع الفريق الآخر تتضمن غض الطرف عن السلاح مؤقتا، مقابل الاستعداد للمشاركة في بناء الدولة والبحث عن كيفية الاستيعاب التدريجي له، وضمان عدم تحوله إلى أداة ضغط لفريق على آخر. لكن المصادر تشير في المقابل إلى أن هذا الفريق، عمد مرتين إلى استخدام السلاح، مرة بشكل معلن في عام 2008 عندما نزل إلى الشارع علنا لفرض وجهة نظر الفريق الذي يحمله، وهو ما حصل في اتفاق الدوحة الذي تضمن بندا يحرم اللجوء إليه، كما يحرم إسقاط الحكومة، لكن الأمرين حصلا، فجرى إسقاط حكومة الرئيس الحريري، ثم تم تحويل الأغلبية النيابية من مكان إلى آخر تحت وطأة التهديد غير المعلن للسلاح.

وقالت الأوساط إن الحريري اعترف في خطابه الأخير في 14 فبراير (شباط) بأن ما قامت به قوى «14 آذار» خلال هذه السنوات كان «مغامرة فاشلة» بعدما تبين أن الفريق الآخر لا يريد بناء الدولة، بل الانقضاض عليها. ولا يريد إبعاد السلاح، بل يزداد تمسكا به كوسيلة للفائدة السياسية. وأن خير دليل على ما حصل هو إفشال المساعي السعودية – السورية التي كانت تتضمن مؤتمر «مصالحة ومسامحة» في الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين تكون نتيجته طي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة في الحياة اللبنانية على قاعدة المصافحة للمصالحة والمسامحة بين الجميع من دون استثناء، فلا يعود ثمة خلاف بين فريق وآخر.

إزاء هذا الواقع كان ثمة أكثر من رأي داخل «14 آذار» حيال عملية المشاركة في الحكومة، الأول الذي يمثله الرئيس الحريري والذي لا «يتهيب» كثيرا الخروج من السلطة باعتبار أن لدى هذا الفريق قوته الشعبية في الشارع السني التي تجعله رقما لا يستطيع ميقاتي أو أي رئيس حكومة آخر أن يتجاهل رأيه في الإدارة وغيرها، وهذا الفريق لم ير فائدة من الدخول في حكومة هو يعتبر أنها أتت بناء على انقلاب غير دستوري جراء نقل الأكثرية البرلمانية من مكان إلى آخر لم يكن هذا المكان هو من صوت الناخبون لنوابهم على الذهاب إليه، في إشارة إلى النواب الذين انتخبوا بأصوات الأكثرية في الجبل وبيروت والشوف وطرابلس، ولم ير مصلحة في إعطاء الانقلاب شرعيته.

وتؤكد المصادر القيادية في «14 آذار» أن الرأيين لم يكونا خلافا، لأنهما معا كانا يعملان تحت سقف «الثلث المعطل»، مشيرة إلى أن أصحاب الرأيين ما كانا ليقبلا بدخول الحكومة إلا بعد إجابة الرئيس المكلف عن الأسئلة التي وجهت إليه من قبل «14 آذار» حول رؤيته للتعامل مع قضايا السلاح والمحكمة الدولية، مشيرة إلى أن الخطوة الثانية في حال أتى جواب ميقاتي مقبولا هو طلب «الضمانة» المتمثلة بالثلث زائد واحد داخل حكومته بما يسمح لهذه القوى بالمشاركة الفاعلة في الحكم لا مجرد «ديكور» لما يراد له أن يرى كحكومة وحدة وطنية.

أما وقد بات في حكم المؤكد أن ميقاتي لن يعطي جوابا إيجابيا بشأن الأسئلة الموجهة إليه، انطلاقا من قفزه فوقها عبر طرح أسئلة حول عدد الوزراء المقبولين من قبلهم للمشاركة، أو عبر إمكانية المشاركة بثلث معطل مضمر، فإن قوى «14 آذار» تتجه إلى إعلان غلق باب الحوار والانتقال إلى المعارضة التي سيكون على رأس عناوينها موضوع السلاح وضرورة سحبه من الحياة السياسية، بغض النظر عن الموقف من السلاح المقاوم لإسرائيل، مشيرة إلى أن «14 آذار» لن تهدأ ولن تكل عن طرح موضوع السلاح «حتى يقتنع من يحمله بضرره على الوحدة الوطنية».