مظاهرة «الغضب» في أربيل تتحول كرنفالا ومناسبة لتجديد التأييد لبارزاني

مواطنون لــ«الشرق الأوسط»: جددنا البيعة له وننتظر منه تحسين أحوالنا

أكراد يتظاهرون تأييدا لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

تحولت مظاهرة «الغضب» التي كانت متوقعة في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، أمس إلى كرنفال للفرح وتجديد التأييد لرئيس الإقليم وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني. وكان المواطنون يضعون أيديهم على قلوبهم بانتظار المفاجآت بعد انتهاء صلاة الجمعة وهو موعد خروج الجماهير إلى الشوارع، خصوصا بعد انتشار إشاعات مبكرة سبقت خروج المظاهرات بقيام متظاهرين بإحراق مبنى محافظة أربيل، ولكن محافظ المدينة نوزاد هادي الذي صعد قلعة أربيل التاريخية قبل انطلاق المظاهرة في الساعة الثانية ظهرا ليطل على حديقة المدينة التي كانت مقرا لتجمع المتظاهرين، نفى تلك الإشاعات وقال لـ«الشرق الأوسط» وبدا عليه الهدوء التام «لقد جئت من المحافظة للتو لأراقب المظاهرة الموعودة، وها أنتم ترون أنه ليس هناك أي شيء غير عادي، ولا وجود لأية إشارة على قيام المظاهرات الاحتجاجية». وحول ما إذا كانت هناك جهات محددة تقدمت بطلب رسمي للتظاهر قال محافظ أربيل: «لم نتلق لحد الآن أي طلب للتظاهر، وفي حال حصوله فإننا سنتعامل معه في إطار القانون».

ومرت ساعة من الترقب والقلق على موعد المظاهرة التي حدد لها الثانية بعد ظهر الجمعة دون حدوث أية تحركات غير عادية، ثم بدأ عشرات الآلاف من المواطنين يتقاطرون على شارع القلعة للتجمع، وبدأ صدى الهتافات يتردد وهي تهتف بحياة الزعيم الكردي مسعود بارزاني، فتحولت المظاهرة من مظاهرة يوم الغضب إلى كرنفال فرح تأييدا لبارزاني. وعقد الشباب عدة حلقات للرقص والدبكة الكردية فيما تقاطرت في حدود الساعة الرابعة عصرا آلاف السيارات على شوارع المدينة وهي تحمل أعلاما لكردستان ولحزب بارزاني وتطلق أبواقها تعبيرا عن التأييد لقيادة بارزاني.

وفي مقهى مجكو التراثي القديم الذي هو مقر للكتاب والأدباء والفنانين الأكراد منذ عشرات السنين تحدثت «الشرق الأوسط» إلى العم بايز خليل الذي كان يرتشف القهوة على وقع أنغام الدبكة الكردية في الشارع فقال: «اليوم جددنا البيعة للرئيس بارزاني، وحان الوقت للرئيس أن يلتفت إلى مطالب الجماهير وأن يعمل بكل طاقاته من أجل محاربة الفساد وتحسين أحوال الناس». ويقول الشاب بهروز عبد الكريم: «لن نخرب مدينتنا وبلدنا مثل الآخرين، ولن ننخدع بشعارات التغيير التي نسمعها هنا وهناك، فلن نحفر قبورنا بأيدينا، وما ترونه اليوم من عواطف جياشة من الشباب هو دليل على حبنا وتقديرنا لقيادة الرئيس بارزاني، وسنبقى أوفياء له ولن نغيره مهما كانت الظروف، ونحن على ثقة بأن حكمته ستدفعه إلى التقدم بالعديد من المبادرات لتحسين أحوالنا ونحن بانتظار عودته لقيادة المرحلة المقبلة».

إلى ذلك، وجه برهم صالح رئيس حكومة إقليم كردستان، رسالة إلى المواطنين يدعو فيها إلى التهدئة متعهدا بالشروع الفوري في حملة إصلاحات سياسية على مستوى الإقليم. وأكد صالح الشروع بتلبية مطالب المتظاهرين في مواجهة الفساد وتحسين مستويات المعيشة وتنفيذ التزامات حكومته فيما يتعلق بمطالب سحب جميع القوات المتحركة وإطلاق سراح أي معتقل خارج إطار قرار المحكمة، «واعتبار حماية المقرات والأرواح والممتلكات العامة والخاصة من مهامنا الرئيسية ونلتزم بتحقيقها». وقال: «فيما يتعلق بالإصلاحات فقد خطونا في العام الماضي خطوات جادة في هذا الإطار إلا أن المواطنين ينتظرون المزيد من الإصلاحات، ونحن نؤكد أننا سنكثف جهودنا في مواجهة الفساد وذلك عن طريق تفعيل الادعاء العام ودعم مؤسسة الرقابة المالية في عموم الإقليم والمزيد من الشفافية في القطاع المالي، وكذلك تفعيل دور البرلمان في مراقبة النفقات العامة ومؤسسات الحكم». وأضاف: «سنعمل على إبعاد نفوذ الحزب من المفاصل الإدارية والشؤون الإدارية والأسواق واسترجاع أملاك الحكومة من الأحزاب».

وتعهد رئيس الحكومة بوضع مشروع كامل للإصلاحات السياسية. وقال: «نريد إعداد مشروع للإصلاح الشامل يشمل جميع القطاعات خلال شهر، وذلك بالتشاور مع برلمان كردستان وجميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بحيث يتضمن التفاصيل والسقف الزمني لتنفيذه، وفي هذا الإطار نعلن التزامنا بإجراء انتخابات مجالس المحافظات بالتشاور مع البرلمان والأحزاب السياسية وتهيئة الأرضية للانتخابات وتداول السلطة عن طريق صناديق الاقتراع».

من جهتها، أصدرت كتلة التغيير المعارضة تصريحا صحافيا حول البيان الذي أصدره البرلمان الكردستاني، أول من أمس، والذي تضمن 17 نقطة تتعلق بالوضع الراهن والمعالجات التي يقترحها البرلمان لتجاوز الأزمة. وجاء في التصريح: «إن طرح مضمون البيان على التصويت بالشكل الذي حصل وحرمان النواب من إجراء المناقشة النهائية عليه قبل الطرح على التصويت يعتبر إجراء غير قانوني ويخالف تعهدات رئاسة البرلمان، كما أن البيان الذي صدر على شكل قرار لم يحدد أي آلية أو سقفا زمنيا لتنفيذ بنوده، ولذلك نحن نطالب بما يلي: تنفيذ مضامين النقاط المتعلقة بسحب القوات ووقف الاعتقالات وإطلاق سراح المعتقلين خلال 24 ساعة، واستدعاء رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والبيشمركة إلى البرلمان خلال أسبوع واحد، وهدفنا من استدعائهما هو سحب الثقة منهما لأننا نعتبرهما مسؤولين مباشرة عن تداعيات ما يحدث في كردستان».